هدى الصابرة..رجل في جسد أنثى
كريم هاشم العبودي/
يعد الالتباس النوعي أو الجنسي إحدى الحالات الطبية الفريدة والنادرة من نوعها التي يولد بها مولود لا هو بالذكر ولا هو بالأنثى، ولكنه يحمل الأعضاء التناسلية للذكر والأنثى معاً.
وهذه الحالات النادرة كان الطب يقف أمامها في الماضي في حيرة، ومع التقدم والتدخل الجراحي والعلاجي استطاع الطب حسم هذا الأمر وإزالة الالتباس للحالات النادرة التي كان يتم الكشف عنها بالمصادفة، أصبحت الآن في تزايد مستمر وتؤرق مضجع الكثير من الأسر.
وقد يتبادر إلى ذهن البعض ونحن نتحدث عن الجنس الثالث أننا نتحدث عن فضيحة اجتماعية أو جنسية، إذ التبس مفهوم الجنس الثالث فاختلط بمفاهيم الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية، ونسي من ينظر هذه النظرة القاصرة للجنس الثالث أنه واقع إنساني واجتماعي لا يمكن تجاهله، والمصاب بهذا المرض لم يختر ما هو فيه، أي لم يختر هويته الجنسية القلقة التي هو عليها.وبالرغم من السماح بالعمليات المصححة للجنس لأسباب طبية أو لتصحيح عيب خلقي فان شبح العادات والتقاليد في بيئتنا العراقية بات مصدرا مؤرقاً للمتحولين جنسياً، الذين تجبرهم حالتهم الصحية على ذلك.
فما مصير هؤلاء في العراق؟ وما الباب الصحيح الذي عليهم أن يطرقوه لمعالجة نفسياتهم وأجسادهم؟
ولدت أنثى ولكن!
لقد ولدت أنثى ومظهري أنثى ولكن لم أشعر يوماً واحداً في حياتي بأنني أنثى!
هكذا بدأت هدى التي اختارت أسم رجالي وهو هادي/ مواليد 1966 حديثها أو حديثه، فهي مازالت تجهل حقيقة جنسها وهويتها!
عانت هدى منذ صغرها من مرض اضطراب الهوية الجنسية، وللأسف لم تعرف حقيقة مرضها إلا في سن البلوغ، ما دفعها للبحث والتحري فهي تشعر، وكأنها ذكر وأنثى في جسد امرأة!
تحدثت هدى عن جزء من قصة حياتها, بالقول:
– منذ ان كان عمري ثماني سنوات اصبح عندي احساس الكره.. أكره ضعف الفتاة واعشق قوة الرجل.. فبدأت العب مع الصبية واذهب للحلاق الرجالي واصبحت منذ ذلك الحين (هادي) وبدأت بعض الفتيات بالاعجاب بي وارتبطت بعلاقات مع بعض النساء وكانت مجرد تبادل احساس وعشق فقط وليس لي عاطفة تجاه الرجل ابداَ، الا اني اشعر باني ذكر، بمشاعري وتفكيري ذكر اعشق مجالسة الرجال في الطرقات والمقاهي, ولقد حاول الأهل الضغط علي لأعود انثى لكني لم استطع وحاولت الانتحار مراراً ولم اتقبل واقعي كأنثى ومررت بمواقف صعبة في السيطرات الأمنية عندما يطلبون هويتي كأنثى, حيث لا يصدقون بأني امرأة الأمر الذي يسبب لي حرجا شديدا هذا فضلا عن تعرضي اليومي للكلام الجارح والتعليقات من قبل بعض الناس.
فقدت الأمل في الحياة
وتتابع: في أحد الأيام حدث انفجار ارهابي ادى الى وفاة والدتي نتيجة اصابتها بجلطة بسبب الانفجار, ولحقها والدي بعد اربعين يوما, فاسودت الدنيا بعيني بعد فقداني والدتي ووالدي.
وتستدرك: فقدت الأمل في الحياة وها انا انتظر قدري لا سيما بعد ان فقدت كل شيء في حياتي والدي والدتي وبيتنا بعد تهديدنا بالسلاح من قبل عصابات اجبرتني على ترك منزل العائلة.. وبعد ان تعرض الى سرقة كل ممتلكاته ومحتوياته, واصبحت اتنقل من منزل الى منزل, وقد شعرت باحراجات من السكن في منزل أشقائي وشقيقاتي كوني لا اريد ان اسبب لهم المشاكل.. لذا أطالب اصحاب الشأن لا سيما الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني بمد يد العون لي قبل ان يحين قدري المحتوم, حيث بدأ مرض السرطان ينهش جسدي ويسبب لي آلاماً مبرحة..
• أين تجدين نفسك الآن.. وإلى أي جنس تنتمين؟
ـــ في الحقيقة هناك العديد من الأشخاص الذين يرغبون في تحويل جنسهم من ذكر إلى أنثى أو العكس ويصنفون أنفسهم مع الفئة التي على مزاجهم، أما بالنسبة لي فأنا لم أرغب في تحويل جنسي، ولكن عندما علمت عن وجود هذا الشيء بداخلي أصبحت غير مصنفة لنفسي، بل الله هو من صنفني وخلقني هكذا.
• هل تفضلين مصادقة الفتيات أم الذكور؟
ـــ الاثنان معاً، فأنا لدي العديد من الأصدقاء ذكوراً وإناثاً، وأستطيع أن أتفاهم مع الاثنين، فأنا أفهم نظرات الفتاة للفتاة ماذا تعني، ونظرات الشاب للشاب ماذا تعني، لذا أشعر أنني بين الاثنين وأنا في الوسط.
• هل ترين في شخصيتك نوعاً من الجدية البعيدة نوعاً ما عن الصفات الأنثوية.
ـــ أنا أجمع بين الشخصيتين، فأنا أتسم بالجدية والحزم، وبعيدة نوعاً ما عن الصفات الأنثوية كالدلع والنعومة وغيرهما من الصفات، ولكنني في الوقت نفسه أمتلك صفات الفتاة العراقية الطيبة الحنونة.
ارغب بأجراء عملية
وتضيف: كما أنني أشعر بأن عقلي وتفكيري أكبر بكثير من عمري، وهذا الشعور يراودني منذ أن كنت صغيرة في العمر، فأنا أحب مجالسة ومصادقة من هم أكبر مني سناً، وأحب مطالعة وقراءة الكتب بشكل جنوني، حيث توجد لدي مكتبة تحتوي على مئات الكتب بين عراقية وعربية.
• حدثينا عن طفولتك والأجواء التي عشت فيها.
– كانت طفولتي مختلفة عن بقية الفتيات، فقد كنت ألعب بألعاب الأولاد مثل ركوب السيارات، وكنت أتسلق الأشجار، أي إن تصرفاتي كان فيها نوع من الشقاوة، كما أنني كنت ألعب مع الفتيات ولا توجد لدي أي مشكلة.
• هل استشرت طبيبا نفسيا ليساعدك في إيجاد حل لموضوعك؟
ـــ استشرت العديد، ولكنني لم أجد من يساعدني أو بالأحرى لم أجد الشخص الذي يستطيع أن يستوعب الفكرة، والغالبية لم يأخذوا الموضوع بشكل جدي، وكانوا يأخذون الموضوع بشكل طبيعي وفي كل مرة أستشير فيها طبيبا مختصا كنت أواجه ردات فعل غريبة، إما أنه لم يفهم الموضوع أو أنه لم يستوعب الأمر ويقول لي: نعم أكملي.. بمعنى أنها مجرد مشكلة كبقية المشاكل وسوف تحل بسهولة.
لا أفكر بالزواج
• ألا تحلمين كبقية الفتيات بالفستان الأبيض والزفة وليلة العمر؟
ـــ على الإطلاق، لا أحلم بفستان أبيض ولا حتى أسود، ولن أقدم على هذا الأمر قبل أن أتأكد أنا من أكون؟ فتاة أم شابا وعندما أعلم حينها سأتمكن من أن أنطلق إلى الحياة.
• كلمة أخيرة تودين قولها للناس.
ـــ أود أن أقول انه يجب على الناس أن يتثقفوا أكثر عن حالتنا ووضعنا فمازال الكثيرون يجهلون كيفية التعامل معنا، ويسخرون منا. فالموضوع بحاجة إلى الكثير من الوعي من قبل الإعلام، الذي تقع على عاتقه مهمة التوعية باستخدام الأساليب العلمية الطبية التي تبرز حقيقة الشخص المتحول كمريض بحاجة إلى العلاج. كما يجب استخدام المدخل الديني لإفهام الناس أن هذا الأمر إنما هو ابتلاء من الله