Clubhouse

1٬017

علاء هادي الحطاب /

أتاحت وسائط التواصل الاجتماعي للفرد التواصل مع مختلف التوجهات والآراء والأفكار والشخصيات، بغض النظر عن اختلاف أماكن تواجدهم وطبيعة شخصياتهم وميولهم الايديولوجية وحتى النفسية، ولهذه القفزة الكبيرة في عالم التواصل أهمية كبرى جعلت العالم قرية صغيرة بالنسبة للفرد في أن ينتقل بين محطات مختلفة ويطلع على تجارب ربما لم يستطع التعرف عليها طيلة حياته؛ لولا هذه التقنية الكبيرة التي قدمت للبشرية منافع كثيرة، بالمقابل تم استثمارها بشكل سيّئ من قبل لم يُحسن استثمارها ككل الخدمات التي تُقدَّم للبشرية.
إحدى هذه الوسائط المهمة تطبيق Clubhouse الذي يشتغل على مساحة الحديث الشفاهي المباشر بين عدد من الأفراد في غرفة دردشة مغلقة بين المتحاورين ويتم تحديد موضوع معين للنقاش ويتم إعطاء الدور للحديث من قبل المشرفين على إدارة هذه الندوة الالكترونية.
من حيث المبدأ هكذا نوع من التطبيقات مفيدٌ جدَّاً، لا سيما أنَّه شفاف لمرحلة لا يستطيع مرضى النفوس المشاركة بأسماء وصفات وهمية ولا يمكن فبركة الطروحات واستغلالها بين الخصوم، كما أنَّه يُمكِّن الفرد من معرفة الآخرين بشكل مباشر وواضح عن طريق الحديث معهم؛ لا عن طريق السماع عما يُقال عنهم أو يُفترى عليهم، كما أنَّه يمنح الفرد فرصة الحديث والاطلاع على أفكار وتجارب وطروحات الآخرين ومن مختلف البلدان والأديان والقوميات والطوائف والاثنيات الأخرى، وهذا بحد ذاته خدمة كبيرة يقدّمها العلم والتطور التكنولوجي للأفراد الساعين إلى التواصل مع مختلف التوجهات والثقافات، وكذلك إيصال ما يريد إيصاله من أفكار وثقافات بشكل مباشر إلى الأفراد الذين يرغب بإيصال تلك الثقافات والايديولوجيات اليهم.
اعتقد أن تجربة كهذه فرصة ثمينة لمن يستثمرها بالشكل الصحيح ويمكنها أن تقرّب المسافات بين مختلف الأفكار التي تزداد تباعداً وافتراقاً بناءً على المسموعات وما يُكتب عنها من قبل طرف أحادي الجانب من دون توضيحها أو مناقشتها، لذا تُبنى عليها مواقف أحادية من الجانب الآخر.
يبقى علينا كمشتغلين ومهتمين بالجانب الفكري والمعرفي والثقافي والإعلامي ندّعي سعينا الوصول إلى مساحات التقاء وتقارب بين ثقافتنا مع الآخر أن نُحسن استغلال هذه التجربة من خلال توجيه الحديث داخل هذه المنصة بشكل يؤدي إلى التفاهم لا الخلاف وإن اختلفت الأفكار والطروحات، وأولى خطوات ذلك عدم تخوين الخصوم وبإصرار مسبَّق، لأنَّ مجرد تخوين الآخرين يدفعه إلى تخوين مقابل وبهذا تنتهي الحاجة إلى الحوار وتواصل الأفكار في ما بيننا.