فــي فيلم “(أحدب نوتـــردام”) التنمُّر والكره وجهان لتربية واحدة

162

آية البهادلي /

يظلُ الانسان (المختلف) وحيداً حتى يعثر على ضحكاته ومحبته وقبوله في نفوس الآخرين، وهنا تحديداً يحتاج إلى (العدالة) التي تضمن عيشه بين الناس دون تنمرٍ على شكله، أو خوف من قبح النظرات والمحيط الممتلئ كراهية مبطنة قد تظهر بمجرد أن يختلف الإنسان عن الآخرين، سواء بإرادته أو بغير إرادته، كما حدث مع بطل فيلمنا لهذا العدد، الشاب (كوازيميدو)، أو كما يطلقون عليه (أحدب نوتردام)،
كان يعاني من اعوجاج في ظهره ويحلم بنيل المحبّة من الناس في عالم متحيز يرفض قبوله أو وجوده لمجرد أن شكله غير جميل، غير أنهُ يتحمل النبذ ويصر على التمسكِ بالأمل والبحث عن نوافذ اللطف الكثيرة الموجودة في الحياة.
في فيلم (أحدب نوتردام) قصة إنسانية تدعو إلى التعايش والتعامل الطبيعي مع جميع البشر، مهما كانت أشكالهم مختلفة ولا تشبهنا، لأن الجميع متساوون في العيش الكريم، لذلك ننصح العائلة بأكملها بمشاهدة هذا الفيلم الذي يحفز الروح الإنسانية في ذوات أطفالنا ويذيب الفوارق الطبقية والشكلية والاجتماعية، علماً أن الفيلم متوفر على شبكات الإنترنت كاملاً ومدبلجاً إلى العربية، فلا تضيعوا فرصة المشاهدة.
يلا نتابع الفيلم:
تبدأ أحداث الفيلم مع شخصية كوازيميدو، وهو شاب أحدب يعاني من تحدب ظهره واعوجاج وجهه، ولد لأسرة من الغجر، شهد حبس أبيه وقتل أمه على يد القاضي (فرولو) عندما أرادت الهرب بابنها، فأخذه القاضي ووضعه في كنيسة نوتردام تكفيراً عن ذنبه، ينضج كوازميدو ويكبر ومعنى اسمه “نصف إنسان” داخل الكنيسة، ويعيش منطوياً بخوف من الناس وسخريتهم لفترة طويلة من حياته، يراقب المدينة من أعلى الكنيسة أملاً في أن يشارك الناس أفراحهم، ويتحدث معهم لكنه لا يستطيع عصيان فرولو ولا كسر أوامره، بعد ذلك يشاهد التماثيل الثلاثة، الذين يصبحون أصدقاء كوازيمودو، لكنه يبدو حزيناً لعدم قدرته على النزول إلى الشارع والاحتفال ومشاركة الناس في أحد المهرجانات، إلى أن يجازف بصعوبة فيخرج إليهم، ويرقص معهم ويغني. كان كوازيميدو ولأول مرة يواجه شعور الحرية والاختلاط بالناس، لذا فإنه كان سعيداً بهذه الخطوة إلى درجة أنه نسي أن فرولو قد يؤذيه فيما لو وجده يرقص في الشارع..
في البدء، الجميع توقعوا أن كوازيميدو متنكر بوجه مخيف لأنه في مهرجان، لكنهم حينما أدركوا أن وجهه حقيقي قيدوه، وبدأوا بقذفه بالطماطم والحجارة، ولم يساعده أحد، سوى الجميلة (أزميرالدا)، الفتاة التي تحاول حماية كوازيميدو وتصبح صديقته، لأنها أيضا مطاردة بسبب كونها غجرية، وحينها تستمر الأحداث تصاعداً، ونحن بالطبع لا نريد أن نحرق النهاية عليكم، لذا نترك لكم إكمال مشاهدته.
مشاهد تلفت النظر:
العلاقة الوثيقة والهم المشترك ما بين كوازيميدو والغجرية المطاردة الجميلة أزميرالدا يعطيان انطباعاً بأن المظلومين والمنبوذين دون سبب فقط لاختلاف أشكالهم، يمكنهم أن يكونوا سنداً لبعضهم كحماية من ظلم المجتمع، إذ ساعدت أزميرالدا، التي تجري مطاردتها أيضاً فقط لكونها غجرية، كوازيميدو الذي لم يتقبل أحد شكله البشع سوى التماثيل، فمنحته هذه المساعدة قدرة على إبراز طيبته وقوته التي تأتي من شغفه ورغبته الشديدة في فعل الخير لأصدقائه، والملاحظ أيضاً أن هنالك شبهاً يثبت القوة حتى مع العيوب الجسدية لأن الثقة العميقة تأتي من الداخل، وأن تجاهل التشوه لإنقاذ الآخرين ينبع من الإيمان بحب الحياة.
بماذا أنصح عائلتي:
الطيبة، اجعلوا الطيبة وجبة رئيسة في التربية وحب الجميع دون استثناء، فإن لهما قوة خارقة على صنع المعجزات في نفوس الأبناء، وألا نتنمر أو نسيء معاملة الآخر بسبب مظهره أو لونه، وكما شاهدنا أن القوة الأخلاقية للقصة لا مثيل لها، مع موضوعات مهمة جرى ذكرها في الفيلم، مثل إساءة استخدام السلطة المتفشية، واضطهاد المحرومين، والتحيز، وأن القوة التحويلية للوداعة واللطف هي التي تدوم ويبقى لها الاثر الأكبر. باختصار هي حكاية خالدة مليئة بصناعة الشخصية والقوة والجمال بما يكفي لإثارة مشاعر لا حصر لها.