بثينة الناصري: الملهمة

191

نرمين المفتي/

إنها من السيدات اللواتي لا يترددن في التصريح عن أعمارهن الحقيقية، فالعمر بالنسبة لها ليس عدد السنوات، بل إنه مصالحة مع النفس وتحقيق أهداف والمحافظة على طيبة القلب وشباب الروح.
صارت لدينا مصطلحات أوجدها العالم الافتراضي، أو الرقمي، من بينها، للمثال وليس الحصر، الملهم والمؤثر.. لكن كانت هناك بيننا شخصيات ملهمة ومؤثرة قبل الثورة الرقمية. هنا لن أشير إلى الأنبياء والرسل، لأنهم خارج المقارنة، كما أن هناك شخصيات تاريخية ملهمة ومؤثرة أيضاً، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن ليس كل التاريخ صحيحاً أو خالياً من الأساطير.
بثينة الناصري، صاحبة منجزات، مجاميع قصص قصيرة وترجمات ونشر كتب، ورحالة، نجحت فيها جميعاً، وبامتياز. ومذ عرفتها، وجدتها حتى في أصعب الظروف، تتعامل مع نفسها أولاً، ومع الآخرين والظروف ثانياً، بقرار لا يأس فيه. ممتلئة بالطاقة الإيجابية دائماً.
مرة أخرى، قبل ابتكار تداول هذا المصطلح بهذه الكثافة، فإن بثينة من السيدات اللواتي لا يترددن في التصريح عن أعمارهن الحقيقية، فالعمر بالنسبة لها ليس عدد السنوات، بل إنه مصالحة مع النفس وتحقيق أهداف والمحافظة على طيبة القلب وشباب الروح. تعودت بثينة، دائماً، أن تضع هدفاً قبل الاحتفال بيوم ميلادها، ليكون تحقيقه هديتها لنفسها. وهكذا على مدى سنوات صداقتي معها، دائماً كانت هداياها لنفسها ملهمة للآخرين. ففي سنوات الحصار القاسي مثلاً، أهدت نفسها دار نشر في القاهرة، حيث تقيم منذ عقود، لنشر نتاجات العراقيين المحاصرين، وهكذا نشرت على حسابها العشرات من الكتب. وقبل سنتين قررت أن تكون مخرجة أفلام، وتهدي نفسها وإياناأفلامها. دخلت دورة مع شباب لدراسة كل الخطوات المطلوبة لإنتاج فيلم وإخراجه، وأهدت نفسها أول أفلامها (حظ السلاحف). سيناريو الفيلم الذي أنتجته على حسابها، كان إحدى قصصها القصيرة.
شاركت في مهرجانات عديدة ونالت العديد من الجوائز، ومن ثم توالت مشاركاتها بأفلامها الأخرى وكانت دائماً تذكر لإدارة المهرجانات بأنها مخرجة شابة، بغض النظر عن عمرها، واستمر حصدها الجوائز. ولعيد ميلادها المقبل في كانون الثاني، قررت أن تهدي نفسها قفزة مظلية، وها هي تدخل دورة تدريبات قاسية لتعلم القفز بالمظلات، وستنجح، وربما ستكون عمراً أكبر سيدة عربية تقفز بالمظلة، لكنها تبقى دائماً بروح شابة تلهم الآخرين المواجهة مع الأحلام.. وتحقيقها.