ظلال عابرة

271

نرمين المفتي/
قدمت المسرحية تساؤلات وجدانية، من بينها: هل أن الأعمال التي يرتكبها الإنسان في حياته ستبقى تلازمه في عالم ما بعد الموت؟
لم أتوقع وأنا في طريقي إلى مسرح الرشيد لحضور مسرحية (ظلال عابرة- Passing shadows) لفرقة المسرح الإنكليزي في العراق، بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح، بأنني سأحضر عرضاً مميزاً مع جمهور مميز أيضاً. كتب المسرحية وأخرجها د. صباح سالم، الأستاذ في قسم اللغة الإنكليزية في كلية اللغات – جامعة بغداد، وقدم أدوارها طلبة القسم، الحاليون والمتخرجون. كانت المسرحية باللغة الإنكليزية، والعربية باللهجة المحكية العراقية. هنا أشير إلى الملاحظة الوحيدة، وهي أن نظام الصوت لم يكن جيداً.
في لقاء على فضائية (آفاق)، قال د. سالم إنه أخذ ثيمة مسرحيته من مسرحية (مكبث) لشكسبير، التي وردت فيها جملة أوحت له بالعنوان وهي (life’s but a walking shadow – ليست الحياة إلا ظلاً ماشياً). قدمت المسرحية تساؤلات وجدانية، من بينها: هل أن الأعمال التي يرتكبها الإنسان في حياته ستبقى تلازمه في عالم ما بعد الموت؟ وهل أن المهاجر الذي يدفن في مقبرة غريبة سيحشر مع الغرباء أو مع قومه؟ المسرحية، كما قالت الدعوة، “سريالية، كوميدية وتراجيدية معتمدة على عناصر العبث.” تتحدث عن شاب عراقي حاول الهجرة غير الشرعية، وقبل وصول قاربه يقضي غرقاً ويدفن في مقبرة إنكليزية. ومع ساعات الليل، يستيقظ الموتى لتجد الليدي مكبث الدم على يديها، هو الدم نفسه حين حرضت زوجها على قتل عمه الملك العجوز. يخيفها الدم ويحاول المهاجر العراقي أن يقنعها بشرب الماء الذي يأتيها به، فالماء من دجلة والفرات يشفي المرضى، لكنها تموت، ليقول إن “هذا الماء لا يشفي من تلطخت يداه بدماء الأبرياء.”
كان الممثلون والممثلات، وهم هواة، رائعين في تعاملهم مع النص والمسرح، ينطقون الإنكليزية بسلاسة، بدون توقف أو أخطاء. كانت الأزياء، الملك والملكة خاصة، جميلة. كان المسرح ممتلئاً الى درجة أن العشرات حضروا المسرحية واقفين. كانت غالبية الحضور من الشباب، طلبة الجامعات، كانوا أنيقين بملابس بسيطة، لم اسمع رنة الجوال إلا مرة واحدة، ولم أسمع صوت طفل يبكي إلا مرة واحدة. كانوا يستمعون جيداُ ويعرفون متى يصفقون.