في رثاء طائر الأيك!

146

جمعة اللامي/

حكايتها مثل أية حكاية بسيطة معبّرة، ولولا أنها حدثت في أميركا، حيث أخبار الجريمة المنظمة، ومكائد “الدولة العميقة”، لقلنا إنها حدثت في “ألف ليلة وليلة”،”وإياك ومصادقة الكذاب، فإنه كالسراب،
يقرّب إليك البعيد، ويبعد عنك القريب”
(الأمام علي بن أبي طالب)
… وأسعد الله أوقاتكم، وعطر أزمنتكم باليُمن والياسمين، وبوأكم غرفة عالية عليّة، فوقها فضاء من كَرَمٍ، يعلوه كرمٌ، وعن يمينه وشمالهِ، أهل كرامة، يقرون الضيف، ويرفعون الحيف، وينجدون المظلوم، ويعرفون قيمة الصديق.. كالسيدة ماهافي. وربما يوجد بيننا من يخص السيدة الأميركية آنا مودي ماهافي بهذا الدعاء، أو يزيد عليه كلمة من أقوال عيسى (عليه السلام)، ثم يُهديه إلى السيدة آن ميستي وايت، مواطنة مدام ماهافي.
هكذا الأبدان تنظف، بعدما تشفّ الأنفس.
فلا تقربن أخي الكريم رجلاً أحمق، لأنه يريد أن ينفعك، فإذا به يضرك. هكذا قال علي بن أبي طالب، عليه السلام . ثم إياك ومصادقة البخيل، فإنه يقعدُ عنك أحوج ما تكونُ إليه. وإياك ومصادقة الفاجر، فإنه يبيعك بالتافِه. صدق والله أبو الحسن رضي الله عنهما، فالصديق الصدوق مسك عاطر: ولَبْخَة منه مروءة وكرم وإحسان وتواضع، إن وضعتها على جرح، ربما بعمق جراحات أيوب عليه السلام، فإنه يبرأ بإذن الله.
وتلك هي مدام آن ميستي وايت، فيما نحسب، وحكايتها مثل أية حكاية بسيطة معبّرة، ولولا أنها حدثت في أميركا، حيث أخبار الجريمة المنظمة، ومكائد “الدولة العميقة”، لقلنا إنها حدثت في “ألف ليلة وليلة”، أو إنها إحدى نكات عبد الله بن المقفع. لكنها المُضغة التي في قلب هذا المخلوق البشري، كما يعيد تعريفها سيد الخلق، عليه وعلى آله أفضل الصلوات والسلام.
وفي الجراب حكايات كثيرة.
تكتب إليّ شابة رقيقة عفيفة، حكايات لا صنو لها في جمالها ووفائها، عن طائر الأيك، الذي يموت بعد فترة، إذا ما نفقت (والله لأقولن: ماتت) رفيقته. ومن جانبي سأعيد دعائي للسيدة آن ميستي وايت، التي عثرت على خاتم فقدته صاحبته في عام 1929، حسب صحيفة (ممفيس كومايشال أبيل)، فأخذت تتحرى مَنْ كان يضعه حول إحدى أصابعه، أو يتختم به، فعثرت عليه، فإذا بها سيدة بلغت من العمر عتياً، وأنها فقدت الخاتم عندما كانت طالبة في المدرسة الابتدائية.
هكذا وإلّا.
بعد 70 سنة يعود إليها خاتمها، بسبب أمانة وصدق امرأة من عامة الناس. وهذه الأخيرة مثل الكلام الذي يبرئ سقم العليل.
والآن، خبرني بربك بشيء ما عن ذلك الذي هو مثل ملح على جرح، بل على جرح مفتوح.