الاقتصاد الرقمي.. نحو صناعة تكنولوجيا مالية معاصرة

62

علي كريم إذهيب/
بدأ العراق، في السنوات الثلاث الأخيرة، بالتوجه نحو تنويع موارد الدولة المالية، في خطوة تتطلب وقتاً وجهداً حكوميين وشعبيين لتقليل الريعية النفطية في العراق، الذي يعتمد بنسبة تصل إلى 96% على الإيرادات المالية المتحققة من بيع النفط الخام، وفق مستشار الحكومة للشؤون المالية الدكتور مظهر محمد صالح في تصريحات صحافية سابقة اطلعت عليها “الشبكة العراقية”.
إن بروز ظاهرة (الاقتصاد الرقمي) يعني اقتصاداً يقوم على التقنيات الرقمية والمعلوماتية والاتصالات، إذ تؤثر التحولات الرقمية في جميع المجالات الإنتاجية، وكذلك على النشاطين الاقتصادي والاجتماعي، والخدمات اللوجستية، والتسويق، وخدمات الإدارة العامة. كذلك يوفر الاقتصاد الرقمي التفاعل بين مؤسسات الأعمال في مجالات كثيرة، مثل إنشاء واستخدام تقنيات ومنتجات جديدة، وخدمات الاتصالات، والأعمال التجارية الإلكترونية، والتجارة الإلكترونية، والأسواق الإلكترونية، والخدمات عن بعد.
يقول الأكاديمي الاقتصادي من جامعة الأنبار (الدكتور أحمد حسين بتال) لمجلة “الشبكة العراقية” إنه” في عصر الثورة الرقمية والثورة الصناعية الرابعة، يعد تطوير صناعة التكنولوجيا المالية أولوية مهمة، إذ إن هذه الصناعة ذات أهمية كبيرة لأنها تسهم في نمو الرفاهية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي.”
الذكاء الاصطناعي
يضيف بتال قائلاً: “هناك حاجة إلى دعم شامل لتطوير التقنيات المالية الرقمية الجديدة، وأن أدوات هذا الدعم هي دعم إنشاء وتنفيذ الابتكارات المالية الرقمية، وتحفيز الشركات الناشئة الرقمية، ودعم الشركات في تنفيذ التقنيات المالية الرقمية، وتشكيل سوق رقمية.”
ويشير إلى أنه “من وجهة نظر القطاع الخاص، يؤدي استخدام التقنيات الرقمية وتطويرها إلى خفض التكاليف وزيادة مستوى الربحية والتكيف بشكل أفضل مع متطلبات السوق. ومن المتوقع أنه من خلال تسريع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى التقنيات الرقمية الأخرى التي سيجري استخدامها، إلى جانب البيانات الكبيرة، يمكن التنبؤ بتفضيلات المستهلك، وتعزيز الأمن السيبراني، وتحسين كفاءة كل من الشركات المالية التقليدية والرقمية.”
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي (حيدر الشاهين) إن “الاقتصاد الرقمي هو مكمل للاقتصاد التقليدي، وأنه يشترك في الكثير من عوامل نجاحه، ولاسيما في البنية التحتية غير الرقمية، مع عوامل نجاح الاقتصاد التقليدي، وأن أحد أهم مميزات الاقتصاد الرقمي هو تمكنه من النمو والتوسع بسرعة وسهولة تفوق إمكانيات الاقتصاد التقليدي. وعليه، فإن نجاحه في العراق يعني معدل نمو اقتصادي عاماً أكثر سرعة، ما يعني بدوره خلق فرص أكثر للنجاح في وقت أقل.”
التنويع والاستدامة
ويلفت الشاهين خلال حديثه مع مجلة “الشبكة العراقية” إلى أن “حاجة العراق لتحقيق التنويع والاستدامة في الاقتصاد هي حاجة حرجة ومصيرية بالنظر إلى مستقبل القطاع النفطي المثير للشكوك وطبيعة الإنفاق المتطلبة للموارد في عمل الدولة العراقية، فالنجاح في تطوير الاقتصاد الرقمي هو أحد أهم الإنجازات الستراتيجية التي من المفترض الاستثمار فيها الآن.”
وبشأن مقومات نجاح الاقتصاد الرقمي، يبين الشاهين أنها “تعتمد على تشريعات وتنظيمات بناءة، ورؤوس أموال مهتمة بالاستثمار، وبنية تحتية مصرفية حديثة، وكفاءات ومهارات حديثة، ومواكبة التطور بإدارة الشركات السباقة في قيادة التحول نحو الاقتصاد الرقمي. كما أن هذه المفاصل جميعاً تحتاج إلى العمل معاً ومراجعة التحديات والفرص والخروج بحلول سريعة لتحقيق الاستدامة في النمو.”
التحول الرقمي
شهدت بغداد انطلاق فعاليات الجولة التجارية لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، التي يقيمها عملاق الصناعة الصينية (شركة هواوي)، التي جمعت أكثر من 200 من شركائها وعملائها من مختلف الصناعات لاستكشاف سبل النمو الجديدة والفوز بمستقبل التحول الرقمي في العراق. يسلط الحدث الضوء على أهمية تطوير نظام شراكات أقوى في العراق، ويحفز النقاش العميق حول كيفية تمكين الحلول الشاملة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للقطاعات الرئيسة، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، والحكومة، والعقارات، والتمويل.
‎وقد أكد نائب رئيس قطاع الأعمال لمؤسسات لهواوي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى (أليكس زانج) على أهمية التحول الرقمي في العراق قائلاً إن “هذا التحول ليس مجرد ضرورة ستراتيجية للعراق، بل إنه طريق لتحقيق نمو مستدام من خلال الاستفادة من التقنيات المتقدمة وبناء شراكات قوية، كما يمكننا تجاوز التحديات وفتح آفاق غير مسبوقة للتقدم في مجالات الحكومة، والتعليم، والرعاية الصحية، والعقارات، والخدمات المالية، إذ تلتزم هواوي بالاستثمار في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العراق وتعزيز نظام الشراكات لدفع عجلة هذا التحول.”
‎كما تحدث عضو مجلس الإدارة الفرعي للبيئة التجارية (رافد عباس خضر)، في كلمته الرئيسة بعنوان “في العراق من أجل العراق”، حين أكد قائلاً: “لقد عملت هواوي في السوق العراقية لأكثر من 20 عاماً، وتكرس جهودها لتصبح مساهماً رئيساً في الاقتصاد الرقمي الوطني، من خلال العقلية المفتوحة وستراتيجية التعاون المستمرة، ستعمل هواوي جنباً إلى جنب مع جميع الشركاء والعملاء لتحقيق نمو ونجاح مشترك وبدء فصل جديد في اقتصاد رقمي مزدهر في العراق.”
حلول متخصصة
‎عرض خبراء هواوي مجموعة شاملة من الحلول المتخصصة في القطاعات المختلفة، كل منها مصمم لتمكين القطاعات الرئيسة في العراق، منها:
‎-التعليم: بناء بيئة تعليمية ديناميكية من خلال بنية تحتية شبكية قوية، ومراكز بيانات آمنة، وحلول الفصول الدراسية الذكية.
ـ الرعاية الصحية: تحسين رعاية المرضى وكفاءة العمليات من خلال أجنحة ذكية، وتكنولوجيا تصوير طبي متقدمة، وحلول شبكات المستشفيات الموثوقة.
‎- التمويل: تأمين البيانات المالية الحساسة من خلال شبكات متينة وحلول تخزين متقدمة، ما يسمح للمؤسسات المالية بالعمل بكفاءة ودفع الاستقرار الاقتصادي.
‎- الحكومة: تعزيز الخدمات الحكومية واتخاذ القرارات من خلال أنظمة المكاتب الذكية، وشبكات الحرم الجامعي المتقدمة، ومراكز البيانات الخفيفة لتحسين العمليات.
‎- العقارات: الاستفادة من تكنولوجيا هواوي لإدارة الممتلكات الذكية، وخلق بيئة مستدامة وفعالة تعمل على تحسين استهلاك الطاقة وتعزز تجارب المستأجرين.
‎كما أكد (جيسون يانج)، مدير الأعمال التجارية لهواوي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، على إمكانيات العراق في النمو الرقمي قائلاً: “نرى إمكانات هائلة في رقمنة الحكومة والشركات في العراق. يضع التزام هواوي بالاستثمار الستراتيجي والشراكات القوية ونهج القيادة المعتمد على الشركاء، الشركة في موقع الصدارة لقيادة هذا التحول الرقمي. كذلك جرى خلال الفعالية تقديم منصة HUAWEI eKit، وهي منصة مصممة للشركات الصغيرة والمتوسطة. هذه المنصة تجمع بين العديد من الوظائف، بما في ذلك التسويق والمعاملات والخدمات وعمليات الشركاء، وتقدم مجموعة من المنتجات التي تشمل منتجات الشبكات وأدوات التعاون المصممة خصيصاً لتلبية احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة. وتعد الجولة التجارية لهواوي، علامة فارقة في رحلة التحول الرقمي لتقديم منصة مفتوحة وتعاونية للسوق العراقية، فقد نالت الفعالية استحسان الحضور وعززت دور هواوي كشريك ستراتيجي في المنطقة من خلال حلولها الناجحة.”