الغرب يلهث خلف الصين في سوق المعادن

141

“الشبكة العراقية”/

تواجه أوربا معضلة كبرى في ظل اتساع هيمنة الصين على سوق المعادن، الذي ظل لعقود طوال تحت هيمنة أوربا والولايات المتحدة الأميركية دون منازع. ومع ارتفاع إنتاج الصين للمعادن الأساسية، ولاسيما النيكل، فإن مصانع التعدين الأوربية لم تعد قادرة على تحمل كلف الإنتاج، إذ عمدت الصين الى خفض أسعار النيكل،
مستفيدة من فائض الإنتاج الضخم بمناجمها في الصين وإندونيسيا وإفريقيا. وقد أرهق التوسع الصيني السريع المنتجين الغربيين، الذين يقولون إن الاقتصاد المحلي الصيني لا يستطيع دائماً استيعاب تدفق المعادن التي تجلبها شركاتها إلى السوق.
ناقوس الخطر
ويدق المسؤولون الغربيون أيضاً ناقوس الخطر؛ ورداً على سؤال الشهر الماضي عن هيمنة الصين على النيكل، قالت (كريستيا فريلاند)، نائبة رئيس الوزراء الكندي، إن السوق غُمرت، وهو ما أفقد الشركات في الأسواق الحرة الجدوى الاقتصادية. وأضافت: “نعتقد أن هذا السلوك يمكن أن يكون متعمداً، ويمكن أن يحدث بغرض دفع الشركات في بلادنا، ولدى حلفائنا، إلى التوقف عن العمل.”
وتستمر الشركات الصينية في النمو، وذلك بفضل سنوات من عمليات الاستحواذ القوية. وقالت شركة (زيجين ماينينغ)، وهي شركة صينية مدعومة من الدولة، إنها ستزيد إنتاج الليثيوم بنحو 85 مرة هذا العام من قاعدة منخفضة، وبـ5 مرات أخرى في العام المقبل. وينبع النمو المتوقع من شرائها عام 2022 لأصول غربية من منجم غير مستغل في الأرجنتين، من المقرر أن يبدأ في ضخ الليثيوم هذا العام.
النيكل والليثيوم
ونقلت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية عن مدير معهد باين في كلية كولورادو للمناجم، مورغان بازيليان، قوله: “الصين لا تقف مكتوفة الأيدي في انتظار أن نلحق بها.. إنها تزيد استثماراتها الضخمة بالفعل في جميع جوانب سلسلة توريد المعادن المهمة.” وأضاف: “خذ النيكل على سبيل المثال، وهو ضروري لبطاريات السيارات الكهربائية، إذ تضخ مصانع المعالجة الصينية المنتشرة في الأرخبيل الإندونيسي كميات هائلة من المعدن من منشآت جديدة ومتوسعة، ما أثر في السوق بصورة كبيرة.”
في الوقت نفسه، علقت شركة التعدين العملاقة (غلينكور)، التي مقرها سويسرا، عملياتها في مصنع النيكل التابع لها في كاليدونيا الجديدة، وهي أرض فرنسية، وخلصت إلى أنها لا تستطيع البقاء على الرغم من عروض المساعدة المالية المقدمة من باريس.
كما قالت شركة (هوريزونتي مينيرالز) البريطانية، التي كان متوقعاً أن يصبح منجمها البرازيلي الجديد مصدراُ غربياً رئيساً، الشهر الماضي، إن المستثمرين أنقذوا البلاد، مستشهدين بزيادة العرض في السوق.
وجرى إغلاق ما لا يقل عن 4 مناجم للنيكل في غرب أستراليا. كما جرى تأجيل أو تعليق مشاريع الليثيوم في الولايات المتحدة وأستراليا بعد زيادة الإنتاج الصيني في الداخل وفي إفريقيا جنوب الصحراء. كما أوقف منجم الكوبالت الوحيد المخصص في الولايات المتحدة عملياته العام الماضي، بعد 5 أشهر من حضور كبار الشخصيات المحلية حفل افتتاحه، ويقول أصحابه إنهم يكافحون ضد الإنتاج الكبير من الصين وإندونيسيا والكونغو الديمقراطية.
وفي العام الماضي، انخفض الإنتاج غير الصيني من الكوبالت المكرر إلى أدنى مستوى له منذ 15 عاماً، وفقاً لشركة (دارتون كوموديتيز)، في حين ارتفعت حصة تعدين الليثيوم داخل الصين أو من قبل الشركات الصينية في الخارج من 14% في عام 2018 إلى 35% هذا العام، وفقاً لشركة (فاست ماركيتس)، وهي شركة تقدم معلومات السلع. وفي الوقت نفسه، زادت معالجة الليثيوم داخل الصين من 63% عام 2018 إلى 70%، وفقاً للشركة.
وقد هاجم التوسع الصيني السريع المنتجين الغربيين، الذين يقولون إن الاقتصاد المحلي الصيني لا يستطيع دائماً استيعاب تدفق المعادن الذي تجلبه شركاتها إلى السوق. وكان نمو مبيعات السيارات الكهربائية في الصين بشكل أبطأ من المتوقع في العام الماضي، وهو ما يعني أن ثمة عدداً أقل من المشترين لإنتاج المعادن في الصين، ما أسهم في تراجع الأسعار العالمية.
فائض الإنتاج
يقول رئيس أبحاث المعادن الأساسية في (فاست ماركيتس)، وليام آدامز: “إنها الطريقة التي تفعل بها الصين الأشياء.. لقد اتجهوا إلى بناء المزيد من القدرات، سواء أكان ذلك في الألومنيوم أو الأسمنت أو النيكل.” وأضاف أن الشركات الصينية “تسعى جميعها للحصول على حصة في السوق، والنتيجة هي الحصول على فائض في العرض.”