هيهات منا الذلة

304

إلى كربلاء تسير الأقدام، بخطوات ثابتة، وإرادة واثقة، وعزيمة راسخة، لمرقدي سيد الشهداء ريحانة الرسول الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام).. مسير نحو العز والكرامة والرفعة، يحمل بين طياته معطيات الوقار والسكينة والهيبة.

عن الملايين الذين يتوافدون من جميع مدن العراق وأريافه، وحتى صحاريه، إلى مرقدي أبي عبد الله الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام).. “الشبكة العراقية” التقت سماحة الشيخ رياض الكعبي، الأمين الخاص لمرقد السفير الرابع للإمام المهدي (عج) ليحدثنا عن تلك الجحافل والجموع التي تشد رحالها نحو البقعة التي اقتطعها الله من الجنة ووضعها على الأرض، فقال:
«كربٌ وبلاء»
ـ بداية لابد من الحديث قبل كل شيء عن اسم كربلاء فهو لم يذكر في تراث العرب القديم، وإنما جاء على لسان الغيب، وسمعه العرب لأول مرة في حديث النبي (ص)، فيما رواه سعيد بن جهمان قال: إن جبرئيل أتى النبي (ص) بتراب من أرض القرية التي يقتل فيها الحسين (عليه السلام). وقيل اسمها «كربلاء». فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «كربٌ وبلاءٌ».
زيارة الأربعين.. امتداد وأهداف
عن زيارة سيد شباب أهل الجنة يقول الكعبي إن “زيارة الإمام الحسين (ع) لها شروط ومضامين، إذا لم تتحقق، تصبح مجرد رحلة قد تكون متعبة مرهقة، وقد تكون ممتعة بالمقاييس الدنيوية، لكن لا تترتب عليها الآثار، ولا تحقق الفضل الذي تتحدث عنه الروايات. لذلك نجد الرواية عن الإمام الباقر (ع)، أنّها تشترط الوعي والمعرفة بحق الإمام الحسين (ع) ودوره، جاء فيها (مَنْ زَارَ قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِي عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَهُ اَللَّهُ فِي عِلِّيِّينَ)، ومن حقّه علينا الطاعة والاتباع والاقتداء.”
من هنا تركز نصوص الزيارات المروية، على أن يقدم الزائر تعهداً بالتزام نهج الحسين (عليه السلام)، والاقتداء بهديه وسيرته، كما تستحضر نصوص الزيارات صفات الحسين، ليستحضرها الزائر، فتكون ماثلة في نفسه، ليتحفز لتطبيقها في سلوكه وعمله. لذا ورد في الزيارة المروية عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) “اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي فِي مَقَامِي هَذَا مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَوَاتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَةٌ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَا مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ وَمَمَاتِي مَمَاتَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ”.
ما ورد في أكثر من زيارة
يمضي الكعبي بالقول: “كما تحتوي الزيارات، ومنها زيارة الأربعين، على التذكير بأصول المعتقدات الدينية، وتعزيز الإيمان بالله تعالى، وتوحيده، والثقة به، والتوكل عليه، فزيارة الحسين دورة معرفية عقيدية أخلاقية، إضافة إلى بعدها الاجتماعي المتمثل بتلاقي المؤمنين، وتأكيد أخوتهم وتماسكهم في ظل محبة أهل البيت (عليهم السلام).”
ويؤكد الكعبي إنه “من الواضح أن المرجعية الدينية، والحوزة العلمية، وإدارات العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة، والمؤسسات الأهلية الواعية، والمبادرات المخلصة، تبذل جهوداً طيبة مشكورة لإنجاح هذه المناسبة العظيمة، وإخراجها بالشكل اللائق. كذلك هناك برامج متعددة للتبليغ الديني في أوساط الزائرين، وبين المواكب، وفي المحطات المختلفة للطرق، حيث تقام صلاة الجماعة، ومجالس تبيين المسائل الشرعية، وتلقى الخطابات التوجيهية، وتنشر الكتب والمطويات التوعوية.”
رسالة أهل البيت
يختتم الكعبي حديثه بالقول: “كما أنّ هناك استقبالاً واستضافة للشخصيات النوعية من مختلف الأديان والمذاهب من داخل العراق وخارجه، وهؤلاء ينقلون انطباعات جيدة عما يرونه ويشاهدونه في هذه المسيرة المليونية العظيمة. وهكذا نأمل أن تصبح هذه المناسبة فرصة ذهبية لإيصال رسالة أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم إلى العالم. لذا نسأل الله تعالى أن يزيدنا رسوخاً في محبة النبي وعترته الطاهرة، وأن يرزقنا زيارة الحسين وشفاعته في الآخرة، وأن يجزل الأجر والمثوبة للزائرين والساعين في خدمتهم، وأن يحقق آمالهم وتطلعاتهم في الخير والأمن والتقدم والإصلاح.”