الحُسَين والدراما العراقية

133

رضــا الـمـحـمــداوي/
يتنوع الإنتاج الدرامي لدينا في العراق، وتشهد شاشة التلفزيون، ولاسيما في الماراثون الدرامي في شهر رمضان من كل عام، العديد من هذه النتاجات الدرامية، ورغم أنَّ رمضان يعتبر مناسبة دينية خالصة، إلا أن النتاجات الفنية في هذا الشهر الفضيل لم تعد تحفل بالدراما التاريخية أو الدينية.

تتكرر هذه الظاهرة مع حلول شهر محرّم (ومعه شهر صفر كذلك)، من خلال الاستذكار السنوي لذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وآل بيته الأطهار في واقعة الطف الأليمة. فعلى الرغم من الحاجة الماسة لغالبية القنوات للأعمال الدرامية التي تستلهم هذه الحادثة، أو محاولة توظيفها واستثمارها في أعمال درامية من أجل تغطية البرنامج العام لبثها الخاص خلال ذينك الشهرين، فضلاً عما تلقيه هذه المناسبة التأريخية وطابعها المأساوي من ظلال حزينة على الحياة المجتمعية العامة وشيوع وانتشار العديد من الطقوس والشعائر الدينية التي تحيي هذا الواقعة وتستذكر مواقفها الصعبة، على الرغم من ذلك كله، نجد أن هناك نقصاً واضحاً وعزوفاً غامضاً من قبل جهات الإنتاج المتعددة عن الإقدام والمبادرة في إنتاج هذا النوع من الدراما، الذي يستفيد من واقعة الطف وما تحفل به وتحمله من عناصر ومقومات ومكونات درامية، ولاسيما تلك التي تستحضر فن الدراما التراجيدية بخصائصها المعروفة، أو من خلال استحضار شخصية الإمام الحسين (ع) نفسه بمواصفات البطل التراجيدي وما مرّ به من مواقف وتحديات صعبة طوال مسيرته الجهادية ورحلته الشاقة الطويلة، ابتداءً من المدينة المنورة وانتهاءً بوصوله كربلاء واستشهاده مع آل بيته في واقعة الطف عام 61 هجرية.
ولو قمنا بمراجعة شاملة وكاملة لتاريخ الدراما العراقية منذ تأسيسها، سوف لن نجد عملاً درامياً مؤرشفاً عن واقعة الطف أو حادثة استشهاد الإمام الحسين (ويصحّ هذا القول على السينما العراقية كذلك)، وهي الحقيقة التي طالما توقفنا عندها وتساءلنا عن الأسباب والموانع التي تحول دون الإقدام على خوض غمار هذه التجربة الدرامية بكل شجاعة وجرأة.
كما أن هذا التقصير سيبدو واضحاً أكثر في معالجة واقعة الطف درامياً بعد العام 2003 مع تأسيس العشرات من القنوات الفضائية وقيامها بإنتاج العديد من الأعمال الدرامية من كل الأنواع والصنوف، إلا أن إنتاج تلك القنوات من الأعمال التاريخية والدينية بقي مشلولاً، وأستذكر هنا طوال السنوات الماضية العديد من المبادرات والمشاريع والأفكار الدرامية في هذا الصدد، التي أعلن أصحابها عن الشروع بها أو قرب البدء بتنفيذها، لكن في النتيجة النهائية لم يكتب النجاح لأيّ منها ولم يُقدم أيّ إنجاز على الشاشة.