الكرم الحسيني ودوره في إنعاش الاقتصاد العراقي

167

ضرغام محمد علي/

أيام الحسين عليه السلام التي تمرّ على العراق ترفع فيها رايات الحداد لشهرين كاملين تحمل معها من الخير لأهل العراق ببركة الإمام الحسين وأهل بيته وصحبه ممن استشهدوا بين يديه الكثير من الخير والتنمية والانتعاش الاقتصادي… لذا فإن الكرم الحسيني اختص العراق وأهله أولا وزوّاره من كل أنحاء العالم الذين يتمتّعون بكرم الضيافة وحسن القرى والأمان ما لا يتاح لهم في أي مناسبة دينية او مكان آخر في العالم بدءا من حسن الاستقبال وكرم الضيافة والخدمات التطوعية كالطبابة وتلبية متطلباتهم حتى الترفيهية منها،
يأتي ذلك إكراما لهذه المناسبة العظيمة وحبا في من يحيي ذكرى مصيبة أهل بيت رسول الله عليه وعليهم الصلاة والسلام أجمعين.
تطور عمراني
التطور العمراني الذي شهدته محافظة كربلاء يفوق مثيلاتها في الفرات الاوسط على الصعيدين الخدمي والعمراني، إذ تعد البنية التحتية في محافظة كربلاء الأفضل في محافظات وسط وجنوب العراق خدميا وسياحيا وعمرانيا، إضافة الى قطاع الطرق والجسور والتشجير والتجميل للمرافق الخدمية بشكل يجعلها صورة طيبة تطبع في نفوس الزائرين وتشجّعهم على الحضور حتى خارج مواسم الزيارة لتوفر سبل الراحة والخدمة التي ترتقي الى مستوى طيّب سياحيا إضافة للانعكاس الايجابي على سمعة المحافظة في السياحة الدينية، يضاف لذلك استثمارات العتبات المقدسة في قطاعات السياحة والزراعة والخدمات لتكون ظهيرا للدوائر الخدمية تجملا لاحتضان زائري الإمام الحسين وأخيه العباس عليهم السلام.
فلسفة الإطعام بثواب الحسين
يشكّل ثواب الإمام الحسين من الطعام وإكرام الضيف نموذجاً متطوّراً من التكافل يختلف عن الزكاة والصدقة، إذ يعدّ طعام الثواب نقطة إزالة الفوارق بين الغني والفقير، كما إن طلب بركة الحصول على طعام وضيافة الحسين لا يقتصر على الفقراء فالاغنياء أيضا يطلبون بدون وجل الطعام الحسيني أملا في الثواب والبركة وهو ما يزيل الحرج عن الفقير في طلب الزاد، كونه لا يمثل علامة فقر وإنما طمعا بالأجر والثواب، وبذلك تحقّق شكلا من التكافل الانساني بين الغني والفقير اللذين يجتمعان على حب الحسين وطلب البركة.
خدمة الزائرين
تشكّل خدمة الزائرين نوعاً من التدريب على مهارات الطبخ وإعداد الموائد وتقديم الخدمات الفندقية لمن يمارسها، فهي تؤهل المتطوعين لاكتساب مهارات يمكن أن تشكل فارقا في سوق العمل المحلية، كون العمل الطوعي طوال مدة الزيارة وبإشراف أصحاب خبرة والاختصاص في هذه المجالات يعدّ تدريبا غير متفق عليه للايدي العاملة غير الماهرة وإكسابها مهارات ولو محدودة تتيح لها التطوّر والبدء بالمبادرات والمشاريع الفردية.
سمعة العراق والترويج السياحي
اكتسب العراق سمعة كبيرة في الكرم وحسن وفادة الضيف وهو ما انعكس على مناسبات أخرى مثل بطولة خليجي 25 التي أقيمت في البصرة وأسهمت المواكب الحسينية في إكرام زائري العراق ونقلت صورة زاهية كسرت النمطية التي أعطاها الإعلام عن واقع العراق في أيام الارهاب، إذ عكست صورة للأمان والكرم وحسن الضيافة وانعكست على السياحة في المحافظات الجنوبية مما حدا بالعديد من الزائرين حول العالم الى التوجه للعراق سواء للسياحة الترفيهية او الدينية وهي ميزة إيجابية.
تسويق المنتج المحلي
تعدّ الزيارة الحسينية فرصة مهمة لتسويق المنتجات الزراعية المحلية التي تشهد منافسة قوية من المستورد، إذ يتم شراء كميات كبيرة من الفواكه والخضار المحلية الطازجة لتغطية الطلب المرتفع عليها لتلبية حاجة المواكب الحسينية مما يشجّع على إيجاد سوق حقيقية للمنتج المحلي بعيدا عن المنافسة من المنتج المستورد.
التوسع خارج مراكز المدن
المواكب الحسينية تتبع حركة الزائرين في طريق الحسين بالاضافة الى الحسينيات الثابتة وبسبب تطور الطرق والخدمات على طوال مسار الزائرين نمت مراكز حضرية خارج المدن وأوجدت تجمعات سكانية جديدة لتخفيف الضغط نسبيا عن مراكز المدن، وبالامكان في المستقبل القريب الترويج إعلاميا لأهمية استغلال هذه الميزة لطريق الحسين عليه السلام لإيجاد حويصلات إسكانية خارج مراكز المدن توزع الكثافة السكانية بشكل لا يضغط على المدن الكبيرة وخلق مجتمعات حضرية في مناطق كانت حتى وقت قريب تصنّف على أنها نائية وبعيدة.
الديمومة والتطور
لم تتراجع وتيرة الخدمة وأعداد المواكب او همّة العاملين المتطوعين لها بل هي في تزايد سنوي يتناسب مع تزايد أعداد الزائرين وهو ما يجعل من هذه المناسبة فرصة للتعريف بأصالة المجتمع العراقي والوجه الحضاري لهذا البلد العريق والترويج للسياحة الدينية فيه ليكون وجهة إنسانية وحضارية مضيئة على خارطة السياحة في المنطقة ببركة حسينية خالصة.