قلعة دهار البارونية.. تحفة هاربة من القرون الوسطى

108

هولندا / آمنة عبد النبي

مُغلفة بالأسرار البرجوازية، تحفة هاربة من قلاع القرون الوسطى، تقف أمامها وأنت مشبع بالذهول الهندسي، ثم تمشي بـ (هداوة) داخل قصة من قصص الخيال التي كنا نسمعها في الطفولة، جمال الحدائق وتصميمها الفرنسي خرافيان، يحتضنها (بارك) جميل تزيد مساحته على الخمسين هكتاراً من العجائب، يربطها مع نهر الراين جسر طويل هو ملك متوارث لعائلة (دهار) البارونية.

تمتاز بأنها صورة مثالية عن قلاع القرون الوسطى في أوربا، إذ تغزوها الأبراج والأسوار والخنادق والبوابات والجسور، وهو ما جعلها أغرب معلم سياحي جاذب في (أوتريخت)، إحدى مدن مملكة هولندا.
حروب وهروب
الكاتب والباحث في التاريخ راجي سلطان، الذي أتمّ عامه الثلاثين بمكوثه في أمستردام، يعد زيارة المغتربين للأماكن التراثية نوعاً من الشغف العراقي لكل ماهو أصيل، فيقول:
“قصتها البرجوازية بدأت بملكيتها، التي تعود إلى عائلة (دهار البارونية) منذ عام 1391، إذ أخذت كإقطاعية من (هندريك فان فوردين)، حين كان الأب خادماً لأمير أسقف مدينة أوتريخت ويتمتع بمكانة رفيعة، فقرر أن يبني لعائلته بيتاً رصيناً آمناً من الحروب والمخاطر، تحول بعدها إلى قلعة. وبمرور الزمن هرمت القلعة بسبب الحروب وهروب أفراد العائلة، فبقيت مهجورة بموت آخر الورثة. بعد ذلك انتقلت ملكية القلعة إلى عائلة (فان زويلين) الذي لم يكن لديه أطفال يرثونه، فزارها أحد أفراد العائلة بعد ذلك وكانت شبه منهارة، وباشر بتجديدها مع تعديلات كبيرة على الديكور والجدران والزخارف والمطابخ الفرنسية والحمامات وبأحدث طراز مع مصاعد مخفية، فأعاد إليها الروح.”
مواريث وإقطاعيات
الفنانة التشكيلية تارا صالح، وصفت القلعة، التي زارتها لأكثر من مرة، بأنها تشبه اللوحة الملتفة بأسرارها، إذ قالت باستغراب:
“أعشق تاريخها وأجده غامضاً، فهي تعرضت للحرق أثناء الحروب وهدمت جدرانها، باستثناء الأجزاء التي لم تكن لها وظيفة عسكرية، لكن آخر من ورثها أحياها من جديد، والغريب أن لهذه القلعة قانوناً في الداخل، هو قانون العائلة، ينص على أن لكل شخص غرفة، فحتى الزوج والزوجة لا تجمعهما غرفة واحدة، باعتبار أن لكل منهما خصوصيته، في دلالة واضحة على حجم الصراعات. والأغرب هو تخلي البنات عن القلعة بعد وفاة آخر رجالها، وقد احتفظن بجزء يسمى (كابيلا) مجاور للقلعة.”
قوانين وتحديات
فيما عدّ المترجم صادق محمد الشمري زيارته للقلعة نوعاً من الترويح عن النفس لشدة جمالها وفخامتها، قائلاً:
“بصراحة إنها قلعة خيالية رائعة وجميلة تستحق الزيارة، تحفة فنية تجسد إبداع الإنسان الهولندي، تنتهي الجولة داخل القلعة خلال ساعتين، مع أنها أكبر وأفخم القلاع، بل هي واحدة من أفضل المنازل التاريخية الأوربية. والجميل أن القلعة تحتوي على أنشطة غريبة وممتعة، مثل معرض (الهوبيت)، أو الساحرات، وهي قطعاً من أفخمِ القلاع في المملكة.”