مرقد عمران بن علي في بابل بطـــــــل معركــــــة (النهروان)

39

عامر جليل إبراهيم
تصوير/ إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية
على مقربة من قرية (الجمجمة) في محافظة بابل، على بعد كيلو متر واحد عن مدينتها التأريخية، يشمخ على أحد تلال المدينة بناء على الطراز الإسلامي، أحد المقامات المدرجة على لائحة التراث العالمي، هو لأحد أعلام الأسرة الهاشمية العلوية وبطل من أبطال معركة النهروان، إنه السيد عمران بن علي بن أبي طالب.
“الشبكة العراقية” تشرفت بزيارة المرقد لتسليط الضوء على هذه البقعة ضمن سلسلة (السياحة في العراق)، لما له من أهمية على مستوى السياحة الدينية العراقية، حيث التقت الشيخ رؤوف الفتلاوي، مسؤول الشؤون الدينية في المرقد ليحدثنا قائلاً:
“يعود المزار إلى أحد أبطال الأسرة العلوية، هو عمران بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، ويعرف في العراق باسم (عمران)، هو من المتقين وأحد أبناء أمير المؤمنين عليه السلام.”
ولادته ووفاته
ولادة السيد عمران غير معلومة، لكن بعض المصادر تقول إنه ولد في سنة 20هـ، وكان استشهاده سنة 38هـ حين أصيب بجروح بليغة عندما كان يقاتل في معركة النهروان مع أبيه الإمام علي (ع)، نقل على إثرها من النهروان إلى الكوفة، وأثناء مسيرهم توفي قرب منطقة الآثار في بابل ودفن هناك.
حفر قبره الإمام علي بيديه
يتوسط المزار الضريح الشريف الذي حفره الإمام علي (ع) بيديه وجعله منخفضاً عن سطح الأرض بعمق 20 متراً، أو ما يوازي 22 درجة سلم نزولاً. في العام 1968أجريت على المزار الشريف تحسينات وإصلاحات عدة، إذ رفعت دكة القبر إلى ثلاثة أمتار بعد عملية دفن الحرم.
للمرقد الشريف شباك من الألمنيوم يبلغ ارتفاعه مترين ونصف المتر، وعرضه متراً ونصف المتر، وطوله مترين ونصف المتر، تعلوه قبة من الآجر، ترتكز إلى بناء مربع طول ضلعه من الداخل خمسة أمتار، تعلوها قبة خارجية مبنية هي الأخرى من الآجر، وترتفع عن مستوى أرض الضريح عشرين متراً.
قبتان وشهداء
عن سبب وجود قبتين، يوضح الشيخ الفتلاوي بالقول: “توجد قبتان في المرقد، ارتفاع الأولى 12متراً، والثانية ارتفاعها 9 أمتار، واحدة للإمام عمران بن علي والثانية لشهداء معركة النهروان، الذين لم تعرف أسماؤهم حتى الآن.” مضيفاً: “في داخل الحرم توجد بئر قديمة مبنية من الطابوق البابلي، حفرها الإمام علي (عليه السلام) تمتاز بمائها (المج) البارد في الصيف، والدافئ في الشتاء، عمقها أكثر من 18 متراً ومنسوب مياهها ثابت لا يتغير.”
مراحل الإعمار
عن إعمار المزار الشريف يحدثنا الأمين الخاص السابق صالح مهدي جواد السلطاني قائلاً: “بعد أن وضعت الخطط ونوقشت، بات المهندسون أمام تحد كبير ووقت قياسي لإكمال هذا الصرح، فقد كان البناء القديم قد شيد منذ زمن بعيد وبأساليب وأدوات بسيطة، استخدم فيها الطابوق والفرشي ومساند ودعامات خشبية متآكلة آيلة للسقوط، وكان القبر بعمق ثلاثة أمتار تحت الأرض، تعلوه قبتان إحداهما أكبر من الأخرى شيدتا بنفس الأدوات والمواد، يكون النزول إليه عن طريق سلالم ذات مساحة صغيرة، بالكاد تكفي لنزول شخص واحد فقط. ونظراً لقدم البناء، كان كثير من الزائرين يخشون النزول إلى السرداب. وفي الثاني من شباط عام 2017م بدأ العمل بنفس المساحة الإجمالية التي تقدر بـ 1550متراً مربعاً، فجرى صب الهيكل الخرساني للأسس وأعمدة السقف، كما استخدم الطابوق المثقب الحديث في البناء الذي كان الإنجاز فيه يسابق الزمن في إكماله، كذلك جرت عملية إعادة القبتين باستخدام هيكل حديدي من (الشيلمان) مع البناء بالطابوق المثقب و(مونة) الجص.”
سحر الأواوين
الداخل إلى الصحن الداخلي، الذي يمتد على مساحة تقدر بـ 600 متر مربع، يفاجأ بسحر تصاميم الأواوين الداخلية، التي بنيت بأحدث الطرق الحديثة للعمارة الإسلامية، التي يبلغ عددها 8 أواوين، كما أحاطت بالصحن الخارجي أبواب خشبية صنعت بأيدي أمهر النقاشين في مدينة النجف الأشرف، وقد طرزت بآيات قرآنية ونقوش إسلامية تحاكي قداسة المكان المطهر، فضلاً عن إعادة إعمار البئر الأثرية داخل الصحن بشكل أضفى جمالية عليه، ليكون المرقد الآن من أجمل المزارات الأثرية والتراثية في محافظة بابل.