ما الذي حدث في مباراة العراق وعمان؟!

347

محمود خوام /

بعد الهدف الثالث للعراق ضد عمان، لم تكن لدي القدرة كي أستوعب ماذا حصل، لكن لحظة واحدة فقط جعلتني أصل إلى مرحلة الإدراك، حين رأيت عيني مشجع عراقي كان لا يمتلك تفسيراً لنظرته، إذ لأول مرة شعرت بأن الأعين من الممكن أن تصرخ، ومن الممكن أن تتكلم بدون تعابير للوجه، بل إنها من الممكن أن ترقص!
نهائي كأس الخليج العربي 25 في البصرة يُمكن القول إنه واحد من أكثر النهائيات المثيرة في تاريخ البطولة، إذا لم يكن الأفضل، نهائي بدأ بصوت ماجد المهندس وقبلته لتراب الوطن، ثم الفنانة القديرة أحلام، في ختام كان يليق بهذه البطولة.
البطولة التي زينتها البصرة منذ اللحظة الأولى حين فتحت يديها لأبناء الخليج العربي، فكانت قِبلة لجميع سكان الخليج. بطولة كان (سندباد) يزينها في كل مكان، ولم نكن ندرك أن شجاعة سندباد ورفضه الهزيمة في مغامراته كانت قد انتقلت إلى لاعبينا، وإلى جمهورنا، وإلى أنفسنا، وإلى وطننا الذي مازال علمه يرفع في كل مكان، ومازلنا نشعر بذات الفخر كلما نرى هذا العلم أمامنا.
لكن لكل قصة هناك تفاصيل، وهناك أسماء، فماذا حصل في نهائي كأس الخليج بين العراق وعمان؟
دخل (كاساس)، مدرب منتخب العراق، النهائي بخطة 4/2/3/1، بينما دخل الكرواتي (برانكو إيفانكوفيتش)، مدرب منتخب عمان، النهائي بخطته المعهودة وهي 4/3/1/2، وفي ذات الوقت لعب بخط خلفي متراجع، وطلب من صلاح اليحيائي العودة لتصبح الخطة 4/4/2 في حال كانت الكرة مع لاعبينا، مع تراجع الخطوط.
البداية كانت مع العراق، الذي امتلك الكرة وسيطر عليها، لكن الوصول كان صعباً بسبب تراجع الخطوط العمانية، كما تحدثنا، واعتمادهم على المرتدات، ولهذا بدأ لاعبونا التفكير بالخطة التالية، وهي محاولة كسر الخطوط العمانية بالتسديدات البعيدة، وفعلاً نجح إبراهيم بايش بتسديدة جميلة جداً في تسجيل الهدف الأول .
إبراهيم بايش، الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في البطولة، أثبت أنه لاعب يمتلك إمكانيات مخيفة، ومرونة تكتيكية مناسبة جداً لكاساس، فخلال البطولة لعب كجناح على الطرفين، كما لعب في عمق الوسط، كذلك كظهير على الطرفين، بدون نسيان أهميته في ربط وسط وهجوم الفريق، ولهذا كان له دور تكتيكي مهم لكاساس خلال البطولة.
استمر المنتخب العماني بالحذر، ولا يمكن لوم عمان على حذرها، بسبب الضغط العراقي، والدافع النفسي القوي، وانتظار لحظة إحراز الهدف. وبدأ برانكو، مدرب عمان، استبدال لاعبيه والضغط على العراق بعد أن انخفضت اللياقة العراقية، وفعلاً نجح العمانيون باصطياد ركلة جزاء، لكن جلال حسن تصدى لها، غير أن عمان ظلت تلعب على التفاصيل الصغيرة جداً، ولهذا تمكنت من الحصول على ركلة جزاء ثانية في اللحظات الأخيرة من المباراة، في لحظة توقعنا فيها أن منتخبنا سينهي المباراة بدون تمديد، وفعلاً سجل العمانيون هدف التعادل.
السيناريو لم يتوقف هنا، فقد بدأ الشوط الإضافي الأول وفشل الطرفان في التسجيل، لكن القصة اتضحت جلية كلها في الشوط الإضافي الثاني، حين سجل أمجد عطوان هدفاً من ركلة جزاء في الدقيقة 115، لكن عمان عادت للتسجيل في الدقيقة 118، غير أن مناف يونس عاد ليسجل الهدف الثالث للعراق في الدقيقة 121. وبكل تأكيد فإن الهدف الثالث للعراق جعلنا ننسى بعض التفاصيل التي يجب ذكرها حول أداء كاساس، ومنتخب العراق بشكل عام.
هل تطور المنتخب تحت قيادة كاساس؟
لا جدال في ذلك ، فقد أصبح المنتخب يستغل الكرة بشكل صحيح، ويحاول صنع منظومة لعب وإيجاد حلول، وهذه هي الخطوة الصحيحة الأولى لبناء فريق بشكل مثالي في كرة القدم وجعله يبتعد عن العشوائية، لكن كانت هناك سلبية تمثلت في إخراج بعض من نجوم المباراة، بسبب تبديلات كاساس غير الموفقة، عكس تبديلات برانكو الذكية جداً. تلك التبديلات كان على كاساس أن يدرسها أكثر، أيضاً، وعلى الرغم من أن منتخبنا قد تطور من ناحية نقل الكرة والضغط الهجومي وبناء منظومة من السيطرة، لكن هناك مشكلات دفاعية واضحة يجب حلها، إذ أن الهدف الثاني لعمان جاء بسبب التمركز السيئ للخط الدفاعي، ولا يمكن أبداً أن تتكرر تلك الأخطاء. كما يجب مدح أمجد عطوان، الذي قدم بطولة ممتازة، وكان العقل المبتكر لمنتخبنا في الخط الأمامي، بينما يمكن القول إن أمير العماري قد حصل على ثقة كاساس لما قدمه من مجهودات فردية، دفاعياً وهجومياً، وكلاعب ضاغط حين يمتلك العمانيون الكرة، وفي توزيع اللعب حين تكون الكرة مع لاعبينا، كذلك لا يمكن نسيان آلاي فاضل الذي مازال عمره 19 سنة، إذ أنه يمتلك هامش تطور كبيراً.
هذا هو منتخبنا الذي فاز بالبطولة الأجمل ، البطولة الأجمل بمبارياتها ، البطولة الأجمل لجمهورنا الذي جعل أعيننا تدمع وهو يزين البصرة ، البطولة الأجمل لأنها جعلتنا نستقبل إخوتنا في الخليج جميعًا .
شكرًا لكل مشجع ، لكل مواطن عراقي ، شكرًا لكل شخص رفع راية هذا الوطن ، شكرًا لإخوتنا في الخليج العربي ولكل شخص وقف معنا .
ولإخوتنا في الدول العربية ، العراق دائمًا وأبدًا سيكون مرحباً بكم ووطننا هو وطنكم .