الرسوخ في ذاكرة المُشاهد.. الممثل بين الكم والنوع

50

محسن إبراهيم

قد تتعدد الأدوار والشخصيات بالنسبة للممثل، منها ما يحقق نجاحاً واضحاً، وأخرى يطويها النسيان، ومابين الكم والنوع يكون الاختيار.
هناك من يعتقد أن الكم في بداية الأمر مهم جداً لترويج الاسم الفني، ومن ثم يكون الاختيار. لكن الغالبية يعتقدون العكس، وأن الدور والشخصية الجيدان هما من يفرضان نفسيهما على الجمهور.

(أبطال) السوشيال ميديا
“الآن، وللأسف أصبح الاختيار يتوقف على مدى تفاعل الممثل في مواقع السوشيال ميديا، وكم عدد متابعيه!” بهذه العبارة ابتدأ الفنان كاظم القريشي، الذي قدم أدواراً عدة، وجسد شخصيات مختلفة، حديثه بهذا الشأن. مشيراً إلى أن “العلاقات داخل الوسط الفني، ومدى قرب الممثل من المنتج أو المخرج، لهما تأثير واضح في توزيع الأدوار والشخصيات. وقد لا يكون لاختيار الكم والنوع دخل في هذه الأمور.” مضيفاً: “هنا أتكلم عن بعض الحالات وليس بالعموم، فالتنوع في الأداء من سمات الفنان الناجح ومن أبسط أدوات الموهبة، وإلا فهو ممثل فقط. وأنا ضد التخصص الدقيق في التمثيل. وحين أؤدي دوراً كوميدياً هو بعيد عن حياتي الشخصية كإنسان، سأكون حتماً في تحدٍّ مع نفسي أولاً، كما حصل حين أديت شخصية كوميدية في مسلسل (غايب في بلاد العجايب)، إذ لم أتعمد إظهار أي شيء على وجهي، أو في حركاتي كما يؤدي الممثل الكوميدي عادة.”
سجن الشخصية
الفنانة ناريمان الصالحي، التي دخلت قلوب المشاهدين منذ أدوراها الأولى، تحدثت عن هذا الموضوع قائلةً: “أنا على استعداد لتأدية ألف شخصية مختلفة، على أن أسجن نفسي في شخصية واحدة، أو أن يتلبسني دور واحد، شريطة أن يكون النوع هو الحاضر في تلك الأعمال.” مشيرةً إلى أنها جسدت دور الفتاة الشريرة في مسلسل (بغداد الجديدة)، بينما كانت شخصيتها مختلفة في مسلسل (آمرلي)، إضافة لتجسيدها أدواراً كوميدية، ودور فتاة ريفية في مسلسل (الكادود).
أدوار مؤثرة
أما الفنانة بيداء رشيد فأوضحت أن “النوعية والكم يخضعان لمعايير معينة.” مضيفةً: “بالنسبة لي، أحب التنوع، ولاعلاقة لي بالكم، وحين أرى نفسي في مشهد واحد، أقدم ما أصبو إليه.” مشيرةً إلى إمكانية وجود أدوار متنوعة مشتركة ما بين الكوميديا والتراجيديا، وبأنها تفضل التنوع حتى وإن كان المشهد قصيراً، لكنه مؤثر، بدلاً عن الكم الذي ربما يعرضها للانتقاد، أو يؤدي إلى ملل الجمهور منها، مبيّنة: “هناك كثير من الفنانين يمكن أن نطلق عليهم (أصحاب الدور الواحد)، اشتهروا بأداء هذا الدور أو الشخصية التي جسدوها، ثم اختفوا بعدها. تضيف بيداء: جسدت خلال مشواري الفني الكثير من الأدوار قبل مسلسل (عالم الست وهيبة)، لكن دوري في هذا المسلسل ترك بصمة واضحة في مسيرتي الفنية، وفتح لي أبواب الشهرة، ومن خلاله عرفني الجمهور وبرزت للمخرجين طاقتي الفنية، لتنهال علي العروض الفنية بعد هذا المسلسل.”
أداء صادق
في حين قال الفنان خليل فاضل: “الدقة في الاختيار هي الهدف الذي يرومه الفنان للتميز، والنوع أهم من الكم، الدقة في الاختيار هي مفتاح نجاح الفنان، حين أفكر في عمل أو أداء شخصية ما يجب أن أكون صادقاً في أدائها، الكم سيدخل الفنان في متاهة، ويشتت انتباهه.” مبيّناً أن الكثير من الممثلين سعوا لتقديم شخصيات متسلسلة، وهذا الشيء غير صحيح. إذ أن كل شخصية يجب أن تمتلك أبعاداً وسلوكاً وأداءً بطريقة خاصة تلائم ماهيتها في العمل الفني. مضيفاً: “هنا يجب أن يكون الاستقرار الذهني حاضراً، أما أن تفكر في أكثر من شخصية عليك تمثيلها في آن واحد أو فترة واحدة، فهنا ستضيع خيوط العمل من يديك.”
ظهورٌ صحي
وتحدثت الفنانة رغد خاتون عن الشخصية وحضورها ورأيها في هذه الموضوعة، فقالت: “النوعية أهم من الكمية، ولا اختلاف على ذلك، الظهور بشكل مميز ونوعي للفنان هو صحي أكثر، إذ لاتوجد فائدة من المشاركة في 30 عملاً فنياً دون أن تضيف هذه الأعمال شيئاً إلى الفنان، أو أن تقدم للجمهور شيئاً مختلفاً، عندها سيكون العمل مجرد ظهور لا أكثر.” تضيف (خاتون): “كل المعايير تعد مهمة بالنسبة لي، بدءاً من حرفية الكتابة والكاتب وطبيعة النص ومساحة الشخصية والمخرج وكيفية إخراجه، وصولاً إلى أصغر شخص موجود في الكادر.” مبينة أن أدواراً عديدة عرضت عليها، إلا أن بحثها عن الاختلاف والأدوار المؤثرة كان هاجسها الأول لقبول العمل من رفضه.