تيسير كامل حسين: الفــــن إكسيـــــر الحيـــــــاة

156

زياد جسام – تصوير/ حسين طالب/
فنانة تشكيلية نشأت في بيئة تحتضن الفن وترعاه، إذ كان والدها الفنان التشكيلي الراحل كامل حسين هو أستاذها وملهمها الأول، فقد خلق في داخلها روحاً تعشق اللوحة، فتأثرت به، ثم انطلقت لتخط لنفسها أسلوباً مغايراً تماماً عن أسلوبه، أصبح بمثابة بصمة فنية خاصة بها.
أخذت ترسم برؤية حسية تختلط فيها الألوان والأشكال والسرد، وتقع تجربتها في منطقة التجريدية التعبيرية، كما أن لديها خبرة جيدة في التأليف الجمالي البصري والحسي، وتسعى إلى بناء نسق من الأشكال يحاكي دواخل الإنسان قبل شكله الخارجي، كما تطمح الى تقديم أفكار جديدة.
حاورناها عبر هذه الأسطر لتحدثنا عن تجربتها الفنية..
* لكل فنان رسالة، ما رسالتك التي تؤمنين بها؟
– اعتقادي بأن الفن هو إكسير الحياة، وأن الموهبة يجب ان تُسخر لخدمة الإنسانية والوجود، وإضفاء الجمال على عالمنا للإقبال على الحياة والاحتفاء بلحظاتها الجميلة، فالفن يحول الحقيقة الى خيال، وكما قال بيكاسو “كل شيء يمكنك أن تتخيله هو حقيقي بالنسبة إليك.”
جناح الخيال
* غالبية الفنانين يقومون برسم “سكيج” مصغر قبل إنتاج لوحاتهم، ماذا عن لوحاتك، هل تقومين بنفس الفعل؟
– بياض (الكانڤاس) بالنسبة لي هو عالمي الآخر الذي أنسجُ فيه من الخيال المباشر، فكلما قمت برسم “سكيج” مصغر لفكرتي التي أود تنفيذها، أجد أن مخيلتي تحلق في فضاء آخر، وتأخذني الفرشاة بعيداً عما قمت بتخطيطه من أفكار، وكأنني أقبع تحت لحظةْ تصور وإلهام جديدة، لتبدأ رواية جديدة، أبدأ برسمها، إلا أنها تظل بلا نهاية ليكملها عملٌ آخر.
* ماذا عن المواد المستخدمة في لوحتك، وهل حاولت تجريب التقنيات الحديثة في الرسم؟
– أعمد دوماً الى استخدام ألوان “الأكريلك” في أعمالي الفنية الحديثة، ومادة “الجيسو”، ومواد مختلفة أخرى في كثير منها، لإضفاء جانب مميز أشعر بانه قريب من روحي، كما أنني عمدت، في الآونة الأخيرة، الى إدخال أسلوب حديث وتقنية جديدة في أعمالي المقبلة، التي ستنشر لاحقاً بعد إقامة معرضي الشخصي الأول، الذي من المفترض ان يكون قريباً، فلا ضير في أن يسعى الفنان الى التجديد والحداثة والتميز في أعماله الفنية.
* كيف يتلقّى المشاهد أعمالك في الرسم بأبعادها التعبيرية، وكيف يتفاعل معها؟
– أترك الإجابة الى المتلقين حصراً، فبالرغم من اختلاف ثقافات المجتمع وطريقة فهمهم الأعمال الفنية التجريدية التعبيرية، إلا أنني أجد تفاعلاً وإعجاباً بطريقة التلوين، والتقنية المستخدمة، ومحاولة فهم العمل، كذلك تجذبهم الألوان الحارة المشعة التي أعمد إليها في أعمالي، لأنها تثير في دواخلهم التساؤلات والتفكير، وهذا يسعدني جداً، فالمهم عندي هو أن أقدم ما يدهش المتلقي، أما الباقون الذين لا يستسيغون هذه الأعمال، فإن لهم كامل الحرية في الرأي، وتبقى الأذواق والثقافات هما من يحددان ذلك.
مشاريع أفكار
* إلى أين تتجه تجربتك الفنية، هل تحبين المغامرة أم أنك أسيرة تكرار التجربة الناجحة؟
– الفن بحد ذاته يعني الابتكار والتجدد والاختلاف، فاذا لم يكن الفنان مغامراً ويخوض تجارب جديدة، فانه لا يتعدى كونه رساماً، لذلك أعمد وأسعى دوماً الى ابتكار أفكار جديدة تدور في مخيلتي، وفي جعبتي الكثير مما أطمح الى تقديمه، وهذا ما أصبو إليه في أعمالي المقبلة. يقول والدي، الفنان التشكيلي الكبير كامل حسين: “إذا لم يكن الفنان مفكراً فهو رسام لا محالة”.
* باعتبارك موظفة.. هل أثر عملك الوظيفي على نتاجك الإبداعي؟
– أنا أعتبر أن ذلك هو التحدي الأكبر في حياتي الفنية، وذلك لكوني ملتزمة بعمل وظيفي، وأسعى أيضاً كي أوفق بين شخصيتي في العمل والفن، إذ لا يوجد إبداع بدون تحديات، وهذا هو المهم، أن أنتج أعمالا جديدة بلا توقف، برغم الظروف وضيق الوقت، لأن هذا يشعرني بقمة السعادة والتفوق، ويجعلني أعمل بجهد أكبر، وأسرق من وقتي كي أستطيع التوفيق بينهما.
* هل تأثرت أعمالك بتجربة الوالد الراحل كامل حسين، وما مدى هذه التأثيرات؟
– نشأت في بيئة تحتضن الفن وترعاه، فوالدي هو الفنان التشكيلي كامل حسين، الذي كان يصطحبني معه دوماً الى (الكاليري)، كما كنا نرسم معاً، فكنت أشاركه الفن والجمال، وكان دائماً يلهمني ويخلق في داخلي روحاً تعشق اللوحة، فتأثرت بالألوان الحارة والبراقة، لكي تجذب المتلقي، التي كان والدي يعمد الى استخدامها في لوحاته، لكنني اتبعت أسلوباً مغايراً تماماً عن أسلوبه في الفن، يتلاءم مع شخصيتي ومخيلتي ويرضي افكاري لكي تكون لي بصمة فنية خاصة وغير مكررة.
* ما مشاريعك المقبلة؟
– أهيئ حاليا لمعرضي الشخصي الأول الذي سوف يقام في العاصمة الحبيبة بغداد، سأعلن عنه قريباً حال استعدادي لإقامته، كذلك عندي أعمال جديدة قيد التنفيذ تحقيقاً لرغبتي في أن أشارك تجربتي مع أصدقائي وأساتذتي في الفن، وأيضاً لكي أحقق حلم والدي بأن أحمل اسمه ليبقى حاضراً بروحه معي.