أغلب زبائنه من المشهورين في عالم الفن والرياضة عقيل جواد.. فانتازيا الحلم الذي تحقق

9

زياد جسام

لم يخطر على بال أي من أصحاب محال الملابس، أو حتى الزبائن، في مدينة الحلة، أن الفتى البسيط عقيل جواد، الذي كان يقضي ساعات طوال جالساً خلف (جنبر) الملابس أو (البسطية) التي كان يتخذ منها مصدراً لرزقه ورزق عائلته، سينتقل، في غضون سنوات، إلى قمة الهرم ويصبح اسماً يشار إليه بالبنان، ولديه ماركة مسجلة في مجال الأزياء والموضة.

ولد عقيل جواد في بابل عام 1983، وبدأ مشواره بهدوء بعيداً عن الإعلام، اشتغل في بداياته في مدينة الحلة بمشروع صغير جداً لبيع الملابس الرجالية، (جنبر) أو (بسطية)، كما يسميها بعضنا بالعامية، وهي عبارة عن طاولة صغيرة تأخذ مساحة من الرصيف، وضع عليها بعض قطع الملابس ليبيعها للمارة. وهنا بدأت علاقة حب بين عقيل والأزياء الرجالية، وكان قد ابتكر طريقة لتسويق بضاعته عن طريق ارتدائه قطعاً من الملابس الجديدة المعروضة لديه، وهذا ما يلفت أنظار الشباب ويدفعهم إلى شرائها. وبعد مرور فترة من الزمن، بدأ الزبائن يتعرفون على عقيل، فأحبوه، وأحبوا ذوقه في الملابس، وصاروا يطلبون منه أن يُنسق لهم ملابسهم التي يشترونها منه على ذوقه، كتشكيل الألوان بين القطع وإضافة اللمسات المكملة، مثل الأكسسوارات وغيرها. وأصبح لعقيل صيت بين الشباب في ذلك السوق الشعبي، وهذا ما زاد ثقة عقيل بنفسه، فأخذ يشتغل على تطوير نفسه وعمله شيئاً فشيئاً، إذ تحول من هذه (البسطية) الصغيرة إلى محل لبيع الملابس الرجالية في سوق الحلة، أطلق عليه اسماً كان يحلم أن يكون ماركته الخاصة، وهو: (فانتازيا)، ويعني تناول الواقع من رؤية غير مألوفة، وهذا ما ينطبق فعلاً على تجارة عقيل وبضاعته المعروضة في هذا المتجر، كونه ينتقيها بعناية فائقة وأناقة متفردة.
رحلة كفاح
لم تكن رحلة مصمم وعارض الأزياء عقيل جواد هيّنة على الإطلاق، بل كانت فيها محطات شاقة ومتعبة نفسياً، إذ لم يكن يمتلك الدعم الكافي للنهوض بمشروعه دفعة واحدة، لذا استمرت المعاناة والتطور خطوة بعد خطوة.. كان يفكر في الليل ويعمل في النهار لإيجاد الحلول التي يمكن أن تجعله في المقدمة، وتمكن من استغلال التكنلوجيا الحديثة في الترويج لبضاعته من خلال تصوير مقاطع فيديو يظهر فيها مرتدياً قطع الملابس الجديدة بطريقة عارض الأزياء الأنيق والوسيم، صاحب الجسم الرياضي الجميل، ويتحدث أثناء التصوير عن الخامة والتفاصيل الأخرى للقطع المميزة بألوانها وفصالاتها. وبالإضافة إلى عمله كبائع في المحل، كان عقيل يقوم في بعض الأحيان بتصميم الأزياء والتنسيق بينها، وكانت تصميماته تحظى بتقييمات إيجابية عالية، يحبها الزبائن، بل يشاركها الجميع وتنتشر بسرعة. ومع مرور الوقت، تمكن فعلاً من بناء اسمه في عالم الأزياء، وكان يحصل على طلبات العملاء من مختلف المحافظات. وعندما بدأ بتحقيق نجاحه، قرر أن يوسع متجره لبيع الأزياء ليصبح له فرع آخر في بغداد العاصمة. وهنا بدأت رحلة جديدة لمشروع عقيل (التجاري الفني) إن صح التعبير، إذ أصبح رواد محله أغلبهم من الشخصيات المشهورة في عالم الفن والرياضة والسياسة وغيرها في العراق، وبدأ بعدها بالسفر إلى الخارج للاستمرار بتطوير نفسه ومهاراته.
عالم الموضة
اختار عقيل البلدان التي تهتم بعالم الأزياء والموضة، ومنها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، حيث اكتشف ثقافات مختلفة شكلت له مصدر إلهام لتكوين رؤيته لفن التصميم والموضة، فالتنوع بين الثقافات والشعوب وسماتها الفريدة مصدر للجمال، وهذا ما ساعده في تطوير ذاته. وفعلاً استطاع ترجمة قدراته الفكرية إلى إبداع ثري في عالم الموضة والأزياء الرجالية، من خلال خبرات اكتسبها بمرور الوقت من مصممين عالميين التقاهم في ملتقيات عديدة بدول العالم، حيث تشكلت لديه رحلة النمو الفني المستمر الذي لا ينتهي، ولا شك أن هذه الرحلة هي التي دفعته إلى الأمام، حتى وصل إلى ما هو عليه الآن، فهو اليوم يعتبر مصمماً وعارض أزياء مهماً، وواحداً من المبدعين العراقيين في مجال تصميم الأزياء الرجالية وعالم الموضة. اشتهرت تصاميمه بالأناقة والفخامة من خلال المزج بين نوعية الأقمشة والألوان، إذ يبدو كل من يلبس أزياءه أميراً يتربع على عرش الجمال والأناقة والفخامة، فهو يعزف على نغم اللون والتكنيك والخامة، ويضيف إليه لمسات ذكية بالأكسسوارات، مثل النظارات والساعات العالمية، لتخرج وكأنها لوحة فنية في غاية الروعة والجمال.