تصفيفة كورونا.. موضة العصر لفتيات كينيا
بريان إنجانجا – ترجمة: آلاء فائق عن موقع abc /
قادت جملة ظروف خارجة عن إرادة الناس، منها انتشار فيروس كورونا، إلى عودة تسريحة المسامير المضفورة الشائكة المميزة الشبيهة بفيروس كورونا إلى الكثير من صالونات الشَّعر في العاصمة الكينية نيروبي، لتخفف عن كاهل الأسر الفقيرة أعباء مادية جمة.
قد لا يخطر على بال كثيرين، للوهلة الأولى، سوى الشعور بالقلق والخوف لدى سماعهم كلمات كفيروس أو كورونا، لكن ما رأيك لو تحول هذا الفيروس إلى جزء من مظهرك وهندامك اليومي؟ نعم، فيروس كورونا صار موضة جديدة، انطلقت من أحد صالونات تصفيف الشعر الواقعة في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في العاصمة الكينية نيروبي. الصالون يقدم لزبائنه، الصغار تحديداً، (تسريحة كورونا).
صالونات أعادت تصفيفة كورونا
(كيبيرا) هو أحد أحياء نيروبي الفقيرة، يسمى أيضاً بـ (المدينة الخضراء)، غالباً ما يحمل هذا الحي بين جنباته وأزقته القديمة المنسية الأخبار المحزنة. لكن مع انتشار كورونا انتشرت هناك تصفيفة شَعر تشبه الفيروس كثيراً، ويبدو أن الغاية منها زيادة الوعي بهذا الموضوع في أحياء نيروبي الفقيرة وتوعية البنات الصغيرات بفداحة هذا الفيروس.
أحيى الفيروس تسريحة كورونا في شرق إفريقيا، وهي تسريحة ذات مسامير مضفورة تحاكي الشكل المميز للفيروس، وتعود شعبية هذه التسريحة المتزايدة جزئياً إلى المصاعب الاقتصادية المرتبطة بقيود فيروس كورونا.
تقول أمهات في حي نيروبي الفقير إن هذه التسريحة رخيصة وتساعد في نشر الوعي بين الناس بأن فيروس كورونا حقيقي.
الكينيات يرغبن في الشعر المستورد
كانت تصفيفة الشَّعر هذه قد عفا عليها الزمن منذ سنوات عديدة، إذ استغنت عائلات كينية كثيرة عن عمل تسريحة المسامير هذه، ولاسيما بعد استيراد كثير من مراكز التجميل التجارية في نيروبي مختلف أنواع الشَّعر الحقيقي والصناعي من الهند والصين والبرازيل، الأمر الذي أسهم في إغراق السوق المحلية، الذي عززته زيادة طلب نساء المدينة على أنواع الشَّعر هذه.
تتنافس في الوقت عينه مراكز تجميل كثيرة ومثلها صالونات شعر على عرض صور تسريحات الشَّعر المستوردة، سواء الشَّعر المسرَّح أو المضفور في معظم أنحاء إفريقيا.
تصفيفة كورونا تبث الوعي
في صالون مؤقت بجوار أحد طرق حي كيبيرا المزدحم في قلب العاصمة الكينية نيروبي، تضفر مصففة الشَّعر (شارون رفا، البالغة من العمر 24 عاماً) شعر الفتيات الصغيرات على هيئة مسامير تشبه قرون الاستشعار التي يطلق عليها الناس تسريحة (فيروس كورونا).
تقول رفا: “لا يعتقد بعض الكبار أن فيروس كورونا حقيقي، لكن بعد ذلك يبدو أن معظم الأطفال الصغار حريصون على تطهير أيديهم وارتداء الكمامات الطبية،” مضيفة: “كثير من البالغين لا يلتزمون بتعليمات النظافة والتعقيم، ولهذا السبب اعتمدنا تسريحة كورونا.”
من حين إلى آخر، ومع النقص الواسع بمواد الاختبار، تتضاعف في نيروبي أعداد الإصابات بمرض كوفيد19، ويبدو أن الأعداد الحقيقية للحالات أعلى بكثير مما أعلن عنها في وسائل الأعلام الكينية. يشعر مسؤولو الصحة في كينيا بالقلق من احتمال انتشار الفيروس في الأحياء الفقيرة، ولاسيما المزدحمة منها.
قليلة التكاليف
تقول السيدة (مارجريت أنديا)، إحدى القاطنات في حي نيروبي: “إن تسريحة ضفائر كورونا هي دوماً أنيقة وأسعارها معقولة،” يوافقها الرأي كثير من أمهات الحي، وتكافح السيدة أنديا من أجل موازنة نفقاتها اليومية، مشيرة إلى أن هذه التصفيفة تتوافق مع ميول بناتها الصغيرات ورغباتهن، فضلاً عن كلفتها اليسيرة، فقد أدت القيود المتعلقة بفيروس كورونا إلى خنق العمل اليومي لملايين البسطاء الذين لديهم مدخرات قليلة أو معدومة.
تقول أنديا: “تصفيفة الشعر هذه قليلة التكلفة لأشخاص مثلي لا يستطيعون دفع ثمن تسريحات شعر أكثر تكلفة، ومع ذلك نريد أن تبدو بناتنا أنيقات في الوقت نفسه.”
هذه التصفيفة لا تكلف سوى 50 شلناً، أي أقل من دولار واحد للحصول على ضفائر شائكة، في حين أن متوسط تكلفة أية تسريحة شعر أخرى في كينيا تعادل تقريباً ما قيمته 4-8 دولارات، وهذه تكاليف مالية لا يستطيع معظم الناس في كيبيرا تحملها بالوقت الحالي.
تحظى بشعبية لافتة
وكالة الأنباء الألمانية التقت مالكة صالون حلاقة أخرى، هي السيدة (ليونيتا أبوالا، 40 عاماً) التي قالت بفخر: “منذ بدء انتشار الجائحة، بدأنا بتطبيق هذه التسريحة، ومنذ ذلك الحين بات صالوني معروفاً لدى الجميع بصالون (موضة كورونا) ورواده من الفتيات الصغيرات والنساء.”
تقول أبوالا إنها، والعاملات معها، يعملن تسريحة الشعر هذه بأخذ خصلات شعر صغيرة وتحويلها إلى ضفائر ممدودة نحو الأعلى على هيئة تشبه تلك التي تبدو عليها البروتينات السطحية للفيروس التاجي. وتحظى هذه التسريحة بشعبية كبيرة لدى الفتيات الصغيرات، ومنهن (ليتيسيا بوسيبوري)، الفتاة الصغيرة، البالغة من العمر 12 ربيعاً: “جميع صديقاتي أعجبن بتسريحة الشعر هذه والتسريحة تبدو جيدة ولا تنفك بسرعة.”
تضيف ابوالا، مالكة الصالون: “ناهيك عن الإصابات والوفيات، كانت لفيروس كورونا تداعيات جمّة على كثير من الفقراء، إذ عاني جزء كبير من السكان بالفعل من العواقب الاقتصادية لأزمة كورونا، ولاسيما في الأحياء الفقيرة كحي كيبيرا. فنظراً لعمل كثير من السكان في القطاع الخاص، خسر معظمهم وظائفهم وفقدوا زبائنهم. (تسريحة كورونا) خففت الحمل عن كاهل الآباء، الذين أصبحوا ممتنين لحصول بناتهم على تسريحات شعر رخيصة وغير مكلفة وسهلة في الوقت ذاته.”
تسريحة الأوقات الصعبة
تضيف أبوالا: “إن تسريحة كورونا لا تحتاج إلى استخدام مستحضرات كيميائية، وتكلفتها لا تتعدى تكلفة وجبة ساخنة،” منوهة في الوقت نفسه أن سكان الحي يعانون من صعوبة وصول المياه إلى بيوتهم، لذا لا يمكن لكثيرين منهم الحصول على تسريحة شعر تحتاج إلى الغسل والعناية بنحو دائم.
تُلهم مصوري نيروبي
منذ تفشي كوفيد-19، اهتم (دونويلسون أوديامبو، مصور من نيروبي)، بتصوير هذا النوع من التصفيفات، منذ ذلك الحين أصبح ذلك موضوعه المفضل. يقول أوديامبو: “كان هذا شيئاً عميقاً إذ لم يفعله أحد في كينيا، بل لم يفعله أحد في أي مكان آخر.”