كلمة جمال
جمال جمعة /
في عام 1973 حدث زلزال سياسي في منطقة أمريكا اللاتينية رج العالم بأسره. فقد قام الجنرال أوغستو بينوشيه بالانقلاب على الحكومة الاشتراكية المنتخبة وأطاح برئيسها سلفادور الليندي، لينصب نفسها حاكماً مطلقاً على تشيلي حتى عام 1990. هذه القصة معروفة، لكن ما هو غير معروف ما فعله الجنرال بينوشيه لبلاده بعد ذلك.
لقد قام باستدعاء خيرة خريجي الجامعات الأمريكية المتأثرين بسياسات “ميلتون فريدمان” الاقتصادية وسلمهم مقادير البلاد ومهمة تطوير الاقتصاد التشيلي المترنح «لجعل تشيلي أمّة من رجال الأعمال، لا البروليتاريين” على حد تعبيره. وبالفعل صنع «أولاد شيكاغو» معجزة اقتصادية لا مثيل لها نقلت تشيلي في غضون سنين إلى نادي الدول المتقدمة التي تضم خيرة الاقتصاديات في العالم.
شهدت التحولات الاقتصادية الكبرى في تشيلي تراجع البطالة وانخفاض نسبة الفقر وتعزيز مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد وتقوية مساهمة الزراعة في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى مواجهة السكن العشوائي والأحياء الفقيرة، إذ تم بناء نصف مليون منزل قدمت إلى الفقراء. كما قام باصلاح نظام التقاعد ليشمل ربات البيوت، وهذا ما يهمنا في هذا الموضوع، فحصلت جميع النسوة اللواتي تجاوزت أعمارهن الستين عاماً رواتب تقاعدية، مع إعانات مالية لكبار السن تتضمن توفير الماء والكهرباء والرعاية الصحية بشكل مجاني تقريباً.
لقد بقي العمل المنزلي بالنسبة للمرأة عملاً منسياً وغير منظور لا يلاحظه أحد منذ بدء التاريخ وكأنه قدر أزلي ولدت معه وعليها التعايش معه مثل صخرة سيزيف. ففي الوقت الذي يقضي الرجل جل وقته مستلقياً على الأريكة يشاهد التلفزيون أو ينفث الدخان من الأركيلة في المقاهي تقوم والدته وأخته أو زوجته بتنظيف البيت وجلي الصحون وغسل الملابس وإعداد الطعام طوال اليوم دون أن يتلقين حتى كلمة شكر أو تقدير لهذا العمل الروتيني المنهك الذي يمارسنه كل يوم.
لقد آن الأوان لإنصاف ربات البيوت، ممن لم تسعفهن الظروف بالدخول إلى سوق العمل والحصول على تقاعد رسمي، بأن يخصص لهن راتب تقاعدي يكفل لهن شيخوخة مطمئنة، فقد آن للمكافح الصامت أن يستريح!