ليس بالنفط وحده
يبدو أن (معركة) سعر برميل النفط مستمرة ولكن ليس لصالح الدول المنتجة انما لصالح المستهلكة والتي تحتاج لحد الان وربما لعقدين قادمين الى النفط لاستمرار رفاهيتها.
لن ندخل في تفاصيل هذه المعركة، خاصة وان العديد من الدول المنتجة تمكنت من ان تعتمد على موارد اخرى غير النفط لتواجه تذبذب أسعار النفط بينما استمر العراق معتمدا على النفط وحده رغم توفر موارد اخرى غير مستغلة ومنها الغاز الطبيعي والسياحة الدينية والآثارية والزراعة والصناعات الخفيفة والثقيلة.
الغاز الطبيعي مثلا، ثروة هائلة تحرق منذ ان تم اكتشاف النفط في العراق بينما هناك دول انتجت الغاز من حقول اصغر من الموجودة في العراق واصبح وارداً اقتصادياً واضحاً، وللغاز أهميته ليست فقط للتصدير انما في الداخل ايضا لتشغيل محطات الكهرباء، فضلا عن استخداماتها الاخرى. اما الصناعة والزراعة، فما يزال العراق يعتمد في الغالب على الاستيراد ولم يتم توفير الحلول للأضرار التي اصابت هذين الحقلين الحيويين، خاصة وان العراق كان شبه مكتفٍ بالزراعة والصناعات الخفيفة لولا الحروب التي تسبب بها النظام السابق ولم يتم الالتفات إليهما بعد نيسان ٢٠٠٣ وكان الجميع يأمل ان أبواب الاستثمار الهائلة التي فتحها العراق امام الرساميل العراقية والأجنبية ان تعيد للمصانع والحقول حيويتها ولولا، هذه المرة، الارهاب الأسود الذي استهدف العراق.
الان وقد تمكن العراق من طرد الارهاب واعادة الأمن والأمان، لابد من التفكير الجدي بعدم الاعتماد على النفط وحده، السياحة مورد لا يقل عن النفط بعائداته المالية وبتشغيل ايدٍ عاملة ومنشآت وشركات سياحية عامة وخاصة، والعراق بلد سياحي بامتياز، فيه مراقد ومزارات لأديان عديدة وليست الاسلامية وحدها، ومواقع سياحية مهمة ومواقع اثرية وشواخص معمارية وصحراء وجبال ومدن سياحية بحاجة الى إعمار مثل التي كانت موجودة في المدائن والحبانية، والمنتجع الذي كان يطل على بحيرة ساوة الفريدة من نوعها في العالم.
وقبل كل هذه الموارد لدينا الانسان العراقي وكفاءاته مهما كان العمل الذي يمارسه، فهومعروف بجديته وإخلاصه وربما من أخطائه بأن اخر ما يفكر به الاجور، والكفاءات العراقية المهاجرة أينما كانت تبدع وتبتكر وغالبا تكون اجورهم ورواتبهم اقل من الجنسيات الاخرى، وقطعا تتمنى هذه الكفاءات العودة الى العراق للعمل وايجاد حلول لما يواجهه وطنهم من مشاكل وفي مقدمتها الاقتصادية.
إن الدول المستهلكة للنفط لا تكف عن العمل لتقليل سعر البرميل وهناك دول منتجة تستجيب لضغوطها ما يؤثر على الدول المنتجة الاخرى والتي تعتمد على النفط فقط.
ان الاستقرار الأمني عامل مهم للنظر في هيكلة الاقتصاد العراقي ودائما هناك متسع من الوقت للبدء من جديد.
وكما أسلفنا في البداية، فإن هذا الجديد سيقلل من نسبة البطالة من جهة وسيساهم بالتوقف على الاعتماد على الوظائف العامة والتي تستنفذ نسبة كبيرة من الموازنة العامة، ولا تفوتنا الإشارة الى التضخم الكبير في عدد الموظفين في مختلف الدوائر حتى غير المنتجة.
المطلوب وضع خارطة العراق امام المسؤولين والعقول ومن ذوي الاختصاص وتأشير البداية، اذ أن في كل مدينة عراقية اما فرصة صناعية اوزراعية اوسياحية، والبدء بهمة واحدة سواء من خلال الاستثمار المحلي او الخارجي او من خلال منشآت عامة.
اشارة اخيرة مهمة، ان هذه الخطوة ستسهم قطعاً في إدامة الاستقرار الأمني وستكون عاملاً مهما في معالجة الفساد المالي والإداري وليس بالنفط وحده تتشكل الاقتصاديات والموازنات،
وليبرهن العراق ان نجاحه في هذه المواجهة لا يقل عن نجاحه في مواجهة الارهاب.