مالك المطلبي.. مشذّب المقالات بمقص اللغة وسحرها

11

علي السومري 

رسوم / علاء كاظم

من يعرفه وتتلمذ على يديه، يعرف جيداً أنه أمام عقل كبير وطاقة خلاقة لا تنضب، فهو الشاعر المتمرد منذ صباه، والكاتب الحاذق، والناقد الذي يرى ما لا يُرى، المربّي وأستاذ اللغة العربية، الذي تخرجت غالبية نجوم العراق وفنانيه من تحت عباءته اللغوية.
من يعرفه جيداً سيرى كمّ السخرية المعجونة بالحزن في كلماته، وهو أيضاً القادر على منح الآخرين الطاقة ليستمروا، نبع ماء صافٍ في زمن القحط.
لم تكن حياة الدكتور مالك يوسف المطلبي حياة عابر سبيل، بل حياة مفكر عصامي مجتهد، كتب الشعر والقصة والنقد والسيناريو، ليضع بصماته في كل المجالات الإبداعية، فهو الصحفي الأمهر، ومشذب المقالات بمقص اللغة وسحرها.
إلى جانب تأليفه العديد من الكتب، ما بين الشعر والقصة والنقد والبحث الأكاديمي، كتب للتلفزيون واحداً من أشهر المسلسلات التأريخية، (المتنبي).
ولد في محافظة العمارة، ناحية المشرح، هذه المدينة التي لم ينس حكاياتها يوماً، المدينة التي ارتدى فيها (البنطلون) لأول مرة في حياته، بعد أن تحدى مدير مدرسته آنذاك. هذه القصة وغيرها، المدونة في كتابه (حفريات في اللاوعي المهمل)، كانت عملاً فنياً بمعنى الكلمة، فكيف يمكن للكلمات أن تبدد الأزمنة لتشعر بأنك هناك، تراقب صاحب الوعي وهو ينبش في لاوعيه.
كانت حياته وأعماله ومواقفه النبيلة مع تلامذته وأصحابه، تشبه خربشات قلم على ورقة بيضاء، خطوط عشوائية رسمت وجهه وابتسامته الدائمة، العالقين في ذاكرة محبيه.
من يكتب عن (المطلبي) لن يحتاج إلى ذكر كتبه وقصائده وأعماله، فالمعروف لا يحتاج إلى تعريف.
هنا، ها نحن نلوّح له بمحبة، احتفاءً بعقل نقدي فذ، وشاعر مشاكس، وكاتب مبدع طالما تعلمنا منه، كيف لا وهو الذي رأى كل شيء؟