ألفاظ وعبارات غريبة تغزو أحاديثنا اليومية

1٬106

أشواق رزاق الطائي/

برزت في السنوات الأخيرة ظواهر مجتمعية تسيء الى الذوق العام لاسيما التي تشكل انحرافات خطيرة ومنعطفات مؤسفة في أدبيات الحديث والتخاطب بين الناس التي تعكس غياب الذوق وحسن المحادثة واندثار القيم التي اعتاد عليها العراقيون الذين عرفوا بتهذيب وعذوبة لهجتهم وأحاديثهم.

الخروج عن الذوق

هناك ألفاظ سوقية أصبحت متداولة على نطاق واسع بين الأفراد أقل ماتوصف بأنها خارجة عن الذوق والأخلاق وقسم منها يخدش الحياء وخطورتها تكمن في انتقالها الى تخاطب الأطفال مما أصبحت تشكل ظاهرة مجتمعية خطيرة انعكست على سلوكهم وتصرفاتهم وتعاملهم مع الأهل والمجتمع.
زينة اكرم “معلمة” تحدثت عن هذه الظاهرة بالقول، أنني أتفاجأ يوميا بألفاظ غريبة يتداولها التلاميذ والطلاب من مختلف المراحل كونني أعمل في مدرسة تضم صفوفا من الروضة الى الاعدادية ومن كلا الجنسين يمكن أن أصف الكثير من هذه الألفاظ بالمخجلة والدخيلة على مجتمعنا، ومن هذه الألفاظ الغريبة يصف بعض الطلاب زملاءهم “بالحديقة” او “الحدايق” وهي اشارة الى الانسان العاطل الذي يقضي وقته بالحديقة، او “علاس” وهي اشارة يستخدمها الطلبة بوصف زملائهم الذين اوشوا بهم.
اما سالم حسين معلم ابتدائية فيؤكد هناك عدد كبير من التلاميذ يتداولون الألفاظ المسيئة التي أصبحت جزءا معتادا من أحاديثهم اليومية مما تشكل ظاهرة تستحق الدراسة والاهتمام لاسيما في وسط تعليمي بمستوى الابتدائية، مشيرا الى أسباب تداولها بين التلاميذ يعود الى استخدامها من قبل أفراد العائلة او البيئة المحيطة، ولاأستغرب حين أجد تلميذا يقول لي أستاذ هذا واحد “56” في اشارة الى أن زميله “نصاب وكاذب”، وفي حادثة أخرى كنت أحاول أن أوصل المادة الى أحد التلاميذ بالصف السادس الابتدائي الذي كان يصعب عليه فهمها فرد أحد زملائه مازحاً، أستاذ هذا واحد “جكليت” وفهمت منه أنه يقصد بهذا الوصف أن زميله “مكبسل” او “حشاش” وغيرها من الألفاظ السوقية المؤسفة التي ينعت التلاميذ بعضهم البعض بها بشكل ملفت للنظر.

لغة جديدة

أبو أنس رب أسرة مكونة من ثلاثة أبناء وبنتين يتوزعون بين الثانوية والكليات أبدى قلقه من تداول هذه الألفاظ لاسيما بين الأبناء حيث أعرب عن استهجانه لها وأنه لايفهم بعضها وكأنها لغة جديدة يستخدم فيها بعض الأوصاف التي ربما يصعب علينا فهمها الا بترجمتها من قبل مستخدميها، واستذكر بالقول: ذات مرة كان صديق ولدي يتحدث معه قائلاً له، اليوم تعرفت على “حاته” فسألته ماذا يقصد بهذه الكلمة وبعد الحاح عرفت منه أنها ترمز للفتاة الجميلة صاحبة المواصفات الخاصة والمميزة، وذات يوم كلفت أحد أبنائي الذهاب لجلب سيارتي من مصلح السيارات “الفيتر” فرد عليه، بابا هذا واحد “قطاط” في دلالة أنه يستغل ويخدع الآخرين من أجل كسب المال فقلت له هذا وصف غير لائق يمكنك استخدام كلمات مهذبة، كما سمعت ذات مرة وأنا في سيارة النقل العام “الكيا” لشباب بجانبي يتداولون كلمة “جبس ليز” ودفعني الفضول لمعرفة معنى هذه الكلمة الغريبة فسألت أحدهم شنو معنى هذه الكلمة فأجابني أحدهم وهو متردد ومبتسم فهمس لي عمو يعني “واحد حلو طاك.”

مطلوب جهد مؤسساتي ومجتمعي

الحال لايختلف عن أبي أنس فقد عبرت أم ريتاج وهي ربة بيت وموظفة عن وقوفها بحزم من تداول أبنائها لاي من هذه الألفاظ المسيئة الدخيلة في أحاديثهم، وتقول: أراقبهم باستمرار وأرصد مثل هذه الكلمات غير اللائقة وأحاول أن أعطيهم أمثلة عن كلمات أخرى أكثر تهذيبا ومقبولية بين المجتمع لأني أحيانا أسمعهم يستخدمون بعضها أثناء اللعب مثل “صكاك” بمعنى القاتل او عبارات غير مهذبة توصف للتعبير عن حالة الاستهزاء بالمقابل مثل ” علينه مو ملينه” و”روح احجيه على الدبه”، والخطورة أنهم أصبحوا يردون علينا ببعض هذه العبارات حين لايقتنعون بالجواب او العذر.
مما تقدم نستنتج أن حماية أجيالنا من الألفاظ والعبارات السوقية الدخيلة يتطلب جهدا مؤسساتيا حكوميا ومجتمعيا من أجل تفعيل دور الأسرة وادارات المدارس ووسائل الاعلام للاسهام في تشكيل وعي يسهم بشكل فاعل للحد من انتشار هذه الألفاظ والعبارات وتقويض استخدامها وتداولها.