احتياجنا العاطفي.. للآخر مصدر إلهامنا وسر نجاحنا

959

آمنة السلامي/

بنظرة تأمل بسيطة لمفهوم الحياة التي نسعى دائما لفهمها، نجد ان جوهرها يقوم على مبدأ غاية في البساطة هو العطاء مقابل الأخذ، فليست هناك علاقات اجتماعية يكتب لها أن تستمر بنجاح واطمئنان، إذا اعتاد أحد طرفيها على الأخذ دون العطاء. فلا وجود لمن يحترق دائما ليضيء حياة الآخرين، فتلك علاقة غير سوية وغير منصفة.كلانا يحتاج الى الشيء نفسه، هو ذاك الشعور باحتياجك الى الطرف الآخر، فعاطفتنا هي مصدر إلهامنا وقد تكون مصدر اهانتنا واذلالنا،فحرماننا العاطفي فى الكثير من الأحيان من أهم اسباب ظهور المشاكل النفسية والشعور بالألم، وكثيرا ما يجعل منا ساحة للتصارع الداخلي والتصادم المستمر مع الاخرين.

في تحقيقنا هذا سنسلط بعضا من الضوء على أثر العلاقات الاجتماعية في مجتمعنا الإنساني الذي كثيرا ما نجده يفتقر الى العبارات الرقيقة والجميلة والشفافة في التعامل حتى مع اقرب الناس لنا، والذي ربما يكون بسبب العادات والتقاليد وفي بعض الأحيان الغرور والتكبر والاصرار على كتم المشاعر.

كلام الناس

في البداية تبين لنا الباحثة الاجتماعية سعاد غالب رأيها حول الموضوع بالقول: لاننا نعيش في مجتمع محافظ تحكمه العادات والتقاليد، فضلا عن أحكام الدين، تبقى العواطف الإنسانية محاصرة من قبل الأهل والمجتمع دون مراعاة الحالة الإنسانية وتفرض قيودا متينة عليها بحكم العيب أو عبارة (كلام الناس). فهناك الكثير من الاحتياجات الانسانية في دواخلنا لا يمكن اشباعها وهناك عطش لا يروى، وبالرغم من التطور التقني في عالم التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي التي دخلت مجتمعاتنا العربية فانها لم تغير كثيرا من واقعنا المرير.

تشاركها الرأي مدرّسة مادة الاجتماعيات أزهار بدر فتقول: هناك فشل كبير في علاقاتنا الشخصية، حتى على مستوى العلاقة الزوجية. فنجد الأغلبية يعيشون في بيت واحد وفي مكان واحد ولكنهم بعيدون عن بعضهم ولا يعرفون معنى المودّة والرحمة في حياتهم، ونجد الصراعات والخلافات تؤثر على الأسرة بأكملها وعلى مستقبلها. وفاقد الشيء لا يعطيه. فيجب ان تصحح هذه العلاقة مع عامل الصراحة والتنازل بين الطرفين من أجل حياة سعيدة هانئة تحافظ على دفء مشاعرنا.

قلب الرجل

بعض الرجال قلبه عبارة عن فندق يسكن فيه مختلف الزبائن، ولا يعرف ماذا يريد ومتى يتوقف فنراه يحلل لنفسه كل شيء ويحرم على الاخرين كل شيء. بهذا القول ابتدأ المهندس فلاح سالم كلامه، مضيفا: ثقافة الحب غريبة عن المجتمع العربي لان تعدد الزوجات والعلاقات مترسخة فيه. فهو لا يعرف ماذا يريد ومتى يتوقف، نراه يحلل لنفسه كل شيء ويحرم على الاخرين كل شيء وحياته مليئة بالتناقضات ..

أما الباحث الاجتماعي محمد دخيل فتحدث بحرقة وهو يقول: هناك الكثير من المطبات تقف عائقا أمام ما يحملهكل منا من مشاعر سواء أكانت حبا أو كرها، وأهم مسألة اذكرها، عسى الشاب المقدم على الزواج ان ينتبه لها، هي ان يبحث بذاته عمن يحب لا عمن يريد الأهل، فهو الذي سوف يعيش الحياة بحلوها ومرها مع شريكه. فالحب شيء جميل في حياتنا وهو الغذاء الروحي، من غيره نعيش بدون طعم ولا امل. فلنحاول قدر الإمكان ان لا تتنازل عن هذا الحق لنعرف معنى وجودنا الحقيقي.

أمواج البحر!!

أما الصحفي، الذي رفض الاشارة الى اسمه، فيقول: لايمكن للمرأة ان تحب بنفس الطريقة التي يحب بها الرجل فمكنونات المرأة كامواج البحر تتراوح بالارتفاع الشديد تارة لتعود وتنخفض تارة أخرى، هكذا هي دائما كأمواج البحر عندما تشعر ببعض الاكتئاب وفراغ كبير في داخلها وتشعر بانها باتت في قاع البئر، تبحث عن الحب والرعاية من الآخرين، لكن عندما تمتلئ ثقة بنفسها وبمن حولها تكون نبعا دافقا للحب والعطاء ومصدرا لا ينضب للتضحية والحنان، إذن هي تعطي بقدر ما تأخذ وعلى الرجل ان يتعلم منها هذه الميزة التي تحكم علاقاتنا بالاخرين.

ثمار الغد

هدى محمد، الطالبة الجامعية، بدت اكثر تفهما لموضوعنا بقولها: علاقاتي مع الآخرين يحكمها الحب، دائما ما أبادر الى محبتهم دون ان افكر بالمقابل، فما تزرعه اليوم ستقطف ثماره غدا، وحتى ان بدت منهم بعض الاساءة اغفرها لهم لانني على يقين بانهم سيبادرون الى تصحيحها، هنا فقط يكون للعطاء معنى إيجابيا. لايمكن لي ان اعيش في عالم تملؤه الكراهية والضغينة، اعطِ الناس ما تتمناه لنفسك وستجد ألف محب بجانبك.. واقول لاخي الرجل: كن للمرأة كالفلاح الذي يعتني بالشجرة فكلما اهتم بها ووفر لها الرعاية كانت أصلب واقوى واكثر اخضرارا وجمالا.