التمييز بين الأبناء حكايات محزنة تعصف بالعائلات
ترجمة: ثريا جواد – عن الجارديان /
قد يلجأ بعض الآباء والأمهات الى التفرقة بين الأبناء سواء أكانوا بناتاً أم صبياناً بتفضيل طفل على بقية إخوانه أو أخواته، ربما لصغر سن الطفل واحتياجه لهذا الاهتمام الزائد أو لأسباب أخرى. يقول الخبراء “إن كونك شقيقاً مهمشاً داخل العائلة يمكن أن يسبب مشاكل خطيرة”.
دراسة حديثة أجرتها البروفيسورة (هيلين دنت)، التي عملت مع عائلات عديدة في المملكة المتحدة، بينت استطلاعاتها أن 85 ٪ من المستطلعين كانوا يعانون من شعورهم بالتمييز عن أشقائهم، وقالت دنت: “عادة ما يكون هناك طفل (كبش فداء) وهذا ما يسبب مشاكل خطيرة وهو أمر بالغ الضرر للطفل عندما يكون هو الوحيد الذي لا يهتم به والداه، ويمكن أن تكون لهذا تأثيرات مروعة على تقديرهم لذاتهم وعلى نفسيتهم”. وبيّنت أن الآباء والأمهات يحبون أطفالهم على قدم المساواة، لكن شخصية طفل واحد لها صدى أكبر من شخصيات أشقائهم.
ترتيبات الزفاف
تذكر (ضيا)، وهي إحدى الفتيات التي شاركت في الاستطلاع وتبلغ من العمر 27 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال: أنها عانت كثيراً من عملية التمييز بينها وبين شقيقتها عندما كانتا صغيرتين جداً من قبل والديها، وتضيف: عندما كان عمري 12 عامًا تقريباً ما زلت أتذكر الطريقة التي كانت تعاملني بها أمي وتفرّق بها بيني وبين أختي البالغة من العمر عاماً واحداً فقط، وهذه الطريقة لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.
تضيف: أنفقت والدتي 6000 جنيه إسترليني على زفاف أختي التي تزوجت مؤخراً وحضّرت كل ترتيبات زواجها واهتمت بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، لكن عندما تزوجت أنا دفعت فقط نصف فستان زفافي ولم تقدم لي هدية إلا بعد عدة أسابيع ولم تشارك في ترتيبات الزفاف! بل لم تستطع أن تجد لي أي وقت على الإطلاق!
وبينت (ضيا) : لا أريد أن تتكرر هذه الحالة مع أولادي وخوفي الكبير أن تستمر عبر الأجيال. لقد سمعت أمي وهي تعتذر لأطفالي عدة مرات بالفعل عن عدم حضور أعياد ميلادهم لكون أختي حاملاً. أنا فقط في انتظار معرفة ما إذا كان طفلها سيحصل على اهتمام أكثر من أطفالي، وإن حدث هذا فسيتم الانتهاء من العلاقة بيني وبين أمي إلى الأبد، لا أريد أن أجعل أطفالي يشعرون بالألم الذي شعرت به.
ابنة غير شرعية
نشأت (سارة)، وهي تعرف وتقبل أنها كانت من الخراف السوداء لعائلتها وأن أخواتها محبوبات وعزيزات بطريقة أو بأخرى، وتقول: لم يكن لدي أي شك في ذلك، فمنذ صغري كنت الأقل تفضيلاً بين أطفال والدي الثلاثة. أتذكر الشعور بالغيرة من أخواتي عندما كنت صغيرة للغاية, نحن نعيش في أسرة سعيدة ظاهريًا – والدتي تعمل قابلة ووالدي طبيب -. لم تفهم سارة الديناميكية الخفية إلا في وقت لاحق: وتضيف “اكتشفت عندما كنت في الحادية عشرة من عمري أنني أبنة غير شرعية”. كانت أمي حاملاً، وقد هُجرت. لم أكن أبنة طبيب مثل أخواتي لكني كنت مجرد ذرية رجل عشوائي.
سارة هي الآن في أواخر الخمسينات من عمرها، لا شك في أن والديها كانا يحبانها أقل من أخواتها، وأوضحت سارة: عندما دخلت المدرسة في الخامسة من عمري تُركت وحدي، كانت أمي فخورة بإخبار الناس أنها يمكن أن تبقى في العمل حتى وقت متأخر لأنني عدت إلى المنزل، وطهوت عشائي وكثيراً ما أخلد الى النوم وأنا متعبة على العكس من أخواتي اللاتي كانت لديهن طفوليات مختلفة تماماً ولم يتركن وحدهن مطلقاً، كانوا يفضلونهن علي عاطفياً ومالياً، فعلى سبيل المثال اشتروا هدية لأختي في عيد ميلادها التاسع، وفي المقابل لم أحصل على أي شيء، وفي وقت لاحق حصلت كلتاهما على دروس في القيادة وليس أنا.
الشعور بالذنب
أثرت المعاملة السيئة المبكرة هذه على سارة طوال حياتها، و أثرت على أخواتها أيضاً، تقول “أخواتي يشعرن بالذنب بسبب الاهتمام الذي يلاقونه من والديّ وبسبب الطريقة التي عوملوا بها كأطفال، فإنهم يشعرون الآن إلى حد كبير أنهم لا يستطيعون أن يرتكبوا خطأ وأنهم أفضل من المحيطين بهم. لقد كانت لديهم علاقات سيئة للغاية مع الرجال نتيجة لذلك”. وتوافقها البروفيسور دنت في هذا الرأي حيث تقول “سيشعر الأشقاء بالبهجة والارتياح لأنهم يحصلون على الاهتمام الكبير من والديهم، لكنهم أيضًا سيشعرون، بوعي أو بغير وعي، بالذنب ونقص الأمان لأنه إذا لم يكن حب آبائهم غير مشروط ، فمن يدري ما قد يحدث لهم”؟