الزواج المبكر.. متاعب لاتحصى عندما تصبح الفتاة جدة في العشرين!

934

حسن احمد لطيف/

قد يكون الخبر الذي نشر قبل بضع سنوات حول السيدة الهندية التي أصبحت (جدة) بعد ولادة أول أحفادها وهي لم تتجاوز بعد عامها الثامن عشر، من الأخبار الظريفة جداً، ولكنه بالمقابل يحمل من الارباك العلمي، الشيء الكثير، ومشكلة الارباك تكمن في مفاهيمنا الشائعة عن سن البلوغ والمراهقة والزواج..

فما يبدو لنا مرحلة طفولة تمر بها الأنثى، يعد مرحلة زواج بالنسبة لفتيات الهند والمناطق الاستوائية، أي أن الواحدة منهن قادرة على الاقتران وهي في عمر 7 أو 8 سنوات، وهذا يعني كذلك، بأنها قادرة على الانجاب في سن الثامنة أو التاسعة من العمر!
المراهقة.. مفاهيم وآراء

يحدد الأطباء سن (12-14) بصورة عامة لبلوغ المراهقة، ومع ذلك فأن هذا الرقم قابل للزيادة والنقصان.
هل هذا العمر هو نفسه للذكور والاناث؟

القاعدة العامة تشير الى إنّ الأنثى تسبق الذكر في بلوغ المراهقة بعام أو عامين، وأغلب الدراسات الطبية تميل الى اختيار سن (13) سنة مؤشراً لمراهقة الاناث، وسن (15) سنة للذكور.
بعضهم يرى بأن مرحلة المراهقة تمتد الى عمر (22) سنة، وهناك من يعطيها زمناً طويلاً أو يذهب الى انتهائها ثم ظهورها في مراحل متأخرة من العمر، وهو ما يعرف بالمراهقة الثانية.

ويؤكد الدكتور ياسين أحمد بأنها مرحلة متأرجحة بين مرحلتين هما الطفولة التي تقع بين (8-12)سنة، وبين البلوغ الذي يبدأ عادة بين (15-20) سنة، وعلى هذا الاساس، فأن المراهقة هي امتداد للطفولة من ناحية، وخطوة على طريق البلوغ من ناحية أخرى… أما الدكتور هشام الواسطي فيذكر بأن مفهوم المراهقة يراد به تلك التغيرات التي تظهر على الفتاة من النواحي (البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية) ولعل من أهم المظاهر الجسدية، هو النضج الجنسي والقدرة على الجماع والانجاب، ويرمز لها عند الاناث بظهور الطمث (الدورة الشهرية) .

مع .. ضد

تباينت المواقف من زواج المراهقات بين مؤيد متحمس وبين معارض بشدة، وما بين هذين الموقفين، يذهب الاستاذ التربوي خالد حسين الى ان زيجات الاناث المبكرة في العراق، هي على العموم ظاهرة من ظواهر الريف الزراعي والعشائري، بل ان الزيجات المبكرة على حد قوله هي السمة العامة بين الذكور والاناث على حد سواء.

وتتساءل السيدة فاطمة عبد النبي (64 سنة، بكالوريوس آداب، ربة بيت):

لماذا نسمي زواجاً تتوفر له شروط النجاح (عجالة)، أنا اعتقد بأن الزواج المبكر للأبناء من كلا الجنسين يوفر لهم الاستقرار النفسي والعقلي، ويجنبهم مخاطر الانزلاق، كما أنه بالنسبة للبنت أكثر ضرورة لأسباب معروفة في مجتمعاتنا الشرقية.
سها حسين، فتاة تزوجت في عمر (14) سنة، تقول: كنت خائفة جداً في بداية الأمر لانني كنت معتمدة في كل شيء على والدتي، ومن النادر ان ادخل المطبخ، فاذا بي فجأة اجد نفسي ربة بيت وأسرة ومطبخ.. ويقاطعها زوجها احسان محمود الذي يكبرها بخمس سنوات: كانت خسائرنا في الأشهر الأولى اعداد وجبات طعام غير صالحة للاستهلاك البشري، ولم يكن ذلك يضايقني، كنا نذهب الى المطعم (وهو يضحك) على شرط ان تدفع هي اجور الطعام!.

وتعتقد السيدة نادية سامي بأن الزواج المناسب اذا توفر فمن الجنون التفريط به مهما كان العمر، وتتساءل أليست العنوسة التي وقعت في فخها نساء كثيرات سببها الفتاة نفسها أو عائلتها بحجة انها لم تبلغ سن الرشد أو لم تكمل دراستها أو تنتظر زوجاً أفضل؟!

ويرى الدكتور هشام الواسطي بان الزواج المبكر للفتاة من شأنه ان يجنبها الكثير من الأمراض السرطانية، خاصة تلك التي تصيب عنق الرحم والثدي والمبيض.. كما أنه ينشط الهرمونات لديها، هذا غير ما يوفر لها من استقرار ذهني ووجداني، ويزداد هذا الاستقرار إذا ما انجبت حيث يشبع الأطفال عندها غريزة الأمومة بصورة مبكرة… ولكنني بالمقابل لا انفي المضار!

مخاطر ومحاذير

ويرى الدكتور ياسين بأن الولادات في مثل هذه السن قد يرافقها بعض الاشكالات في تكوين الجنين، لأن البويضة في مثل هذه الأعمار قد لا تكون مكتملة النضج، ما يؤدي الى حدوث بعض التشوهات الجنينية، أما الدكتور زهير فيشير الى أن (الحمل) يوقف النمو، وهذا يعني بأن الفتاة الصغيرة في عمر 14 سنة مثلاً يتوقف نموها (أي طولها) بمجرد الحمل، ويرشح من وجهة النظر الطبية سن العشرين للزواج، وهذا الرأي نفسه يذهب اليه الدكتور هشام مع ميله الى اضافة سنوات أخرى على العشرين، وكلاهما يؤكد أن أفضل عمر للحمل هو بين (20-30) سنة، وكما تكمن مخاطر الولادات والانجاب في سن متأخرة، فالأمر ذاته يحدث في الحمل المبكر، وعلى هذا الاساس يفضل زواج المرأة في العشرين أو بعدها بقليل.

التربوية رجاء هاشم تقول: أنا ضد الزواج في مرحلة المراهقة المبكرة، لأن ذلك يعني ان تترك الفتاة دراستها وتتحول الى ربة بيت شبه جاهلة، واخطر من هذا، انها يمكن أن تصبح والدة أمية.