السعادة الزوجية لاتقاس بمعيار العمر
نهاد الحديثي/
قبول المرأة الزواج برجل يصغرها او يكبرها سناً بات أمراً شائعاً. ومابين قبول الأهل والمجتمع لهذه الظاهرة الاجتماعية ورفضهم لها، يحتدم الجدل بين مؤيد لهذا النوع من الزواج وبين من يراه مشكلة اجتماعية يجب وضع حد لها.
نظرة المجتمع
البعض يرفض هذا النوع من الزواج لأسباب عديدة منها نظرة المجتمع التي لا ترحم. وهرم المرأة قبل الرجل من أهم الأسباب لرفض هذا الزواج، بالإضافة الى رغبة النساء في بقائهن صغيرات مدلّلات في عيون أزواجهن، فالرجل بطبيعته، وإن لم تكن زوجته أكبر منه سناً، غالبا ما يعيرها بسنّها، جدّاً أومزحاً ويقول لها «أصبحتِ كبيرة»، فكيف هو الحال اذا كانت هي أكبر منه سنّاً، وان كان بقصد المزاح.
المرأة تهرم قبل الرجل وتذكر سبباً آخر لعدم تأييدها، وهو عندما تبلغ المرأة سن اليأس يكون الزوج الذي يصغرها سناً ما زال في شبابه، كما أن زواج المرأة برجل أصغر منها في السن، سيؤدي الى تحملها لكثير من المسؤوليات، فهي من ستمسك بزمام الأمور، وستكون القيادة بيدها، خصوصا إذا كانت أكبر منه بسنوات عديدة.
النصف الآخر
يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور جمال منصور أن فارق العمر في مهمّة البحث عن النصف الآخر، لن يشكل عائقاً في حال كان الحب عميقاً، لأن السعادة الزوجية لا تقاس وفق معيار العمر. ويضيف أن العالم الشرقي محكوم بمعايير محددة، لاختيار شريك الحياة من الصعب التمرّد عليها وقهرها، وإن فعل الرجل فسيكون ضحية لتمرده، وفقاً لنظرة المجتمع السلبية في الزواج من امرأة تكبر زوجها بالسن، وتلك النظرة ستؤثر سلباً على نفسية الشريكين، لتخلق بينهما الخلافات والمشاكل وحتى الأوهام إلى أن يؤول الزواج إلى الانفصال.
موروث ثقافي واجتماعي
ويرى منصور أن اختيار زوجة أكبر سناً من عمر الزوج والعكس صحيح، يستند في الغالب إلى موروث ثقافي واجتماعي كالعادات والتقاليد والنزعة الذكورية والمفاهيم الخاطئة، وقد تكون كل هذه الأسباب التي نفترضها قابلة للتغيير، والدليل على ذلك تأثير الوضع الاقتصادي على هذا الخيار، إذ أصبح مقدماً على كل الفرضيات، لذلك أصبحنا نشاهد هذا النوع من الزيجات التي يرحب بها الطرفان، وفق الحاجة. ويضيف أن المرأة كبيرة السن تتسم بأنها وصلت إلى مرحلة ناضجة جعلتها تتمتع بثقة كبيرة في النفس، وتعرف من هي جيداً، وليست بحاجة إلى أحد ليعطيها رأيه عن مظهرها، وهذا الجانب يرحب به الرجل كثيراً فهو مع المرأة الكبيرة ذات الثقة العالية بالنفس.
علاقات زوجية
ويعتقد الدكتور جمال منصور أن الكثير من الرجال يعانون من صغر عقل زوجاتهم الصغيرات في السن، وهذه المشكلة تسبب فشل كثير من العلاقات الزوجية، لكن عند الزواج من امرأة أكبر منك عمراً، تأكد أن عقلها وصل إلى مرحلة من النضج الفكري الذي يجعلها قادرة على الحكم على الأمور بعقلانية وحكمة، فلا يضطر الزوج إلى تقمص شخصية الأب ليقنع زوجته ويعقلها في كثير من الموضوعات الحياتية. هذه الصفة تجعل الرجل يتعلق بها بشكل كبير، فمع الاستقلالية يأتي النضج الذي بات عامل جذب وذلك لندرته عند الفتيات العازبات. فالمرأة الأكبر سناً تملك الوعي الكافي الذي يمكنها من التعامل معه بأسلوب يبتعد عن الطيش والتعلق المبالغ به، ما يعني أن العلاقة أسهل، فالأكبر سناً ستقدره أكثر من تلك التي تصغره سناً، فهي تدرك تماماً فارق السن ، وبحكم نضجها ووعيها فهي ستجعله يشعر بأنها تقدر تماماً كل ما يقوم به من أجلها.
المرأة التي تبدأ علامات التقدم بالسن تظهر عليها بشكل جلي تدخل في صراع كبير مع النفس و المجتمع والزوج. ستبدأ في مرحلة ما تشعر بالخوف من فقدانه لامرأة أجمل وأكثر شباباً وحينها ستبدأ بالشعور بالغيرة وبفقدان الصفات التي جعلته ينجذب اليها ولعل أهمها النضج الفكري. المعضلة الكبرى التي تواجه الرجل في العلاقة هي فرض «رجولته»، فالنساء بشكل عام أكثر نضجاً من الرجل، وحين تكبره سناً فإنها ستعتبر أنها الأدرى والأكثر خبرة، ما يخلق حالة من الصراع الدائم حول هوية الرجل في المنزل. مشاكل إضافية تبدأ بالظهور مع تقدم المرأة بالسن والتي قد تصل أحيانا الى سن اليأس في وقت ما زال الرجل في ريعان شبابه ما يخلق شرخاً عاطفياً وجنسياً كبيراً.
انتقادات
المجتمع من جهته لا يرحم مثل هكذا زيجات رغم أن سهام الانتقادات غالباً ما تطال المرأة وليس الرجل، لكن في حال كان فارق العمر كبيراً فإن للرجل نصيبه من الانتقادات أيضاً. بالنسبة للمجتمع فإن مثل هكذا زيجات مرفوضة لأنها قائمة على خلل ما يكمن إما فيها أو فيه.
الرجل غالباً ما يتم اعتباره ضحية لامرأة غررت به وأوقعته في شباكها وبالتالي دمرت مستقبله وسعادته رغم أنه قد يكون سعيداً جداً في حياته الزوجية.
لطالما لعب المحيط دوره في إفشال مثل هذه الزيجات، وبالنسبة اليهم فهم قاموا بإنقاذه منها.. مع أنه لم يكن يبحث عمن ينقذه بل كل ما أراده هو أن يتركه الجميع وشأنه للاستمتاع بحياة اختارها طوعاً.