الشباب ومحنة الإقدام على الزواج

1٬438

استطلاع: فكرة الطائي /

كيف يفكر الشباب حين يُقدمون على الزواج؟ كيف سيكون شريك الحياة المستقبلي؟ وما الأسس التي يقوم عليها الاختيار السليم وبناء الأسرة السعيدة؟ ولماذا التردد في الإقدام على تنفيذ مشروع الحياة؟
طفقتُ أبحث عن أجوبة لهذه الأسئلة وغيرها أثناء حديثي مع كثير من الشخصيات التي أعرفها، سواء في مواقع العمل المختلفة، أو بين الأقارب أيضاً، قبل أن أطرح تلك الأسئلة على شباب لم يُقدموا بعد على اختيار الشريك.
الأفكار التي تبلورت بحثاً عن الإجابات سارت في اتجاهات عدة، لكني لم أكن راغبة في أن أفرض قناعات أجيال أكبر سناً من الشباب بعقود، لأن لكل جيل أفكاره ونظرته ووجهة نظره في شؤون الحياة والمستقبل، إذ إن هذا الجيل لا يفكر بالعقلية التي كنا نفكر بها، لأن من شأن ذلك أن يعني توقف الحياة وجمودها، فالاختلاف هو ما يدفع إلى التطور مع الحفاظ على الثوابت.

أبحث عن شريك يناسبني
“أنا لا أفكر في الزواج في هذا الوقت بل أفكر في الشريك الذي يناسبني،” هذا ما بدأت به الحديث الآنسة (وداد الحسني، موظفة، 25 عاماً)، توقفت عند كلمة “يناسبني”، لكنها في حديثها واستمراره أوقفتني كلمة أخرى “يليق بي”.
قلت لها: يبدو أنك مغرورة.. مع الاعتذار؟
أجابت: لا، لست مغرورة، بل أنا شابة لي شخصيتي المستقلة التي لا يمكن لها أن تذوب في شخصية الشريك، أيّ شريك، ولا يمكن لي التنازل عنها مرضاة لمزاجه أو لتفكيره الذكوري، فكما يريد الاحترام لشخصه أطالبه باحترام شخصيتي، فأنا إنسانة متعلمة ومكتفية اقتصادياً ولي مشاعر وأفكار، لذا أبحث في الشريك عن المستوى اللائق من كل النواحي وأتمنى لو يكون قريباً مني ومن تطلعاتي.

أهلي اختاروا الشريكة
(وسام قاسم، طالب جامعي، 23 سنة) قال: “أنا لا أفكر في هذا الموضوع، فقد حُسم الأمر بالنسبة لي.” استغربت هذا الجواب من شاب جامعي، فقلت له سائلة: كيف حُسم الأمر ومن حسمه؟
قال: اتفقت عائلتي مع عائلة خطيبتي، وهي ابنة عمي التي تصغرني بسنة لكنها موظفة، إذ حصلت على وظيفة بشهادة الإعدادية، أما أنا فهناك احتمال كبير ألّا أحصل على وظيفة بعد تخرجي.
* وهل هذا سبب كاف لاختيار الشريكة؟
– هذا واحد من أسباب كثيرة، لكنه سبب مهم، فضلاً عن أنها ابنة عمي وهي جميلة أيضاً.

شريكتي التي أحب
(أحمد ستار، موظف، 28 سنة) حدثني عن العروض في اختيار الشريكة: “قدم لي الأهل كثيراً من العروض المغرية لاختيار شريكة حياتي، ولاسيما أنهم كانوا ينظرون بقلق إلى تقدم سنّي، وأن كثيراً من زملائي الذين كانوا معي في الجامعة قد تزوجوا واستقروا وأصبحت لديهم عائلة وأولاد، ومنهم من حصل على عمل حكومي أو يعمل في القطاع الخاص. رفضت عروضهم المغرية من ناحية جمال العروس أو من ناحية وضعها المادي، وأصررت على اختياري على الرغم من أنها لم تحصل على فرصة عمل ولم تكن من أقربائي، فأنا قررت أن تكون شريكتي في الحياة العائلية التي أريد عن أعيشها بسعادة ومحبة هي الإنسانة التي عشت معها قصة حبي الجميلة في الكلية، وقد تعاهدنا على أن نسير بحياتنا معاً، فهي أيضاً رفضت كثيراً من العروض المغرية من أجل حبنا الذي لابد أن نعيشه بسعادة.”

أريد زوجة تحبني وتصون أسرتي
(حامد حسان، موظف، 30 سنة) ذكر لي بعضاً من المواقف التي مر بها وسببت له إشكالات جعلته منطوياً على نفسه ومنعزلاً عن كثير من الأشخاص المحيطين به إذ قال: “ظن أهلي في بداية الأمر أني معقَّد عاجزٌ عن الإقدام على اختيار الشريكة أو التفكير في ذلك، ففكروا عوضاً عني في هذا الموضوع وبدأت عروضهم تنهال عليّ من أقارب أمي وأبي ومميزات كل فتاة من تلك الفتيات. كنت أخشى تكرار الفشل أو الرفض كما حصل معي في المحاولات السابقة، ما دعاني إلى الاعتكاف والانعزال لكي لا يُطرح الموضوع مجدداً، لم أكن أطلب مواصفات جمالية أو مادية، بل كنت أرغب فقط في إنسانة تحبني وتصون عائلتي لاحقاً، هذا كل ما أريده، لا أبحث عن موظفة أو ربة بيت، بل عن امرأة تقدر على بناء أسرة سليمة تعيش الحب وتنشر السعادة.”

أُفضِّلها موظفة وجميلة
(جليل قاسم، جامعي، كاسب، 25 سنة) قال بكل وضوح: “أنا أفضّل أن تكون شريكة حياتي موظفة وتناسبني في العمر وعلى قدر من الجمال.”
سألته: لماذا؟
قال: أنا شاب وخريج جامعة لم أحصل على وظيفة بعد وأمارس أعمالاً حرة، قد أجد عملاً في يوم، ويتعذر عليّ ذلك في أيام أخر، لذلك أنتقل من مهنة إلى أخرى من أجل أن أتدبر مصروفي اليومي، وحتى لا أكون عالة على عائلتي وأنا في هذا العمر، لذلك ترينني أفكر بزوجة موظفة لديها راتب شهري ثابت معلوم يمكننا أن نرتب في ضوئه حياتنا الأسرية مع ما أحصل عليه من عملي اليومي الحر.”

البعض يُفضِّلها ربة بيت
استوقفني في حديث الباحثة الأكاديمية (هبة مجيد، التدريسية في قسم علم الاجتماع / كلية الآداب/ جامعة بغداد) ما ذكرته عن تفضيل الشباب لربّات البيوت، إذ قالت “يفضل معظم الشباب الزواج من ربّة بيت على الزواج من المرأة الموظفة، وذلك يعود إلى طبيعة المجتمع العراقي الذكورية، إذ يفضلون أن تكون الزوجة أقل منهم من ناحية المستوى الفكري والعمري، كما أنهم يفضلونها صغيرة في السن وذات مواصفات جسدية وجمالية جذابة، يعود ذلك إلى أسس الاختيار للزوجة الذي أصبح قائماً على معايير جسدية لا فكرية، وينجم عن ذلك عدم التوافق الفكري بين الزوجين الذي تظهر نتائجه سلباً فيما بعد على بناء الأسرة.”