الغيرة قد تدمر السعادة الزوجية!
فكرة الطائي /
نجاة عبد الحسين، موظفة في مركز مرموق وتعيش حياة زوجية سعيدة ومرفهة، تحب زوجها جداً، لكنها تغار عليه بشكل لا يصدق.
غيرة نجاة تدفعها إلى التدخل في تفاصيل حياة زوجها اليومية، سواء أكانت في البيت أم العمل، وحتى أحاديثه مع أقاربه وزوجاتهم مرصودة ومحل شك من قبلها إلى الحد الذي دفع زوجها إلى التقيد والحرص الشديدين على كل كلمة أو تصرف قد يثير الريبة والشك من زوجته، وهو الذي يخشى على مشاعرها وأحاسيسها من أن تخدش من جراء سلوك أو كلمة غير مقصودة تبدر منه، مع ذلك لم يحل حرصه الشديد دون استمرار غيرة الزوجة، تلك الغيرة التي كادت أن تخسر زوجها بسببها، فقد ضاق ذرعاً بتصرفاتها وغيرتها المجنونة التي قلبت حياته إلى جحيم.
لا ترتبط الغيرة بالمرأة فقط، إنما تصيب الرجال أيضاً، وهناك أنماط من الغيرة، منها غيرة الزوج على زوجته أو العكس، أو الغيرة الوظيفية التي تفتقد التنافس الإيجابي المشروع، أو الغيرة المجتمعية من الوجاهة والحظوة بين أوساط المجتمع المحيط بالإنسان، يعني أن تكون محبوباً وذا حظوة، فهذه رحمة من رب العالمين وحسن تربية اجتماعية ترسخ القيم الإنسانية بين أفراد المجتمع العراقي.
أنواع الغيرة
تقول ندى قاسم – موظفة صحية-: “مررت بمواقف متعددة من الغيرة، فقد كانت لي صديقة تغار علي كثيراً من اهتمام صديقاتي الأخريات بي، خشية أن أتقرب لهن وأبتعد عنها، وكثيراً ما كانت هذه الغيرة المفضوحة تسبب لي حرجاً مع الزميلات في العمل، أتذكر في إحدى المرات كنت أتحدث مع مجموعة من الزميلات، فقامت بتصرف مفاجئ أحرجني، إذ سحبتني من بين المجموعة وقطعت الحديث معهن بطريقة غير حضارية تدل على انزعاج واضح، لكنه غير مبرر “.
توضح قاسم: “سعيت إلى إفهامها بأنها صديقة عزيزة وحديثي مع بقية الصديقات لا يعني انفصالي عنها أو أني سأتخلى عن صداقتها”.
الغيرة المدمرة
فيما تؤكد ابتهال محمد محسن – موظفة- أن “الغيرة موجودة في كل مكان وكل زمان، وقد تكون عند أشخاص لا ينقصهم شيء من مستلزمات أو كماليات الحياة، مثلما هي موجودة عند الأشخاص الذين يفتقدون تلك الأشياء، فالشخص المصاب بالغيرة يستشعر تلك الغيرة من الأقرباء والأصدقاء ممن يكرهون أو يحبون على حد سواء، وهو الأمر الذي يخلق منه شخصاً أنانياً لا يحب سوى نفسه “.
وترى سالي نعمان – طالبة جامعية- أن “الغيرة مدمرة، ولاسيما إذا ارتبطت بالجانب العاطفي، إذ كثيراً ما تكون فيه المرأة العاشقة مستنفرة المشاعر ومترصدة لأي سلوك من الآخر قد ترى فيه خدشاً للعلاقة العاطفية يثير الشكوك ويشعل هاجس الظنون إذا ما اقترن بأدلة تنمي تلك الظنون، لتصل إلى حد التصادم بين الطرفين، وتكون الغيرة في هذه الحالة مدمرة للجانب العاطفي “.
الغيرة الوظيفية
ويعتقد محمد جمال العاني – موظف- أن “الغيرة لا تتحدد فقط بين الرجل والمرأة بوصفهما زوجاً وزوجة، وإنما تتعدى هذه العلاقة إلى مجالات الحياة الأخرى، فهناك -على سبيل المثال- الغيرة الوظيفية، إذ نرى بعض الأشخاص يغارون من زملاء لهم في الوظيفة من وضعهم الاقتصادي، أو موقعهم الوظيفي، أو حتى من كتاب شكر أو كلمة ثناء من المسؤول بحق زميل من الزملاء “.
الغيرة بين الأبناء
وأشارت كريمة رضا عبد – أم لخمس بنات- إلى موضوع على درجة عالية من الحساسية، ألا وهو الغيرة بين الأبناء، إذ قالت: “لمست هذا الأمر عند ابنتي الوسطى في غيرتها من أخواتها الأكبر والأصغر منها عمراً، على الرغم من أني لا أفرق بينهن في التعامل كباراً أو صغاراً، وأحسب لكل شيء حساباً عاطفياً أو مادياً حتى لا أثير الحساسية بينهن، لكنها دائماً ما تدعي أني أحب الأخريات أكثر منها، وأني أفضلهن عليها، ودائماً ما أوكد لها بأنها واهمة، وأن هذه افتراضات غير صحيحة وأنها ستعرف لاحقاً أني أحبهم جمعياً.”
لا منطق في الغيرة
ويعتقد غيث عزيز – أعمال حرة- أن “الغيرة حالة لا منطقية لأنها تستند إلى شكوك وظنون ولا تستند إلى حقائق، فهي مجرد تصورات ذهنية لشخص في فهم مشاهداته وتفسيرها وفق تصوره الوهمي الذي قد يدفعه إلى رد فعل متهور يعود بنتائج عكسية ويتسبب له بمشاكل لا قبل له بها، كان باستطاعته أن يتجنبها لو فكر بهدوء وبعقل متزن.”
تهديد لكيان الأسرة
فيما تؤكد الباحثة الاجتماعية عبير محمود أن الغيرة إحساس لا يقتصر على جنس دون آخر، فهي موجودة لدى الرجل أو المرأة، لكن بالطبع ترتفع الغيرة لدى النساء لأنهن بطبعهن عاطفيات، ومع أن الغيرة تحصل لدى الزوجة نتيجة حبها لزوجها، لكنها قد تتحول إلى مرض يؤذي طرفي العلاقة الزوجية.
ومن المؤكد أن المرأة -بأنوثتها وأمومتها- مخلوق رقيق وحساس جداً، ولا يمكن لها أن تخفي غيرتها، لهذا فإنها تعبر عن هذه الغيرة في بعض الأحيان بشكل سلبي، فتفتعل المشاكل والأزمات وتختلق أموراً تؤدي في النهاية إلى تهديد العلاقة الزوجية، ولاسيما أن بعض الأزواج لا يتفهمون طبيعة النساء وغيرتهن الزائدة.