الكريســـــمس.. بهجـــــة دافئــــــة في ليالي الشتاء

24

ميساء فاضل

تصوير / حسين طالب

يحتفل العراقيون كل عام بأعياد رأس السنة الميلادية في جو تسوده البهجة والسرور ومشاعر الحب والفرح، إذ يتهيأ الناس للاحتفال بهذه المناسبة بشراء أغراض زينة مميزة، مثل شجرة الكريسماس الخضراء، وزي بابا نوئيل الأحمر، والهدايا المتنوعة، والشموع الحمر، وأكاليل الزهور، فضلاً عن الحلوى والمعجنات المختلفة.
يجمع هذا العيد جميع أطياف الشعب العراقي للاحتفال، فتتزين الطرقات والمنازل والساحات بأشجار عيد الميلاد الجميلة. وتختلف طرق الاحتفال بهذه المناسبة، فهناك من يفضل الجلوس في المنزل وسط الأبناء والأقارب والأهل ومشاهدة الأفلام والبرامج، فيما يتجه بعضهم الآخر للخروج إلى الحفلات والمطاعم والسهرات العائلية حتى صباح العام الجديد.

 

رموز الكريسمس
شجرة الصنوبر الخضراء هي صاحبة النصيب الأكبر في هذه المناسبة، إذ تنصب قبل العيد بعدة أيام، ويجري تزيينها بأنواع مختلفة من الزينة، مثل الأضواء والكرات الملونة والشرائط الحمر والخضر، فضلاً عن النجمة التي تتوسط الشجرة من الأعلى.
أول شجرة عيد ميلاد كانت شجرة الصنوبر التي تعبر عن الحياة والحماية من الشر، وظهر تقليد شجرة الكريسماس بألمانيا في القرن السادس عشر، لتصبح عادة اجتماعية في ذلك الوقت، ثم انتقلت إلى بريطانيا وأميركا عندما قدم إليها المستوطنون الألمان، واليوم
إلى جميع أنحاء العالم، حتى في البلدان التي لا يغلب عليها الطابع المسيحي.
اعتقادات قديمة
الطبيعة الدائمة الخضرة لأشجار الصنوبر، التي تمكنها من الاحتفاظ بأوراقها الخضر خلال فصل الشتاء أو مواسم الجفاف، تمثل أيضاً انتصار الحياة على الظلام، إذ كانت لهذه الشجرة وثمارها اعتقادات في الثقافات القديمة. ظهر (كوز) الصنوبر (ثمرة في شجرة الصنوبر) في العديد من الألواح والجداريات السومرية والبابلية، وعند الآشوريين بشكل خاص، فهي تُعد ثمرة مباركة، يحملها الملوك أو كبار الكهنة أثناء أدائهم الطقوس والشعائر الدينية .
أما في اليونان، فكان يُعتقد أن حفيف أوراق الأشجار الدائمة الخضرة، مثل الصنوبر، هو صوت زيوس، وفي مصر القديمة كانت هذه الأغصان الخضر تعلق على المنازل والنوافذ، لاعتقادهم بأنها تبعد الأرواح الشريرة والمرض عنهم. وفي روما كانوا يحتفلون بالانقلاب الشمسي، حيث يقومون بتزيين منازلهم ومعابدهم بأغصان دائمة الخضرة، مثل أغصان شجرة الصنوبر، لاعتقادهم بأنها سوف تصبح مزارع وبساتين خضراء.
بابا نوئيل
لا يكتمل الاحتفال بعيد الميلاد دون وجود بابا نوئيل، المعروف بالرجل العجوز السعيد ذي اللحية البيضاء الطويلة، الذي يرتدي زياً باللون الأحمر مع الحيوانات، كالأيائل التي تجر مزلاجته الجميلة السحرية في ليالي الثلوج، وهو ليس شخصية خيالية كما يعتقد البعض، إنما هو شخصية حقيقية – بحسبهم – ولكن بإضافات خيالية، إذ كان هناك قديس اسمه نيكولاس عاش في القرن الخامس الميلادي بمنطقة (ميرا) التركية في مدينة أنطاليا الحالية، كان يقوم بتوزيع الهدايا والملابس والطعام على العائلات الفقيرة، بالتزامن مع العيد، دون أن يعلم به أحد.
وقد وصلنا شكل بابا نوئيل اليوم، المعروف على مستوى العالم، عن طريق رسام الكاريكاتير (توماس ناست) الذي رسمه عام 1823 ورسخ صورته في الأذهان إلى اليوم، فيما وصفه أيضاً الشاعر الأميركي (كلارك موريس) في قصيدته (الليلة التي قبل عيد الميلاد).
الأحمر ورأس السنة
من القصص القديمة والطريفة حول ارتباط اللون الأحمر بأعياد رأس السنة الميلادية أنه في الأساطير الصينية القديمة استخدم اللون الأحمر لمطاردة وحش اسمه (نيان) يظهر في ليلة رأس السنة الميلادية الصينية، الذي كان يقوم بالتهام القرويين والمحاصيل الزراعية والماشية. بعد هذا اكتشف القرويون أن هذا الوحش يخاف من اللون الأحمر، لذلك بدأ الصينيون بارتداء هذا اللون لطرد الأرواح الشريرة .
أما الرومانيون القدماء فكانت لهم أسطورة أخرى مغايرة عن الصينيين حول ارتداء اللون الأحمر في أعياد رأس السنة، ففي عام 31 قبل الميلاد خلال حكم الإمبراطور أوغسطس بدأ الرجال والنساء بارتداء ثياب باللون الأحمر تعبيراً عن الخصوبة والصحة والثروة، واعتبروه لون الطاقة والعاطفة والحب، وخلف هذه الرمزية أصبحوا كل نهاية عام، أي رأس السنة، يرتدون اللون الأحمر للترحيب بالعام الجديد وتمني الحظ السعيد والصحة.
سر اللون الأحمر
اللون الأحمر يعبّر عن الفرح والنشاط والتفاعل والحماس الذهني والبدني، إذ يجري اختياره في المناسبات، مثل أعياد الكريسمس، لأن له طاقة خاصة نارية ولافتة للنظر، تحفز التركيز على العقل الباطن وتزيد من نسبة الحماس.
ولكن الطريقة المؤكدة الذي يعتمدها الأشخاص للاحتفال، هي ارتداء الملابس باللونين الأحمر والأخضر تعبيراً عن زي بابا نوئيل، الذي يعبّر عن شجرة الصنوبر (شجرة الكريسمس).