المرأة المثقفة.. هل حقاً مطبخها فارغ !؟

788

آمنة عبد النبي /

“لا تتزوّج بمثقفة”.. سوف تهدر ساعات طوال مملات بين صفحات كتابها وحاسوبها، في حين أنها أمام مسؤوليات بيتها ستكون أشبه بآلة التجميد العنيدة، أما “الكراكيب” المنزلية المبعثرة والعجرفة الكلامية فستُصبحان جزءاً من مشاهدك اليومية المعتادة ايها الزوج المُضطهد.
ترى من المسؤول عن ربط فكرة المعرفة الوفيرة بالمرأة السليطة اللسان، وهل حقاً أن تلك الشكوى الذكورية هي هروب وعناد مُبطن من عدم مجاراتهنّ لطريقة تفكيرهم البدائية؟
نقمة ونعمة
“كراهية الرجل المُبطنة للمثقفة مُختبئة تحت عقدة الطبيخ والخدمة، إنهم مجموعة مُنسحقين نفسياً وذكورياً ولا يُشبع دونيتهم سوى منظر الزوجة المركونة داخل البيت عوضاً عن غسالة الملابس”!
أول من فتحت النار بحديثها المعاكس تماماً لأجواء ستوكهولم الباردة، المترجمة العراقية في دائرة الهجرة السويدية (ناهيد العطار) قائلة:”إنها أنانية غالبية الرجال ممّن يريدون تحنيط عقل المرأة، أو ربما تقنينه وفقاً لأمزجتهم، المثقفة هي زوجة واعية لحقوقها وواجباتها، وقطعاً هذا الجانب يُقلق ذكور المجتمع ويحرج بيئاتهم المنغلقة التي نشأوا فيها، لذلك ستكون مع الوقت والتقارب أشبه بالنقمة واللعنة تجاه استهتارهم بقوانين الحياة الزوجية وعدم مبالاتهم بنظام البيت والأطفال لاحقاً، والغريب حينما تواجه إحدانا شريكها بكل تلك التناقضات والمشاحنات، تجده يتبجح بتنصيف الأدوار والأوقات حسب مزاجه الذكوري، لا حسب احترامه لحقوق الشريكة، إنهم يردون نساءً على شكلِ روبوتات يتحدثون ويفكرون ويخططون لكل شيء بدلاً عنهن، عقدة الدونية والانسحاق لن تفارقهم بل يعمد أغلبهم لإشباعها من خلال الشريكة وتحقيرها وجعلها مكملاً لأثاث المنزل”.
نضج وخصوصية
“لا أعرف لماذا تشعر النساء بالنقص تجاه خيارات الرجل الشخصية، وما علاقة الدونية بالأمر، أليس من حقه أن يختار لأطفاله وبيته أماً متفرغة؟ ”
من مدينة مالمو السويدية، استغرب الصحفي العراقي(نسيم الطائي) فكرة توظيف الخيارات الشخصية في قضايا التهجم والانتقاص، قائلاً:
“حينما يكون الرجل، واهتماماته، بعيداً عن الثقافة ومناخاتها المعرفية المتعددة، قطعاً ستكون قضية الزوجة المثقفة بعيدة أيضاً عن اختياراته، وسيكون تركيزه على تفاصيل الحياة الأسرية المستقبلية وكيف يضمن لأطفاله أماً متفرغة لهم تماماً. بالمقابل هنالك رجال لا شأن لهم بالثقافة وإنما على مستوى معين من الوعي والنضج نجدهم يختارون نساءً مثقفات ليكمل أحدهما الآخر دون تفسيرات نفسية مريضة، أما قضية ربط فكرة اللباقة اللغوية بالمرأة السليطة اللسان فأنا أعتقد أن الخلل هنا مجتمعي عام وليس ذكورياً، مع إقراري بوجود أغلبية كبيرة في مجتمعنا لا تريد للمرأة أن تكون ناجحة ومُلمّة بحقوقها وواجباتها، إلا أني أعزو النقص هنا إلى طبيعة شخصية الرجل الذي قد يكون نشأ في بيئة مُغلقة وغير مثقفة ورجل آخر نشأ ضمن بيئة مثقفة.”
انهزام وثقة
“ظاهرة النسوية لها دور في رسم هذه الفكرة، وللأسف غالباً ما تمارس النساء دورهن في المجتمع بطريقة تعتمد الصِدام مع الطرف الآخر وعدم التفاوض”!
بهدوئها الثقافي المعتاد، هكذا بدأت الشاعرة العراقية (زينب جبار) حديثها:
“في الحقيقة هنالك العديد من النساء اللبقات يلتزمن الصمت أو الهدوء في التعامل، إلا أن الصوت العالي له الأولوية، لذلك تبرز هذه الفكرة في محيطنا، وعلى الأغلب فإن الرجل الذي يلتزم بمقولته المناهضة للزواج من امرأة مثقفة هو بالحقيقة يستند إلى تخمينات شخصية، فغالباً ما تكون المرأة المثقفة ماهرة في التعامل مع كافة أولويات حياتها المنزلية والمهنية والثقافية وتفاصيلها، وعن نفسي فإن الطبخ له أولوية في حياتي تسبق كافة الاهتمامات الثقافية الأخرى، وبالمناسبة أعرف كثيراً من النساء في محيطي رفضن الارتباط بأزواج أقل منهن ثقافة أو ارتبطن وانفصلن لعدم إمكانية التواصل الثقافي بينهما.
إذاً، لا يمكن الحديث بالمطلق عن أيِة قياسات ثابتة لأن الخيار هنا يعتمد في الأساس على مدى ثقة الرجل بنفسه، الثقة بالنفس هي الأساس تليها ثقافة الشخص والذكاء الفطري والاجتماعي في التعامل، وغالباً ما يكون الرجال من هذا النوع هم بضاعة تنفد مبكراً، لذلك لا نصادفهم كثيراً في عروض الزواج المتأخرة نوعاً ما”.
تناقض ومنطق
“أنا رافض لتفسيرات المرأة المثقفة ومؤيد لفكرة الزواج منها على أساس أن السعادة تبدأ من وعي الأم الناضجة ثقافياً”
بهذا التناقض المنطقي، المُقنع ربما، فاجأنا الإعلامي المغترب (مصطفى جواد) برأيه مكملاً: “لا أعرف لماذا يواجه خيار الرجل الشخصي بسوء النية النسوية المعتادة، الفكرة خاضعة لوعي الرجل ولا يمكن حصرها بالمطلق، لأن هنالك كثيرين يحبذون الزواج من المثقفة والناجحة في وظيفتها مستندين هنا إلى فكرة نجاحها في الجوانب المنزلية الأخرى، بالمقابل أيضاً، أعرف الكثير من أصدقائنا تزوجوا بنساء بسيطات الفهم لكن مع ذلك أصبحت لديهم عوائل رصينة، إذاً وجود نسبة كبيرة من الرجال في منطقة الشرق الأوسط ممن لا يفضلون الارتباط أو التعامل مع المرأة المثقفة في قضايا الزواج وغيرها هو ليس خطأهم وإنما يعود لبيئة المجتمعات المتهالكة التي نشأوا في داخلها.”