الندم وخطورته على الصحة العقلية

1٬070

الشبكة /

يرى المعالجون أن العاطفة يمكن أن تكون مستهلكة ومدمرة في كثير من الأحيان وقد تؤدي الى الشعور بالندم والأسف، وهذا ما يشكل خطراً على الصحة العقلية. لكن من جهة أخرى فإن التعلم من الأخطاء يقود الى تحسين المستقبل.
يقول ديفيد مورجان من معهد التحليل النفسي :ذات يوم، وبالتحديد في فترة الخمسينات، كان هناك مصرفي يعمل سبعة أيام في الأسبوع منذ 25 عاماً، وبمرور الوقت أصبح رجلاً ثرياً للغاية، وفي ذروة حياته المهنية نظر من حوله وأدرك أنه أهمل عائلته بالكامل، ونتيجة لذلك رفضته عائلته لأنه أهملها طيلة هذه السنين وبقي وحيداً. كان الندم غالباً عليه وينتابه الذعر والسؤال هل لدى هذا الرجل القدرة على إيجاد طريقة للخروج من هذا الموقف القاسي الذي خلقه لنفسه؟
عمّال المناجم
يضيف مورجان، الذي قضى سنوات عدة في مساعدة هذا المصرفي واستكشاف الأسباب التي دعته الى العمل بجد وتجاهل أطفاله وعائلته: يعود ذلك الى أسباب متعلقة في طفولته المبكرة عندما شاهد والديه يتضوران جوعاً حتى الموت اثناء إضراب عمال المناجم في الثمانينات. لقد كرر هذا بغير وعي بإفقار أبنائه وبالتالي إفقار نفسه، من هذه العلاقات المحبة في جهوده المتواصلة للتغلب على الفقر المؤلم الذي عانى منه في طفولته.
من هذا الفهم المعقد، يشرح (مورغان) أن هذا الرجل لم يكن يشعر بالذنب بسبب تصرفه على نحو ما، لأنه كان يتجاوز سنّه دون أن يشعر، لكن هذا لا يعني أنه لم يكن يشعر بألم حقيقي، لكن هذا الألم يُعطى إحساساً بالتاريخ وهذا يعني أن ندمه يمكن فهمه ومنحه معنى آخر في حياته ويمكن أن يكون الشعور بالندم مدمراً للروح البشرية.
جنون العظمة
غالبية المرضى يشعرون بالأسى وعدم قدرتهم على العيش حياة كاملة سواء أكان الأمر متعلقاً بالشؤون الاجتماعية أم بالخيارات المهنية أو العلاقات، وعادة ما يكون نوع الأسف من أغلب الناس سببه جنون العظمة والاضطهاد، معظمهم يقول: “يا إلهي أنا فظيع للغاية، أنا فظيع”، وهذا يمكن أن يكون مدمراً بشكل لا يصدق للصحة العقلية، إنه أمر مرهق ويمتص كل الفرح والوفاء من أيامه ويتركه عالقاً وينظر دائماً إلى الوراء وغير قادر على المضي قدماً في الحياة.
ارتكاب الأخطاء
تقول كاترونا ورتسلي، وهي طبيبة نفسية، في تحليل الأزواج: بعض الناس يعتقدون أن الشعور بالندم يمكن أن يحميهم من الألم ومخاطر العيش لحياة كاملة وأن كلمة الأسف يمكن أن يستخدمها البعض كـ “دفاع ضد المحبة”، إذ تصف أحدى مريضاتها وتدعى”آمي” التي انفصلت عن زوجها على الرغم من أن زواجهما استمر لسنوات طوال وارتباطها بعلاقات متعددة أخرى لم تدم طويلاً وشعورها بالندم والأسف وتصميمها على عدم ارتكاب أية أخطاء في المرة المقبلة واستعدادها للبدء من جديد بعد أن أصبحت مرعوبة من تكرار خيبة الأمل والأذى مرة ثانية وتضيف: علينا أن نفتح أنفسنا أمام إمكانية ارتكاب الأخطاء ونأسف لها حتى نتعلم من التجربة، وهذا ليس بالأمر السهل، لكن مع الممارسة يصبح الأمر أسهل، لأننا كلما سمحنا لأنفسنا أن نرتكب أخطاء وإذا استطعنا التعلم منها، قلّت الأخطاء التي يرتكبها المرضى مثل “آمي” ويواصلون تطوير علاقات طويلة الأمد ومحبة.

عن الغارديان