النوم.. حبَّة سحرية للصحة العقلية
ترجمة: ثريا جواد /
قدم (عزرا هوينج) من معهد (جيفنز) للأبحاث البشرية نظرة ثاقبة عن نوعية النوم المناسبة وسبب أهميتها، وكان سؤاله الجوهري هو: “هل يعد النوم حبّة سحرية لعافية مَن يعانون اضطرابات في الصحة العقلية؟” تخبرنا الأبحاث التي أجريت في هذا المجال أن النوم الجيد لا يتعلق فقط بالحصول على قسط كافٍ منه بل يتعلق الأمر بنوعية النوم المناسبة التي تعد هي المفتاح.
من المعروف، منذ مدة طويلة، أن القلق والتوتر يزيدان من شدة نوم العين السريعة الحركة، ما يؤدي إلى الانغماس بالأحلام في وقت مبكر من الليل وتقليل النوم العميق اللازم لإصلاح الدماغ والجسم، وإذا ما استمر الحلم الشديد طوال الليل، فإن النائم يستيقظ وهو يشعر بالإرهاق والافتقار إلى الدافع، وهو ما يعرفه الباحثون -وأولئك الذين جربوه- بأنه نمط النوم الذي يتميز بالاكتئاب.
الأرق والكوابيس
إذا كان الأرق والكوابيس يمنعان نوم العين السريعة الحركة من أداء وظيفة تقليل هرمون الإجهاد (الكورتيزول) وتهدئة العواطف من اليوم السابق، فإن ضابط أمن الدماغ، اللوزة، يُترك في حالة استيقاظ عالية.
وتظهر الأبحاث السريرية أن حرمان شخص ما من REM sleep (هو مرحلة من مراحل النوم تتميز بحركة العين السريعة فيها)، يجعل اللوزة أكثر تفاعلاً بنسبة 60٪ مع الأحداث المشحونة عاطفياً، لذلك ليس بمستغرب أن يقول (دينيس بوب) “إن الأرق لدى المراهقين يزيد من سلوك المخاطرة والاندفاع، وهذا من شأنه أن يشمل العامل الحافز للأفكار الانتحارية، وفي الواقع كثير من الدراسات المعنية بالنوم ترى أن الأرق هو عامل الخطر الرئيس الذي يحدد ما إذا كان الشخص الذي يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة أو الاكتئاب الشديد سيعاني من أفكار انتحارية.”
ويسعى التثقيف الصحي العام إلى تأكيد أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم، كذلك لتوضيح أن التوتر الناتج عن الاحتياجات العاطفية غير الملباة يمكن أن يسبب الاكتئاب عندما يكون لدينا كثير من نوم العين السريعة الحركة، أو الدافع للعمل على الأفكار الانتحارية.
الاستيقاظ المبكر وآثاره المزاجية
كما أظهرت الدراسات الحديثة أن الاستيقاظ المبكر بشكل طبيعي يمنح سعادة أكثر مما في الليل، والوقت الذي تستيقظ فيه كل صباح له صلة بالحمض النووي الخاص بك، ويمكن أن يكون له تأثير على مزاجك وعافيتك، ومن الممكن أن يكون الانسان لطيفاً جداً والسبب هو وقت الاستيقاظ، فما بالك اذا كان الاستيقاظ عند بزوغ الفجر؟
كذلك اكتشف العلماء أن الأشخاص الذين يستيقظون مبكراً في الصباح يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة وأفضل حماية من الاكتئاب.
هل هناك أدلة علمية تدعم هذا؟ سألتْ (جيسيكا أولوغلين)، المؤلفة الرئيسة لدراسة نشرت في مجلة Molecular Psychiatry، أكثر من 450.000 شخص في منتصف العمر عن الوقت المفضل لهم في الاستيقاظ فتبين أن أولئك الذين استيقظوا في وقت مبكر يميلون إلى الإبلاغ عن حالات أقل من الاكتئاب والقلق، والسبب أنهم لا يحاربون الطبيعة من خلال الانحراف عن أنماط اليقظة الطبيعية، في هذه الأثناء يميل أولئك الذين سهروا منهم إلى الشعور بالفزع في اليوم التالي. إنه شكل من أشكال اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، ويمكن أن يجعلك غير سعيد.
ملامح وراثية
اكتشفت أبحاث جامعة إكستر 351 متغيراً جينياً تحدد وقت الاستيقاظ وأظهرت أن أولئك الذين لديهم ملامح وراثية مبكرة كانوا أقل اكتئاباً بنسبة 8 ٪ من غيرهم، وباختصار شديد: “الأشخاص الصباحيون هم عموماً أكثر سعادة.”