الهدايا رسائلُ حب وطريق لكسب القلوب

1٬111

تارا باركر، نيويورك تايمز – ترجمة: آلاء فائق /

الهدية هي ما يهدى لشخص ما دون توقع مقابل، يمكن أن تجعلك الهدية أكثر سعادة وأقل حزناً، هي وسيلة يتبادلها الناس فيما بينهم لشحذ المحبة وتمتين الروابط الاجتماعية.
يقول جون لويس “عندما توفيت والدتي منذ بضع سنوات، تحدثت أنا وإخوتي كيف ستكون حياتنا من دونها. أشار أحد إخوتي إلى أننا بعد رحيلها لن نحظى بالمزيد من الهدايا”.
كانت والدتي شغوفاً بتقديم الهدايا، وكشخص بالغ يتحسب لكل صغيرة وكبيرة، كنت أحثها على التوقف عن تقديم الهدايا وأن الأجدر بها إنفاق الأموال على نفسها، لكنها كانت ترفض. كانت تحب تقديم الهدايا أكثر من اللازم.
الهدية في منظور الباحثين
لطالما كان تقديم الهدايا موضوعاً مفضلاً للدراسات المتعلقة بسلوك الإنسان، إذ كان علماء النفس وعلماء الأنثروبولوجيا والاقتصاديون ومسوقو البضائع يولون أهمية كبيرة لموضوع الهدايا. لقد وجدوا أن تقديم الهدايا جزء مهم ومعقد من التفاعل الإنساني ويساعد على تحديد العلاقات وتقوية الروابط مع العائلة والأصدقاء.
يقول علماء النفس: غالباً ما يكون المانح وليس المتلقي هو من يحصد أكبر المكاسب النفسية من تقديم الهدية، لكن الإحباط المتولد لدى الفرد بسبب الزحام والمرور والنزعة الاستهلاكية، يمكن أن تجعله يتراجع في بعض مواسم الأعياد عن تقديم الهدية.
أظهر استطلاع للرأي أجري عام 2005 أن أربعة من كل خمسة أميركيين يعتقدون أن العطل تستنزف الفرد مادياً بإفراط ، وفقاً لمركز الحلم الأميركي الجديد، الذي يروج ويشجع على الاستهلاك المسؤول.
لكن بينما تجد أنه من المعقول خفض الإنفاق في فترات الأعياد وأيام العطل، يقول علماء النفس أن حظر تبادل الهدايا مع الأحبة ليس هو الحل الأفضل، إذ أن الأشخاص الذين يرفضون قبول الهدايا أو تبادلها في العطلات، قد يفقدون جانباً مهماً من علاقاتهم مع العائلة والأصدقاء.
تقول إيلين لانجر أستاذة علم النفس بجامعة هارفارد عن التأثير السلبي لعدم اعطاء الهدايا في العلاقات الإنسانية: “إذا لم أسمح لك أن تقدم هدية لي، فهذا معناه أنني لا أشجعك على التفكير بي ولا بالتفكير في الأشياء التي أحبها، كما تعني أنني أمنعك من خوض تجربة مفرحة في الانخراط في جملة أنشطة.
هدايا الهنود الحمر
وعبر تاريخ البشرية يعترف الناس بمختلف مشاربهم بالقيمة الاجتماعية للهدية. فمنذ آلاف السنين انخرطت بعض الثقافات الأصلية في إحياء احتفال كبير لدى الهنود الحمر يعرف باحتفال “بوتلاتش” وهو حفل معقد تقوم فكرته على تقديم أحسن الهدايا وأفضل العطاءات.
على الرغم من تباين التفسيرات الثقافية ، فغالباً ما كانت العائلة المنفردة بتقديم العطاءات داخل عشيرة ما أو قرية تتمتع بالنفوذ والجاه، فليس معيار تقييم كثرة ممتلكاتها بقدر ما ينظر لها على كثرة عطائها وكرمها. كلما زاد كرم العائلة، كلما ارتفعت مكانتها داخل القرية أو العشيرة.
يعتقد بعض الباحثين أن قوى التطور ربما كانت تفضل منح الهدايا. الرجال الذين كانوا أكثر سخاءً وكرماً من غيرهم، ربما كانوا أكثر إنجاباً، كونهم كانوا يجمعون أكثر من زوجة. كما أن النساء الكريمات، كثيرات العطاء شعرن بالراحة في إعالة العوائل الفقيرة داخل العشيرة.
جدير بالذكر أن الكتب التي تعنى بسلوك الحيوان وثقت كيفية استخدام القرد عديم الذيل من فصيلة ape والشمبانزي للغذاء مقابل استمالة الإناث للوصول للعلاقة الحميمة .
الاختلافات بين الجنسين في تقديم الهدايا
تقول مارغريت روكر، باحثة نفسانية في جامعة كاليفورنيا بمدينة دافيس، إن الرجال عادة ما يكونون أكثر وعياً بالأسعار عندما يتعلق الأمر بالهدايا التي يقدمونها ويحصلون عليها، بينما تكون النساء أكثر قلقاً لدى تقديم وتلقي الهدايا ذات الأهمية العاطفية.
تقول روكر إنها طالما قصت للآخرين عن حكاية الرجل الذي تسلق شجرة لأخذ بيضة عصفور أبو الحناء، فقط لأنها تتناسب مع عيون صديقته الزرقاء. النساء عامة يروق لهن تصرّفه هذا ويقلن: “آه ، كم هو رومانسي”، لكن الرجال سينعتون تصرفه بالأحمق، فضلاً عن غبائه بترك أنثى الطير دون بيضة.
توضح ماري ماكغراث، العميدة المساعدة لكلية إدارة الأعمال في لويولا أن الاختلافات بين الجنسين في تقديم الهدايا ظهرت في مراحل مبكرة من الحياة. درس الباحثون بجامعة لويولا في شيكاغو تصرف الأطفال في عمر 3 و 4 سنوات في مركز للرعاية النهارية، وقد حضر جميعهم حفلة عيد الميلاد نفسها. بينما ذهبت البنات للتسوق مع أمهاتهن واختيار أجمل الهدايا وتغليفها بعناية، كان الأولاد غالباً غير مدركين للهدية، وأخذوا غفوة بينما ذهبت أمهاتهم للتسوق بدلا عنهم”.
غالباً ما يكون منح الهدايا هو الطريقة الأكثر وضوحاً لإظهار اهتمام الشريك أو تقوية الروابط أو حتى الإشارة إلى أن العلاقة يجب أن تنتهي. ذكرت إحدى زميلات روكر أنها علمت أن زواجها قد انتهى عندما سلمها زوجها هدية في حقيبة بقالة بنية.
لمن تعطي هداياك الخاصة؟
يقول الباحثون إن الأشخاص الذين يتوقفون عن تقديم الهدايا يخسرون خط التخاطب الاجتماعي الهام. تقول د. ماكغراث: “المتصدر لقائمة الهدايا الخاصة بك يخبرك من هو المهم في حياتك ومن هو الأكثر أو الأقل أهمية”.
لمحة عن سيكولوجية العطاء
للاطلاع على لمحة عن سيكولوجية العطاء، درس الباحثون بجامعة فرجينيا كومنولث مؤخراً إهداء بعض الحيوانات الأليفة كهدايا لمحبيهم، فقد وجدوا أن ذلك نابع من الرغبة بجعل أحبائهم سعداء مع مراعاة تأمين وسائل الراحة والرعاية للحيوانات. قد يبدو البحث، الذي سيتم نشره في العام المقبل، تافهاً، لكنه يعطي أيضاً صورة واضحة عن طبيعة الخدمة الذاتية للعطاء لأن الحيوانات الأليفة لا يمكن أن ترد بالمثل.
كيفية اختيار الهدايا
يحتار كثير من الأشخاص عند اختيار الهدية بسبب اختلاف أذواق الناس، واختيار الهدية هو فن لا يستطيع أي شخص إتقانه، لذا عليك معرفة ما يناسب الشخص لإدخال البهجة والسرور لقلبه.
أمور يجب اتباعها
يجب التمييز بين هدايا الرجال وهدايا النساء واختيار المناسب لكلا الطرفين. اختيار الهدية حسب احتياج الشخص المهدى إليه، ولا بأس من طلب المساعدة من أشخاص مقربين للشخص المهدى إليه لمعرفة ما يفضّل من هدايا.
اختيار الهدايا حسب العمر والجنس وتقديم المناسب لكل شخص.
مراعاة القدرة المادية عند شراء الهدية، وتجنب التكلّف في اختيار الهدية.
اختيار الهدية حسب نوع العلاقة بين الأشخاص.
اختيار الهدية حسب المناسبة، فهدايا الزواج تختلف عن هدايا أعياد الميلاد وعن الهدايا التي تقدّم للمريض.