الهدية.. رسالة محبة وتواصل

738

فكرة الطائي /

خلا البيت من الأولاد بعد أن تزوجوا واستقلوا في بيوت خاصة بهم، بقيت الأم السيدة أحلام حسين – متقاعدة- ، تعيش مع زوجها في البيت الكبير مع ذكرياتها وذكريات أولادها الذين كانوا في البداية يزورونها في أوقات متقاربة ويملأون البيت ضجيجاً ومرحاً، لكن مع مرور الأيام ، صارت الزيارات متباعدة، والشوق يشتد، والحنين يأخذني إليهم، لكن صحتي مع الأيام لم تعد تساعدني على الخروج من البيت، لذلك أنتظرهم في كل مناسبة، وأفرح بمجيئهم، إلا أن فرحتي كانت أكبر، حين اجتمعوا في نهاية العام وجاءوا يحملون لي هدية بالمناسبة، أدخلت الفرحة والبهجة في نفسي، ليس لقيمتها المادية الكبيرة، وإنما في قيمتها العاطفية، فالأولاد لم ينسوا والدتهم في هذه الأيام التي تعد فاتحة لعام جديد من الخير والفرح والمحبة.
هذه الحكاية، التي كنت شاهدة على تفاصيلها، أعادتني الى مسراتنا الصغيرة حين كنا ننتظر الهدايا من والدينا في المناسبات والأعياد، فهي مصدر فرحنا وسعادتنا.
السر وراء الفرح
ماهو السر وراء الفرح بالهدية؟ سؤال خطر في بالي وأنا أتحدث مع السيد محمود زهير – موظف- الذي قال لي: “تعد الهدية تعبيراً خاصاً لكل معاني التواصل الإنساني، وهي لغة من لغات الحب العديدة التي يمكن للإنسان أن يعبر بها عن مشاعره تجاه من يحب، إذ لابد أن تقرن الهدية بسلوك جمالي إنساني على مستوى العائلة أو الأفراد، وفي ذلك سر الفرح الذي يكمن في معاني الهدية ودلالاتها الإنسانية.”
الشغف بالهدايا
سررت في حديثي مع السيدة مريم محمد -موظفة- لما امتاز به من صراحة وخفة دم، فقد أخبرتني بأنها شغوفة جداً بالهدايا، وتفرح بها أيما فرح، لا أريد أن أتحدث بالنيابة وإنما أنقل ما قالته لي: “أنا بصفة شخصية، ومن دون أخواتي جميعا، شغوفة بالهدايا، وأزعل إذا مرت مناسبة من دون هدية مناسبة، ولا تتصوريني أفرط بالهدية مهما كانت بسيطة، فهي عبارة عن ميثاق محبة واحترام وتواصل أنساني، لذلك على مستوى حياتي العائلية فأنا دائما ما أخلق، وليس أختلق، المناسبات حتى أحفز زوجي على التفكير في هدية تليق بالمناسبة، لذلك تجديني أحفظ كل تلك الهدايا منذ سنوات مع تفاصيل عن المناسبة والشخص الذي قدم الهدية، حتى أن زوجي في كثير من الأوقات يقول لي متى يمتلئ متحف هداياك؟ وأنا أرد عليه بثق: مازال الحب موجوداً يبقى متحفي مفتوحا لنسائم الحب العذبة.”
أحب تقديم الهدايا
أكد لي السيد سيف علي -أعمال حرة- أن “الهدية تعني لي الكثير حتى إن كانت رمزية، فهي تفيض بمشاعر وأحاسيس الحب والمودة الصادقة، ولا أقصد الهدية بين المحبين فقط، وإنما بين جميع الناس أفراداً وعوائل، وأنا أتحدث عن الهدايا، أحب تقديم الهدايا في كل المناسبات، الصغيرة والكبيرة منها، للأقارب والأصدقاء، والهدايا أوزان، حسب درجات المحبة، لكني لا أضع هذه الأوزان في اعتبار الأصدقاء، فالجميع عندي بوزن محترم، وأفرح فرحاً كبيراً عندما تدخل الهدية التي أقدمها للصديق الفرحة والمسرة في قلبه.”
الهدية أحساس
“لا مبالغات في الهدايا وإنما هي تعبير عن إحساس بالآخر،” هذا ما بادرني به السيد سمير عبد الرضا -مدرس- قائلاً: “تعد الهدية من أجمل الرسائل للتعبير عما يجول في داخل الإنسان تجاه من يحب من أفراد عائلته أو من المحيطين به من مشاعر الحب والحنان والمودة.”
النساء والهدايا
يقال إن النساء أكثر حباً للهدايا من الرجال، وهذا ما يقره الرجال قبل النساء، إذ يقول السيد حسن عباس -أعمال حرة- ما نصه: “من خلال تجربتي الشخصية العائلية، أدركت أن النساء أكثر حباً للهدايا، فقد كانت زوجتي كثيراً ما تحب الهدايا وتنتظر مني في كل مناسبة هدية ثمينة، وتتمنى مني أو من أهلها هدية في كل يوم، نعم، صدقيني تتمنى في كل يوم هدية خاصة، ولابد من أن تكون ثمينة فهي لا تقبل بهدايا بسيطة.”
أحب الهدية حتى لو كنت غنية
بهذه العبارة بدأت السيدة فاطمة عبد الرضا -ربة بيت- حديثها معي واسترسلت: “الهدية شيء رائع، والأروع فيها أن تكون من إنسان عزيز، عندها تتأجج مشاعر المحبة والسعادة والفرح في قلوب الناس المحبة للخير وللحياة.”
وأنا أصل الى خاتمة موضوعي هذا تمنيت في هذه اللحظات من يطرق باب بيتي حاملاً هديته ليدخل الفرحة والمسرة الى قلبي في هذه الأيام السعيدة.