تحديات خطيرة يفرضها التغير المناخي على النساء

202

د. سرى غضبان غيدان/
تختلف البنية الجسدية مابين النساء والرجال، وبالتالي فإن السيدات معرضات للوفيات بنسبة أكبر من الرجال بسبب التغير المناخي. وتتضاعف المشكلات الصحية للمرأة عند تغير المناخ، ومنها نقص الغذاء الذي يؤثر على النساء الحوامل بشكل خاص، الذي بدوره يؤدي إما الى ولادة مبكرة خطرة، أو الى ازدياد حالات الإجهاض. وتشير الدراسات الى أن (40 %) من حالات موت الجنين هي بسبب تلوث الهواء الناتج من حرق الوقود.

تدار المنازل من قبل النساء، لهذا فإن تغير المناخ والكوارث المناخية تؤثر سلباً على النساء، ولاسيما النساء اللاتي يعشن في المخيمات، او في مناطق تعاني من ارتفاع درجات الحرارة، مصحوبة بقلة المياه، فالنساء في المخيمات مجبرات على توفير المياه من مناطق أخرى، ما يعرضهن للإرهاق الجسدي والنفسي، أو تعرضهن للتحرش اللفظي أو الجنسي، وبالتالي ستزداد حالات العنف التي تتعرض لها النساء.
شحة المياه
من أكثر الكوارث التي تتعرض لها النساء من تغير المناخ هي (شحة المياه)، إذ تشير التقارير الى أن المخاطر التي تهدد الزراعة والأرض تؤثر سلباً على النساء العاملات في الزراعة، كما تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن نصف العاملين في الزراعة هم من النساء، وبالتالي فإن المتغيرات السلبية سوف تؤدي الى الضعف والفقر، ولاسيما أن نسبة النساء العاملات في الزراعة (40%). وفي إفريقيا وحدها تبلغ نسبة النساء العاملات في الزراعة نحو (50 %)، لذا فإن أي تغيير مناخي يؤثر سلباً عليهن. كما أن (13 %) منهن ممن يمتلكن أراضي زراعية يعملن فيها، والأرض هي مصدر الثروة والمكانة، وهي وسيلة العيش والتخلص من الفقر، فكل تأثير مناخي سلبي سوف يؤثر على عمل المرأة ووضعها الاقتصادي. كما تشير التقارير الى أن النساء يعملن (3) أضعاف عدد ساعات عمل الرجال في أعمال الرعاية المدفوعة الأجر، أي بمعدل (4) ساعات و(25) دقيقة يومياً، فبإمكان نساء الهند مقاومة الحرارة وزيادة ساعات العمل الى (90) دقيقة يومياً، و(150) دقيقة في نيجيريا. أما (اليمن) فإن (70 %) من سكانها هم من الريف، وأكثر من نصفهم يعملون في الزراعة، وأكثر العاملين هم من النساء، لذا فإن تغير المناخ وما يصاحبه (التصحر، قلة المياه، الفيضانات) يؤدي الى انخفاض مستويات المعيشة.
الهجرة والأعباء الاقتصادية
يرتبط الزواج المبكر في كثير من الحالات بالتغير المناخي، إذ تشير تقارير الأمم المتحدة UN الى أن الكثير من أزمات تغير المناخ تؤدي الى الهجرة، وترك الفتيات للتعليم، والضعف الاقتصادي للأسرة المهاجرة، وبالتالي الى ازدياد حالات الزواج المبكر، إذ إن (4) ملايين فتاة مهددة بترك الدراسة بسبب الكوارث وتغير المناخ، ما يؤثر سلباً على الوضع المعيشي، وزيادة الأعباء الاقتصادية وما يقابلها من آليات تكييف سلبية. كما يؤثر تغير المناخ على الأطفال، إذ تزداد الأمراض المتعلقة بالتنفس والرئة، الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، التي بدورها تعمل على زيادة الغازات الملوثة في الهواء. وعلى النزوح القسري الذي تتعرض له النساء بسبب الكوارث وتغير المناخ ما يعرضهن للخطر. كما يرتبط التغير المناخي بزيادة حالات الإجهاض والولادات المبكرة المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات تلوث الهواء.
العنف ضد المرأة
تتصاعد نسب العنف تجاه النساء بسبب التغير المناخي، إذ تشير التقارير والإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة التي استوفيت من دولة كينيا في افريقيا، في العام السابق، الى أن النساء اللاتي يعيشن في مدن تتعرض الى أزمات مناخية يكن أكثر عرضة للعنف، إذ تزداد نسب العنف تجاههن بمعدل (60 %) في العام الواحد، وكذلك الأمر بالنسبة للهند والنيبال وباكستان، فكلما ارتفعت درجة الحرارة ولو بمعدل درجة مئوية واحدة، يزداد العنف ضد النساء مقابلها بعلاقة طردية.
تختلف المرأة عن الرجل من ناحية القدرة الجسدية وقابلية التكيف، وكلما انتقلنا الى بيئات أفقر تزداد حالات العنف التي تتعرض لها النساء بسبب تغيير المناخ.
التكيف المناخي
النساء جاهدات في التكيف، ولاسيما في ملف المناخ، وهن يتسابقن دوماً في إيجاد حلول جذرية لمشكلة تغير المناخ. في البداية لابد من مراعاة اختلاف درجات الحرارة وتأثير المناخ من دولة الى أخرى، إذ لابد من منهج دولي تكاملي تستطيع المرأة من خلاله مواجهة التحديات التي تواجهها في عملها وصحتها وتعليمها، وخصوصاً الصحة (الإنجابية والجنسية)، العالم اليوم لابد له من اتخاذ خطوات جادة في المساهمات ودعم حالات التكيف الوطنية، فالمرأة تحتاج الى موارد أكثر والى التدريب والمشاركة الفعالة وتوزيع عادل للمياه على الأراضي والسكان، بالأخص نساء المخيمات ونساء الريف. لذا لابد من العمل على إيجاد الحلول الجادة لهذه الفئات المهمة، وتقليل الأعباء التي يواجهنها.
تبقى المرأة عنواناً للتحمل والصمود، والمفاوضات حول حلول أزمة المناخ لابد من أن تكون بتمثيل نسائي رفيع المستوى إذ إن حل أزمة المناخ يجب، بل لابد أن يكون التغيير (نسوياً) وبامتياز، بمشاركة المرأة في إنقاذ كوكب الأرض.