تشوهات ومخاطر صحية تهدد الحياة تجميل بمشارط أطباء” مز يفين”

338

ميساء فاضل /

تصوري وأنت في زيارة لطبيبتك النسائية، واذا بلوحة على جدار عيادتها تقدم لك عروضاً عن حقنها للبوتوكس او الفيلر أو إجراء عملية تجميل لتصغير الأنف ونفخ الشفتين، أو حينما تذهبين الى طبيب الأسنان، واذا بعروض أخرى عن “إزالة الخطوط الرقيقة الناجمة عن الضحك الى الأبد”!
والأدهى ما يتعدى ذلك ممن هم بعيدين أصلاً عن الطب في “صالونات الحلاقة” وإقدامهم أيضاً على القيام بعمليات الحقن بالفيلر والبوتوكس وغيرها..!
“مجلة الشبكة” تجولت بين العيادات التي تجري علميات الحقن هذه بلا أطباء اختصاص، للبحث عن سبب انتشارها دون رقابة أو حسيب؟
تجاهل ومخاطر
أسئلة عن مدى خطورة انتشار مراكز وصالونات تجميل بعيدة عن الطب، توجهنا بها الى وزارة الصحة متمثلة بمدير إعلامها.. إلا أنه رفض إبداء رأي أو تصريح بشأن هذه الظاهرة الخطرة..! لذا ما كان منا إلا الاستفسار من أطباء اختصاصيين، وغير اختصاصيين، والتحدث مع حالات عانت من مخاطر مجانية وعبثية من استخدام حقن المراجعات والمراجعين بهذه المواد.
الطب ليس دورة تدريبة
تؤكد الدكتورة ياسمين ناصر، اختصاصية نسائية وتوليد: أنّ “حقن الوجه على نحو صحيح يتطلّب جراحاً ماهراً ومدرباً جيداً، وبالتالي إجراء البوتوكس على يد طبيب من اختصاصات أخرى ليس بالفكرة الصحيحة، كذلك بالنسبة لمن لا علاقة لهم بالطب، فهم لا يعرفون تشريح الوجه وعضلات التعبير فيه، فهم بكل بساطة يسعون إلى تحقيق الربح المادي، فيخضعون لدورة تدريبة قد تستغرق بضعة أيام ويباشرون بعدها بحقن المرضى، لكن الأمر أكبر من مجرد تعلم كيفية حقن الإبرة، فإذا ما جرى حقن المنتج على مقربة من مقلة العين مثلاً وتحرك المنتج، فإنه قد يؤثر على العضلات الصغيرة التي تتحكم في تركيز مقلة العين داخل المدار العظمي، بل وقد يسبب العمى المؤقّت.”
وأوضحت أن “عدم تفاعل الجسم مع الفيلر يسبب أيضاً مشاكل مختلفة، ولاسيما عند حقن أنواع فيلر رخيصة، فهي قد تسبب قطعاً وتحجراً في مناطق الحقن.” لافتة إلى أن “حدوث كدمات مع حقن الفيلر في الأوعية الدموية في أماكن معينة في الوجه وظهور كدمات زرقاء، قد تصل الى أمراض خطيرة، فلابد أن يكون الطبيب دارساً لأماكن الأوعية الدموية في الوجه حتى لا تحدث كوارث كبيرة.”
دخلاء.. ولكن
إلى ذلك، يقول الطبيب غسان فاروق الحوري، وهو طبيب متخصص بالأمراض الجلدية: “البوتوكس هي مادة يفرزها نوع من البكتريا السامة، يجري تصنيعها لأغراض علاجية وتجميلية، فهي تعالج التجاعيد الحركية في الثلث الأعلى من الوجه. كذلك تستخدم لتخفيف نوبات الصداع النصفي وأيضاً علاج فرط التعرق. أما الفيلر فهي مادة مالئة تستخدم لتعويض الفقدان في الحجم نتيجة تقدم العمر، أو فقدان الوزن، أو لزيادة الحجم،
وبكل تأكيد لا يجوز حقنها الا من قبل طبيب مختص ومرخص رسمياً، وهي حصراً من اختصاص طبيب الأمراض الجلدية وطبيب الجراحة التقويمية.
وفي السنوات الأخيرة تفاقم عمل الدخلاء في مجال التجميل الطبي، ولي مقولة تختصر الحال بعنوان (التجميل مهنة من لا مهنة له).”
يضيف الحوري: “قدمنا، ومازلنا نقدم، النصيحة للناس للتأكد من اختصاص الطبيب قبل الإقدام على أي تداخل طبي تجميلي او غير تجميلي، الطبيب المختص يحرص دائماً على سلامة الزبون ويكون قادراً على تلافي المضاعفات او علاجها في حال حدوثها، لذلك ننصح دائماً بالابتعاد عن منتحلي صفة طبيب التجميل.”
تجارة دون حساب
من جانبها، عللت الدكتورة هند زهير، اختصاصية جلدية، ما يجري من فوضى وانتشار هذه الظاهرة بقولها: إن “المراكز والعيادات التجميلية بدأت تتعامل مع المرضى كزبائن فقط، وهنا الكارثة، لأنها تجارة وبيع وشراء وعدم الخضوع للمعايير الطبية العلمية والإنسانية والاختصاص الدقيق، والكثير من الكوارث حدثت، وما زالت تحدث، في مراكز تجميل غير مرخصة ليس فيها أطباء مختصون، بل عاملات حلاقة يتدربن! وكأنها قَصة شعر او تغيير تسريحة! وبصراحة اللوم هنا على من يتجه الى هذه المراكز دون التأكد من وجود طبيب مختص وليس عاملة او حتى طبيباً مختصاً.
وللأسف فإن المراكز غير المرخصة والصالونات التي تحقن بدون رادع منتشرة وبكثرة، وبدون اي اجراء قانوني ضدهم، وتأتينا منهم يومياً مشاكل كبيرة وإخفاقات في علاج المراجعين ما أنزل الله بها من سلطان.”
ضحايا وأنين
أنسام علي، واحدة ممن عانين من عمليات الحقن الفاشلة، تحدثت لـ “لشبكة” عن تجربتها إذ تقول:
“كنت قد أجريت منذ مدة عملية حقن فيلر لوجهي في منطقة الخد، وبعد فترة سافرت طبيبتي فاضطررت للذهاب الى مركز تجميلي لحقن وجهي بالشحوم الذاتية، (الشحوم التي تستخرج من الجسم وتجري تصفيتها لتحقن في الوجه)، وقد حصلت مضاعفات شديدة لوجهي على شكل تليفات بسبب الحقن، كذلك تفاعلت الشحوم مع مادة الفيلر نتجت عنها أمور خطيرة. وبسبب هذا اضطررت لأخذ حقن عضلية وعلاج كثيف، فالطبيب لم ينصحني بأنه لا يمكن حقن الشحوم للوجه إذا كان محقونا بالفيلر، لأخضع بعدها الى فترة علاج طويلة، وأنا بخير حالياً، لكني مررت بفترة عصيبة أثرت على حالتي النفسية ولم أستطيع حينها الخروج من المنزل لفترة طويلة.”
وتحكي سرى فاضل قصة معاناتها أيضاً فتقول: “توجهت إلى مركز للتجميل، قبل حفل زفافي بشهر واحد تقريباً، لأقوم بعملية حقن فيلر تحت العين لكي أكون أكثر جمالاً في حفل الزفاف، إلا أنني تعرضت الى شلل الأعصاب القريبة من عيني، كما تعرضت لانسداد في بعض الأنسجة، لذا أصبت بحالة صدمة شديدة وعمىً مؤقت، لن أنسى أبداً ما حدث لي، إذ أنني دخلت مرحلة خطر كبيرة وسلسلة من عمليات الإنقاذ لعيني، وتأجل زواجي، وتضررت نفسياً وجسدياً بدلاً من شهر عسل وحياة جديدة كانت في انتظاري.”
من المؤسف أن العديد من بناتنا مراجعات العيادات، التي تمارس عمليات التجميل، لا يعرن بالاً للنصائح التي يقدمها الأطباء، فتكون النتائج وخيمة، كثيرات فقدن حياتهن، كما أن هناك من تعرضن الى تشوهات لا يمكن علاجها بسهولة.