تظاهرات تشر ين برؤية فلكية

229

علي البكري- باحث فلكي /

في مواضيع سابقة تحدثنا عن ظاهرة النسق الفلكية وما يرافقها من أحداث تتزامن مع قرب حلولها فلكياً، إذ يجتمع أكبرا كوكبي المجموعة الشمسية وهما (المشتري وزحل) في مدة زمنية قدرها (20) سنة، ويستمر هذا الاقتران مع تداعيات بحدود أربع سنوات، علماً أن هذه السنوات هي الأكثر صعوبة على سكان الكرة الأرضية، وكل بلد حسب ظروفه وما يتعرض له. نعود الى بداية الموضوع عن تظاهرات تشرين التي تزامنت مع بداية هذه الظاهرة في (1-10-2019) إذ دائما ما تكون بداية الظاهرة عاصفة وشديدة التأثير في الأحداث، وهذا ما شهدناه في التظاهرات من حشود مليونية واستمرارية التظاهرات وتعاطف جماهيري منقطع النظير، حين شكلت وقتها الحدث الأهم والاستثنائي في بدايتها.
نحن نحلل من زاوية فلكية ماذا رافق ذلك الهدير العالي لتلك التظاهرات، فكل ظاهرة فلكية (تبدأ بالأوج وتنتهي في الحضيض). والأوج هنا يعني أقرب نقطة الى مركز الطاقة التكوينية، أما الحضيض فيمثل النقطة الأبعد من مركز الطاقة التكوينية. بدأت التظاهرات بغطاء فلكي عالٍ جداً، إذ كانت الحدث الأكثر أهمية في تلك الفترة، كما شهدت تغطيات إعلامية من جميع القنوات المحلية والعربية والعالمية، ورأينا اسماء وشخصيات ظهرت أثناء بداية التظاهرات، وهنا اجتمعت الظروف التكوينية لتمنح طاقتها لهذا الحدث الأبرز. وجميعنا يعلم أن التظاهرات أخذت وقتاً طويلاً استمر شهوراً، وهذا كان شيئاً مختلفاً عن باقي التظاهرات التي حدثت في تزامن فلكي طبيعي.
أحدثت هذه التظاهرة انعطافه جديدة في العملية السياسية بتغيير واستقالة الحكومة، وهذا رد فعل طبيعي لنتاج هذه الظاهرة الفلكية. ومرت الأيام لنصل الى الذكرى الثالثة لهذه الظاهرة، لكنها هذه المرة جاءت في أواخر الظاهرة الفلكية، وهنا ضعف الغطاء الفلكي كثيراً نتيجة وصول الظاهرة الفلكية الى بعدها عن مركز الطاقة التكوينية، وهذا ما رأيناه في ذكرى التظاهرات الثالثة، إذ لم تكن عاصفة كما كانت في بدايتها. الدرس الذي يعلمنا إياه الفلك هو استيعاب ما حدث في عام 2019 حين اهتز النظام السياسي كثيراً آنذاك، والسبب هو أن هذا النظام السياسي جاء في ظل ظاهرة نسق، وبعد مروره في الظاهرة كاد أن ينهار، لكن جرى تدارك نصف الأمر، وبقي النصف الآخر يحتاج الى تعديل وتغيير، وهذا هو الدرس الأهم، فهذه الظاهرة سوف تعود مرة أخرى وبشكل أقوى في التظاهرة القادمة، وعلينا جميعاً أن نجري تقييماً حقيقياً لما أنجز من متطلبات تهم المواطن.
قد يكون قدر العراق هو الاقتران بالظواهر الفلكية الكبيرة، وهذا يجعلنا في حالة من عدم الاستقرار الدائم، بل وربما يجعلنا عرضة للحروب، وهنا علينا أن نحرص على مرور هذه العاصفة بهدوء خلال الأشهر الستة المقبلة، ونحن لا نزال نعاني من مخرجات الانتخابات التي جرت في ظل هذه الظاهرة وما ترتب عليها من أوضاع معقدة لم تصل الى حلول مرضية، ونحن بصدد تشكيل حكومة جديدة يجب أن تكون مختلفة عن سابقاتها، والسبب هو تشكلها في ظل الظاهرة، أما إذا أردنا أن نعود الى تشكيل حكومة مشابهة لسابقاتها، فهنا علينا أن ننتظر لستة أشهر أخرى كي نجتاز هذه العاصفة.