تعال نكتب في بغداد.. أنامل صغيرة ترسم عوالم كبيرة
إيفان حكمت _ تصوير: حسين طالب/
بسماية، وإن شيدت في أطراف بغداد فإنها جزء لا يتجزأ من روحها ولن تكون على مسافة بعيدة عن مشروع “تعال نكتب في بغداد.”
باتت بسماية، مدينة النور، خاصرة بغداد الحضارية، حتى راحت المبادرات تصلها من كل حدب وصوب لتكون، كما بقية مناطق العاصمة، جزءاً من المساعي لبناء الإنسان الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني والفرق الطوعية.
“تعال نكتب في بغداد”، حطّ رحاله في بسماية، بمدرسة “نور المعرفة” تحديداً، ليعطي الأطفال جرعة مركزة من أدوات التخيل واللغة بكتابة القصة القصيرة والرسم، حتى حلموا بأن مدرستهم “مركبٌ” يطوف على مياه ملونة في “بحر” دجلة! ليطير السمك البني في سمائها الخضراء! وتغوص نوارسها مع أشجار السيسبان البحرية.
حقيبة وأمتعة
مجلة “الشبكة” كانت جزءاً من هذه الرحلة الساحرة بدعوة من مؤسس مشروع “تعال نكتب في بغداد”،قاسم سعودي، يجوب حاملاً حقيبة مليئة بقصص الأطفال والأوراق والأقلام والألوان وحكايا كثيرة تخبئها تلك الحقيبة، على مسامع الأطفال في كل مكان يروي قصصاً ومفردات كثيرة من اللغة العربية، يحزم أمتعته والحقيبة رفيقته يجوبان معاً كل المسافات في بغداد وحتى خارجها، أرافقه أحياناً بصفتي رسامة كتب للأطفال حتى نخلق معاً عوالم جميلة من اللغة والأشكال الخيالية والألوان، في الأدب وفي الرسم نجعل الطفل يبدع ويخلق أملاً في كل زوايا بيئته ليصبح مؤثراً ايجابياً في مجتمعه وبلده، “تعال نكتب في بغداد” مشروع تطوعي تماماً هدفه و”ربحه الوحيد” هو إسعاد الأطفال في كل مكان وزرع الوعي والجمال والحب وتطوير إمكانياتهم وذائقتهم.
خيال الأطفال
علي قاسم، والد لطالبين شاركا في الورشة، قال في حديث “للشبكة” إن “تعال نكتب في بغداد استطاع فتح آفاق الخيال لدى الأطفال حتى بات المستحيل مجرد كلمة لا معنى كبيراً لها في معجمهم”، مضيفاً أن “الأطفال عاشوا تجربة سوريالية مليئة بالبراءة والسلام.”
الطالب حسن علي يقول “للشبكة” إن “الورشة كانت ممتعة جداً ومفيدة وجعلتني محباً للقراءة خارج مناهجنا الدراسية”، مشيراً إلى أنه “سيشارك في الورش القادمة لمبادرة تعال نكتب في بغداد وسيتابعها بشكل دائم، خاصة وأني أتابع مع والدي وأختي كل نشاطات المشروع وزياراته لمدارس عديدة، بل أنا متحمس جداً للمشاركة في أية ورشة يقيمها اثناء عطلة نصف السنة أو نهايتها.”
أما شقيقته “وهج” فقد تمنّت أن تكون قصصها ضمن الإصدارات المقبلة للورشة على غرار إصدار الورشة للمطبوع السابق “مغامرة البالون بوبو”، وهو مطبوع نتاج مجموعة قصصية من تأليف الأطفال أنفسهم ورسم مجموعة من الرسامات تطوعياً، والذي تحدثت عنه وهج طويلاً وأبدت إعجابها به وطموحها بأن تكون مثل بقية الطلاب الذين نشرت قصصهم في المجموعة القصصية.
مرشدة الصف الخامس “ذكرى عبد الله” أكدت لنا أن “طلابها كانوا في حالة رائعة من التفاعل مع القائم على الورشة قاسم سعودي، والرسامة التي رافقته في الورشة”، لافتة إلى أن “قريحتهم اللغوية كانت في أبهى حللها ومخيلتهم التي حلقت في سماء من الأشكال والألوان كانت مدهشة.”
قاسم سعودي، صاحب المشروع التطوعي، يقول “للشبكة” إن “أهم أهداف مشروع تعال نكتب في بغداد هو خلق مناخ إبداعي كفيل بتطوير أداء طلبة المدارس الابتدائية، القصصي والإنساني والمجتمعي، من خلال إقامة ورش عمل تتضمن ملامسة بعض الخصائص الفنية والكتابية في تعلم فن القصة القصيرة للطفل على صعيد تنشيط الذائقة الأدبية للتلاميذ المشاركين، والتي ستسهم بشكل جيد في تعزيز طاقة الحب والمعرفة نحو لغتنا العربية من خلال تنشيط وتعزيز المستوى اللغوي لدى التلاميذ خاصة على صعيد صقل موهبة الكتابة وترصين قواعد اللغة ومن ثم العبور الى منطقة الخيال”،
واضاف سعودي “كما يطمح المشروع إلى اصدار مجموعة قصصية ثالثة مشتركة من نتاجات الطلبة والطالبات وتطبع بكميات كبيرة وتوزع مجانا على المدارس العراقية، وقد عملنا على اصدار كتاب تجريبي بنسخ محدودة يضم نماذج مختارة من نتاجات الأطفال إضافة إلى كتاب “مغامرات البالون بوبو” وزع منه المشروع بحدود 3000 نسخة مجانية على مدارس العاصمة بغداد.”
يكمل سعودي مسترسلاً “يهدف المشروع إلى تحقيق أثر إبداعي وجمالي على محيط التلميذ المشارك ( العائلة، المدرسة والأصدقاء )ما يمكن له أن ينعكس بشكل إيجابي على سلوك التلميذ نفسه وبالتالي انعكاس هذا السلوك على نشاطه المدرسي والإبداعي والإنساني، ويؤسس المشروع لمسافات من الحوار يمكن للتلاميذ من خلالها التخلص من مشاكلهم الحياتية عن طريق كتابتها بشكل ممتع يجعل الأمر أسهل من طرحه بطريقة مباشرة إضافة إلى تمكينهم من التعبير عن أي موضوع ضمن نطاق بيئتهم، ويستهدف المشروع فئة الأطفال أملاً منه بالوصول إلى أجيال منتجة للقيم الإنسانية واللغوية التي يهدف أدب الطفل إلى تحقيقها.”
مضيفاً “وكانت للمشروع تجربة في مدرسة نور المعرفة في مدينة بسماية السكنية من خلال ورشة كتابة ورسم بالتعاون مع الفنانة إيفان حكمت، حيث تضمنت الورشة تطبيقات جمالية ومعرفية في فن القصة القصيرة للطفل مع تطبيقات لونية وحروفية في رسم الأشكال وتلوينها من خلال محاكاة مخيلة الطفل واستنطاقها نحو عوالم الدهشة والخيال والجمال.”