خطبني وتزوجها!

327

المشكلة

م.م.. فتاة في العشرين، طالبة في كلية الفنون الجميلة، أرسلت مشكلتها إذ تقول:
أنا فتاة حالمة محبة للحياة.. لكني حساسة جداً تجاه العالم، وكل ما يصدر من صدمات وانتكاسات. حينما كنت في الإعدادية، السنة الأخيرة، تقدم لخطبتي شاب من أقربائي أحببته جداً، وبكل شغف وعاطفة، وبنيت معه أحلامي وحياتي. إلا أن الصدمة جاءت بمعاونة أهلي مع الأسف..!
إذ سرعان ما تغير تعامله وميله لي لأنه أعجب بأختي وأحبها، فما كان منه إلا أن أنهى خطوبتي ليتقدم لخطبتها هي. الضربة كانت ضربتين على نفسيتي وثقتي بنفسي، الأولى تركه لي لأنه اختار أختي. والثانية قبول أهلي وأختي به على حساب جرح قلبي وكرامتي. وفعلاً تزوجها، وألمي لم يبرد يوماً وعذابي يتجدد، فكلما رأيتهما، لا أستطيع أبدا أن اتجاوز فعلتهما بي.. فكيف أتخلص من عذابي هذا؟ ولاسيما أنها أختي وليست بصديقة او إنسانة غريبة كي أنهي علاقتي بها وابتعد عنها وتنتهي القصة؟

الحل

المختصة النفسية دكتورة شيماء العباسي كانت إجابتها للشابة المرسلة الآتي:
ابنتي العزيزة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أسأل الله أن يقدر لك الخير حيثما كان، وأن يلهمك السداد والإرشاد، وهو ولي ذلك والقادر عليه. أما بخصوص ما ورد في رسالتك، فالذي أراه أن هذا الشاب ليس من نصيبك، ولم يستطع أن يحبك، لأنه لو أحبك لعمل المستحيل لإتمام الزواج، وانفصاله عنك هو أفضل لك من أن ترتبطي به وبعد الزواج تبدأ الخيانات او الطلاق، وتصبحين في نظر المجتمع امرأة مطلقة. اعلمي، عزيزتي، أن هذه كلها أقدار الله التي قدرها لنا قبل خلق السماوات والأرض، لذا عليك التوكل على الله، وليكن إيمانك بالله خيراً لأنه سوف يعوضك بشخص آخر هو خير لك، حتى لو كنت لا ترين ذلك الآن. فالخير فيما اختاره الله، ولتكن عبارة “الحمد لله على كل حال” في كلامك دائماً، فعليك عزيزتي أن تنسي تلك الفترة وترفعيها من تفكيرك، واعتبريها تجربة جعلتك تنظرين الى الحياة بطريقة اكثر وعياً وأكثر حذراً في اختيار شريك الحياة، لأن اختيار الآخرين لشريك الحياة -في أغلب الأحيان- قد يكون غير موفق وغير صحيح. الآن أصبحت أكثر نضجاً ووعياً وخبرة.
أما بخصوص اختياره لأختك، فحاولي أن تنظري إلى الموضوع بشفافية ومرونة وتقبل للأمر الواقع، فهو إن لم يختر أختك فسوف يختار امرأة أخرى، فلا تتحسسي من الموضوع لأنه بالنسبة لك انتهى من حياتك نهائياً، فلا ترهقي تفكيرك، وتمني لأختك السعادة والراحة، ولتنتبهي أنت لحياتك ومستقبلك الدراسي، كونك طالبة جامعية، فلا تعلمين أين يكمن الخير لك. وعليك دائماً الاستعانة بالصلاة والدعاء من الله بالتوفيق لك.. فأنت ما تزالين في بداية الطريق، والتفكير الآن بالارتباط والزواج قد يعيق تحقيق طموحاتك الدراسية، لذا عليك أن تركزي على مستقبلك الدراسي، وحاولي أن تتفوقي في الدراسة وأن تثبتي للآخرين أنك امرأة قوية شامخة، غير قابلة للانكسار، وأن الظروف الصعبة التي مررت بها جعلتك امرأة قوية واثقة من نفسها ومن قدراتها، وأن القادم أفضل. حاولي أن تشغلي وقتك بالدراسة وممارسة الرياضة والعمل ونسيان الموضوع، ولا تشغلي نفسك بأمر مر في حياتك وانتهى، وتوجهي الى الله بالدعاء أن يرزقك خيراً منه. المطلوب منك الآن أن تحاولي التخلص من الماضي، واجتهدي في صرف الأفكار عن نفسك، ولا تحاولي تعذيب نفسك لأن الذي حدث أصبح أمراً واقعاً عليك قبوله كما هو، وأن تؤمني بالمثل الشعبي “مايصيبك الا نصيبك”، وهذا هو قضاء الله وقدره، فارضي بما قدره الله حتى تستريحي، واجعلي زوج أختك أخاً لك، ومع مرور الايام ستسير الأمور على مايرام وترجع الحياة الى طبيعتها، واعلمي، عزيزتي، أن كل الأشياء في الحياة تبدأ صغيرة وتكبر، إلا المشكلة، فإنها تبدأ كبيرة ومعقدة وصعبة، ومع مرور الوقت تصغر وتتلاشى وتنتهي، فقط أبدي استعدادك لتقبل الأمر الواقع كما هو، مهما كان، ولا تعقدي الأمور عليك.
أخيراً عزيزتي، أكثري من الصلاة والدعاء بالعوض، وابشري بفرج من الله قريب، ومن الله التوفيق..