خيانات زوجية وطلاق وابتزاز.. بعض مشكلات الاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي

648

سرمد  ارزوقي/

“هذه ليست خيانة، هذا مجرد عالم إلكتروني افتراضي يبعدني عن الملل ويخلق عندي الراحة النفسية، وهذه مجرد امرأة غريبة لا أعرف شكلها ولا هيئتها ولا حتى سكنها، ولم ألتق بها على أرض الواقع إطلاقاً..”
هذا ما اعترف به الزوج عند مجيء زوجته ووقوفها فوق رأسه المطأطأ على الحاسوب في صالة الضيوف أواخر الليل وهو يتبادل مشاعر الغرام عبر (كاميرا الواتس أب) مع إحدى عشيقاته الافتراضيات..
حاولت الزوجة أن تتخلص من هذه الشكوك وهواجس القلق الدائم التي ظلت تساورها بوجود عشيقات أخريات (افتراضيات) غير التي اعترف بها زوجها بعد تلك الليلة الغرامية التي قضاها مع تلك المرأة، لكن من دون جدوى بعد تغير حالة زوجها وهجرِ فراش الزوجية وخروجه الدائم بخلاف ما كان معتاداً عليه، ما دفع باستمرار المشاكل بينهما إلى الحد الذي بلغ حد طلب الزوجة الطلاق منه إلى غير رجعة.
أحد المشاهد التي اقتنصتها مجلة “الشبكة العراقية” أثناء تجوالها في أروقة محكمة بغداد الكرخ، والتقاطها إحدى دعاوى طلب الطلاق من قبل الزوجة المدعية (أ – ك، 40 عاماً، أم لأربعة أولاد) بسبب الخيانة التي ارتكبها زوجها في مواقع التواصل الاجتماعي وأبرزها الفيسبوك، على حد قولها.

تحولات الغرام
تمكنت الزوجة الأربعينية (أم سارة)، بعد جهد مضنٍ، من مشاهدة الرسائل التي جعلتها تتأكد من إحساسها بخيانة زوجها، أضافت: رأيت الرسائل وتأكدت من خيانته مع أكثر من امرأة، واكتشفت بعد فوات الأوان، وبعد كل مشكلة تحصل بيني وبينه، أنه كان يبحث عن امرأة من الفيس يتحدث معها.
ثم استدركت: كان دائماً يختار وضع جوّاله (صامت)، وعندما يتلقى مكالمة في آخر الليل، وأنا نائمة، يخرج من الصالة ويقف يهمس والموبايل على أذنه خلف الباب الخارجي وأنا أنظر إليه متخفية من شباك (الهول). وفي ليلة كنت نائمة وصحوت للذهاب إلى الحمام فاكتشفت خيانته في واقع افتراضي، إذ وقفت أمامه فشاهدت وجه المرأة، وفوراً أغلق الهاتف وأنكر ذلك، وأقسم أنه جاءته مكالمة فيديو من رقم غير معروف، وعندما فتح الكاميرا وجد هذه المرأة وهي ترتدي ملابس النوم وتحاول أن تتحرش به، لكني كنت متأكدة أنه يعرفها ويخونني عبر الفيسبوك.
بعد عدة أشهر، وفي يوم ذهبت فيه إلى بيت أهلي لعدة أيام، رجعت متعمدة وبشكل مفاجئ إلى بيتي قبل اليوم المتفق عليه، صُدمت وكاد أن يغمى علي لحظة وجدته في فراش غرفتي مع نفس المرأة التي شاهدت وجهها في الكاميرا، وأضافت: عندي كل الأدلة التي تثبت خيانته وأنا واثقة اليوم، ومعي المحامية، أني سوف أكسب دعوى الطلاق في الحكم النهائي.

بين الطالبة وأستاذها..
“تزوجنا زواجاً تقليدياً بوساطة جارتنا القديمة، تقدم لخطبتي، وسأل والدي عنه، وتبين أنه أستاذ جامعي حاصل على شهادة الدكتوراه منذ فترة قريبة ومن عائلة محترمة، فوافق أبي عليه، وبعد مرور خمس سنوات وإنجابي لطفلين، كانت حياتنا جميلة ومفعمة بالحب والتفاهم بكل التفاصيل الأسرية.” هذا ما تحدثت به (خ. م، 29 عاماً) لـ “الشبكة العراقية” وأضافت: شيئاً فشيئاً قل اهتمامه بشؤون البيت وألقى كل مسؤولياته على عاتقي وانشغل بحجة البحوث والدراسات والتفاعل مع طلبته وطالباته على (الواتس أب)، واختلف حتى في تأخر وصوله إلى البيت وسرحان فكره باستمرار، حتى في وقت نومه، وانشغاله المستمر بالحاسبة طيلة المساء. بدأت الشكوك تساورني، وفي أحد المساءات نسي الحاسبة مفتوحة ودخل إلى الحمّام، أخذني الفضول إلى فتحها وتصفحها فقرأت محادثات الغزل بينه وبين إحدى طالباته في الكلية، وعرفت اسمها، وبدوري صادقتها على صفحتي في الفيسبوك وجعلتُ علاقتي بها طيبة، وفي يوم استدرجتها فروت لي قصتها مع زوجي واتفاقهما على الزواج في السر إذ أنه قد صارحها وشرح لها كل تفاصيل حياتنا.
وتختم بما وصلت إليه حياتها بالقول: هذا ما دفعني لمواجهته وطلب الطلاق منه وأصررتُ على الطلاق رغم كل محاولاته وندمه، ورفعت عليه الدعوى التي استمرت عاماً كاملاً حتى وافق القاضي بعد أن تفاهمت مع طليقي وتخليت عن حقوقي الزوجية.

انتقام .. وندم
كشفت خيانته متلبساً بالرسائل والمقاطع الصوتية مع أكثر من امرأة في التواصل الاجتماعي (الفيسبوك – واتس أب)، واعترفت بشكل ودي لموكلها المحامي (المجتبى الخالصي) الذي حل ضيفاً على “مجلة الشبكة” وحدثنا عن إحدى المشتكيات على زوجها (ص. أ، 38 عاماً، ام لأربعة أولاد) بعد أن طلبت منه توكيله لضمان حقوق أبنائها الأربعة للنفقة الشهرية طوال فترة هجر زوجها وطلاقها منه، وأوضحت له بعد أن وثقت به وبشكل ودي وبلهجة صريحة من دون خجل: “لابد أن ترد له الصفعة صفعتين، وتنتقم منه وتثأر لنفسها بإقامة علاقة مع رجل غيره في الفيسبوك.” وبالفعل خاضت التجربة مع شاب افتراضي يصغرها بنحو12 سنة، إذ يبلغ من العمر 26 عاماً، واستمرت علاقتها معه ثلاثة أشهر. وجاء اليوم الذي حدث فيه ما لا تُحمدُ عُقباه، ووقع المحذور، لكنها بعد ذلك تركته وأقامت علاقات أخرى مع شاب ثانٍ وثالث حتى بلغت الشاب الرابع يوم صارت مدمنة على الخوض بغرام جديد بين فترة وأخرى وكان غالبيتهم من الشباب لا تتعدى أعمارهم الثلاثين عاماً!!
ويوم اعترفت السيدة (ص. أ) لموكلها المحامي الهاشمي بندمها الكبير، كان الأوان قد فات، فقد خسرت نفسها وشرفها وفقدت الشعور بالأمومة إزاء أبنائها الأربعة.

الضرر أو الخلاف..
يحدثنا الحقوقي (محمد الهاشمي) عن أعداد حالات الطلاق جرّاء الخيانة الزوجية في التواصل الاجتماعي قائلاً:
الحالات كثيرة وأغلب دعاوى التفريق تقام بسبب مواقع التواصل الاجتماعي والتصرف غير المسؤول والاستخدام غير الصحيح لهذه المواقع، فتقع الزوجة أو الزوج في مشكلات كثيرة، كأن ترتبط بعلاقة صداقة، وهذه العلاقة تتطور إلى أكثر من صداقة وتذهب إلى مواضيع أخرى قد تضر بسمعة أحد الطرفين، فيضطر أحدهما إلى إقامة دعوى أمام محاكم الأحوال الشخصية لغرض التفريق أو انتزاع الحقوق.
يضيف الهاشمي عن مادتي الضرر والخلاف في قانون الأحوال الشخصية وتحديداً المواد 40 و41 و 42 قائلاً: هذا القانون موجود، لكنه يحتاج إلى أدلة قطعية ومنها الأفلام الفيديوية، وممكن للزوج أو الزوجة أن يحصل أحدهما على ذلك من خلال فتح الهاتف وتقديمه إلى المحكمة. وهنا أود الإشارة إلى أننا لا نستطيع تشريع قوانين جديدة لمثل هذه الحالات، لأن الإنسان عندما يختلي في غرفته، أو مكان عمله، أو في سيارته، يتصرف بهاتفه الخاص وهو يحتوي على رمز لا أحد يستطيع العبث به.

الدعاوى الكيدية
يردف الهاشمي: كثيرة هي الدعاوى الكيدية، أحياناً يلجأ أحد الطرفين إلى ادعاء وجود أمور كهذه لأجل انتزاع قرار لصالحه، فيخسر الدعوى لعدم وجود دليل قاطع، وأحياناً الزوج هو من يطلب التفريق حين تكون الزوجة المتورطة في هذه الإشكالية، ونسب الطلاق في تزايد مستمر، ولاسيما في أعمار (العشرينيات)،ومع أن الميول والانحرافات لا ترتبط بعمر معين، لكن على نحو عام، الأعمار الصغيرة بين العقدين الثاني والثالث أكثر من تحصل معهم هذه المشكلة، ولكلا الجنسين.

الابتزاز الإلكتروني
“قبل أيام اتصلت إحدى الأخوات، كانت تشكو من ابتزاز أحد الأشخاص في مدينة بغداد كانت قد تعرفت عليه في الفيسبوك، وصار يبتزها، وقد أرسلت إليه (30) كارت موبايل فئة (100) ألف دينار، وحتى الآن الابتزاز مستمر، فاستنجدت بي كي أساعدها في التخلص منه.” هذا ما أوضحه الحقوقي (الدكتور محمد نعمان الداودي) رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين قائلاً:
قمتُ بدوري بالاتصال بشخص من الجهات الأمنية لكي يقابلها ويسجل لها دعوى رسمية (شكوى). أما عن تشريع قوانين للحد من الابتزاز الإلكتروني، فأنا لدي دراسة عن هذا الموضوع في إحدى محاكم العراق. وكما تعلم، فإن السنَّ القانونية للزواج شرعاً وقانوناً محددة ومعروفة، ومن غير الممكن أن نتدخل في ذلك، لكننا في منظمات المجتمع المدني، وأنتم في المؤسسات الإعلامية، يقع علينا واجب التوعية بهذا الخصوص عبر الندوات والتجمعات، فهي مهمة في تقليل نسب الطلاق وتوعية الشباب.

أنسب الحلول..
الباحثة الاجتماعية (الدكتورة ندى العبادي)، قالت لـ”الشبكة العراقية”: إن الحلول لهذه المشكلة تتطلب أموراً عدة يجب اتباعها من قِبل العائلة، أبرزها عملية الضبط الاجتماعي للبرامج والمسلسلات الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي. هنالك مواقع أصبحت شبه إباحية ومن السهولة أن تلجأ إليها الشابة، أو الشاب، بل حتى الزوجة في حالة الفراغ النفسي، ويجب الاعتراف بحاجتها للمعاشرة الجنسية بسبب وحدتها إن كانت مطلقة أو أرملة، أو متزوجة وأصيب زوجها بالضعف الجنسي، والعكس أيضاً صحيح. كما يتطلب ذلك مستوى عالياً من التفاهم بين الزوج والزوجة والثقة بينهما، والاتفاق على عدم مشاهدة المسلسلات الأجنبية الخادشة للحياء التي تعرض كل يوم في كثير من القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي، هذه الوسائل حديثة على المجتمع العراقي ولا يوجد عليها رقيب ولا ضوابط قانونية وهي تسهل عملية الخيانة، وهذا شجع كثيراً من النساء غير الواعيات على الدخول إلى هذا المنزلق والوقوع في فخ الخيانة الزوجية.