زوجة المثقف..لماذا تَعدُ الكتاب “ضرّة” لها ؟

1٬314

نصير الشيخ/

ماحدث لصديقٍ لي، في بداية زواجه، كان على النحو التالي: تعود هذا الصديق أن يضع ديوان الشاعر بدر شاكر السياب قرب مصباح سرير النوم (التيب لامب).. وبعد مرور بضعة أيام على زواجه فوجيء بزوجته وهي تصرخ به، بعد أن قامت برمي الديوان على الأرض: “لو آنه، لو السياب بالبيت”!!
هذه القصة أثارت سؤالاجديا: ترى ماعلاقة المرأة بالكتاب الثقافي تحديدا؟ ولماذا تشعر بعض النساء بـ “الغيِرة” من الكتاب الأدبي مثلا؟ بل وتحسبه آخريات ((ضرِةً )) لها في البيت..؟ تتشعب الآراء وتختلف وجهات نظر النساء في هذا الشأن.
“الشبكة” سلطت الضوء على هذا الموضوع، وتلقت إجابات لاتخلو من طرافة، وربما فيها من الواقعية الشيء الكثير، واقعية ترفض من يقاسمها زوجها!
تقول شيماء العبيدي (مراسلة تلفزيونية) “المرأة تعتقد أن الكتاب هو الذي يسرق ماتريد من الوقت منه، وابعد زوجها عنها.. وبما أن المرأة كائن حساس فهي ترفض أي شيء يقاسمها زوجها.. حتى لو كان الوقت.. إضافة الى إن المرأة واقعية بطبيعتها، تحافظ قدر الإمكان على حياتها الزوجية… وهناك من النساء من تشبع رغبتها في الكتب الرومانسية، أو الكتب التي تجعلها مطلعة على محيطها الاجتماعي.. مع هذا أجد أن العنصر النسوي قليل جدا في مجال الأدب.
فيما ترى الإعلامية ابتسام الصافي..أن “طبيعة المرأة الأنثوية تحتاج للاهتمام، بل وإلى الدلال من قبل الزوج.. فإذا كان الزوج مثقفا ومحبا للقراءة، فإن المرأة يتولد لديها ذلك الشعور والاحساس بأنه غير مهتم بها، وجل وقته يخصصه للقراءة والمطالعة، من هنا تشعر بالغيرة من الـ (كتاب)..! وربما تحسبهُ تهديدا لحياتها الزوجية…

المستوى الفكري
وتؤكد جنان السراي (كاتبة) على ضرورة الاتفاق على احترام توجهات الزوجين..ففي كثير من الأحيان يلعب المستوى الفكري والمزاج العام لدى الزوجة في تسيير لغة الحوار الأسري نحو موضوعات شائكة ونوافذ مغلقة ومنها الكتاب.. إذ العديد من النساء يعتبرن الكتاب سارقا، يسرق الزوج من عملية التواصل الشعوري والإنساني الذي يجب توافره بين الزوج والزوجة، والحقيقة أن حل هذه المعضلة يكمن بيد الزوج والزوجة، فعلى الرجل عمل موازنة بين مقتضيات بناء الشخصية الفكرية لديه من خلال المطالعة، وبين الدور الذي عليه تجاه الشراكة الزوجية، وعلى الزوجة ان تقدر خصوصية تعاطي الرجل مع الكتاب لبناء شخصيته الأدبية وخصوصيته الشخصية….
وترى هدى عامر (إعلامية) أن المرأة تشعر بالغيرة من أي شيء يأخذ زوجها منها ومن حياتها حتى لو كان كتابا أوعملا آخر.. ذلك أنها تشعر إن ماسرق من نصيبها واهتمامها، أما إذا نظرت إلى الكتاب على إنه يساعد زوجها مثلا في زيادة ثقافته وإبداعه في مجالات الحياة، فسيكون الكتاب بلا شك مرغوبا فيه، لأنها لمست قيمته ومدى تأثيره الإيجابي…
وثمة عوامل أخرى تدفع المرأة كي تكون نموذج تقدير لوضع الرجل وارتباطه بشيء يدفعه للأمام..ومنهن من تسهم بزيادة ارتباط زوجها المثقف بكتابه… ومنهن من تسعى إلى قطع هذه العلاقة الروحية بينه وبين الكتاب.

حب التملك
وحسب تشخيص الدكتور سلام الغضبان، رئيس قسم العلوم التربوية والنفسية في كلية التربية/ جامعة ميسان.. “بسبب اهتمام الكاتب المبدع والمنتج وكذلك الباحث الأكاديمي والمثقف عامة بالكتاب وشغفه به يتمنى أن يكون اهتمام زوجته بالكتاب مشابها لاهتمامه . ولكون الزوجة من المفترض أن تكون الشخص الأقرب له يحاول أن تشاركه بما يحب .
ويستطرد الدكتور الغضبان قائلا “نجد هنا إن المرأة تريد أن يهتم الزوج بها دون الكتاب في الوقت الذي يريد الرجل أن تهتم زوجته بالكتاب . إلا أنه عادة ما يواجه نفور للزوجة من الكتاب أو إهمال أو تجاهل لما يهتم به الزوج . وقد يتجه الزوج إلى تفسير ذلك بتراجع المستوى المعرفي للزوجة وعدم اهتمامها بالجوانب الثقافية متناسيا جانبا نفسيا وهو إن ارتباط المرأة بزوجها يأخذ شكل الرغبة في الاستحواذ والتملك …فترتبط علاقة المرأة بالكتاب بصفة حب التملك الذي يستحوذ على المرأة تجاه زوجها. فتجد إن المرأة تسعى جاهدة للاستحواذ التام على الزوج من دون أن يكون هنالك من تشعر إنه يشاركها فيه، فمتى ما وجدته مهتما بالكتاب ومنشغلا فيه تشعر بإن هناك شيئا ما يسرق منها ما تمتلكه. وكما قيل (امتلاك المرأة للرجل هو بداية حبها) فإن الغيرة التي تظهر في سلوك المرأة تجاه الكتاب هو مؤشر حب ولكن طريقة التعبير عن هذا الحب قد تكون متطرفة تتمثل بما يشبه العدائية تجاه الكتاب .