صيد المراهقات تدفع ثمنه الأمهات!

163

افتح قلبك صفحة تُعنى بالمشكلات الأسرية التي تصل المجلة عن طريق البريد الإلكتروني أو أرقام هواتف المجلة نضعها أمام مجموعة من المتخصصين بقضايا الأسرة والمجتمع لإيجاد حلول لها.

المشكلة…
عرضت (الأم الحائرة)، في رسالتها التي بعثتها الى صفحة (افتح قلبك)، مشكلتها العائلية الملغومة بالمخاوف والمجهول، إذ تقول:
“أنا أم لبنت وولدين، ابنتي في الصف السادس الابتدائي، وهي جميلة جداً، لذا فإني أخاف عليها كثيراً بسبب ما أسمعه عن مخاطر الانفتاح التكنولوجي، لذلك فإني شديدة الحرص عليها، بحيث أنها لا تفارقني حتى في المنام، إذ تنام بجواري وتخاف أن تنام في غرفتها. ابنتي لاتزال طفلة في كل تصرفاتها، لا تعي الحياة ولا تعرف حتى أسماء الأعضاء التناسلية للذكر أو المرأة، الذي تعرفه إنما هي أسماء غير حقيقية لهذه الأعضاء أنا علمتها عليها لكي نتعامل بها.
لكن الذي أقلقني وأرعبني وجعلني أكتب لكم هو ما حصل معي -قبل أيام- عندما كنت أبحث في كتبها المدرسية، حيث وجدت في أحدها رسالة مكتوب فيها “أنا أحبك وأريد أن أتزوجك”. صاحب هذه الرسالة ولد في نفس صفها، صعقت وأصبت بالصدمة، وفقدت أعصابي معها، ولكن اتضح لي بعد ذلك أنها لا تعرف أي شيء عن هذه الرسالة.
أنا أخاف جداً على أبنائي الى حد الجنون بسبب طفولتي التي عشتها، التي انحرمت فيها من حنان الأم، إذ كانت أمي شديدة وعنيفة معنا وصعبة التفاهم، ما جعلني أتزوج بأول شخص طلبني وذلك للهروب من سيطرة وقسوة أمي. أما أبي فلم يكن له دور مؤثر بسبب سيطرة أمي على العائلة. وعندما أصبحت أماً تصرفت مع أبنائي عكس معاملة أمي تماماً، فأحببت أن اتعامل معهم بكل حب واهتمام، وكل ما انحرمت منه في طفولتي منحته لأبنائي.
أما والدهم، الذي هو زوجي، فمنذ أول يوم زواج لم يكن هناك أي تفاهم أو تقارب بيننا بسبب أسلوبه العنيف والعصبي جداً، والتعامل القاسي والشديد معنا، ما دفع ولديّ الاثنين الى أن يهاجرا هرباً من عنف وعصبية والدهما. وقد انفصلت عن زوجي فترة من الزمن، ولكن بعد مدة رجعت إليه بسبب تقاليد مجتمعنا الذي لا ترحم المطلقة، وكذلك لخوفي على ابنتي، ولم يكن غريباً أن أجده لايزال بنفس طباعه الصعبة والقاسية، ما جعلنا لا نقترب منه، بحيث إنه لا يعلم ما يحصل لنا، فهو مجرد زوج موجود في البيت، فيما تقع المسؤولية كلها على عاتقي. أرجوكم انصحوني كيف أواجه القلق والمخاوف التي تحاصر بيتي.

الحل…
د. شيماء العباسي، اختصاص علوم نفسية وتربوية، أجابت على رسالة (الأم الحائرة)، قائلة:
سيدتي الفاضلة وكل الآباء والأمهات يسعدني اللقاء بكم، هذه المشكلة لست أنت وحدك من تعانين منها، إذ أن أكثر الأمهات والآباء اليوم يعانون مثلما تعانين بسبب الانفتاح الكبير الذي توفره التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل بكل أشكالها. لكني -إن شاء الله- سوف أرشدك الى الطريق الصواب الذي يوصلك وابنتك الى بر الأمان. ولنبدأ بالمشكلة الأولى، وهي الرسالة التي اكتشفتها عن طريق البحث أو التفتيش في كتب ابنتك، التي صدمتك. لكن اعلمي أن هذا هو تصرف طبيعي لأطفال في مثل هذه السن، وأن هذه الحركات الطفولية الصبيانية إنما هي محض تقليد لما يرونه ويسمعونه من وسائل الإعلام ومن وسائل التواصل وممن حولهم من الشباب والشابات. فما عليك إلا أن توصيها وتنصحيها ألا تعبأ بمثل هذه الأفعال ولا توليها اهتماماً. فلا تقلقي، بل إن عليك أن تتعاملي مع ابنتك بثقة وأن تكوني صديقتها المقربة وقدوتها، وأن تمنحيها كل الثقة بأن تلجأ إليك في حال واجهتها أية مشكلة أو موقف، وأن تحكي لك عما يحدث بدون خوف أو تردد أو كذب. كما أن عليك ألا تجعلي الشكوك تحيد بك عن الأسلوب الحواري، ولا تحاولي أن تكذبيها فيما ترويه لك، أو التشكيك فيه، أو أن تحلفيها على شيء أو ما شابه ذلك، لأن كل ذلك من شأنه أن يهدم الثقة التي بينكما فتلجأ بعد ذلك الى الكذب.
أما المشكلة الأخرى، التي ألومك عليها، فهي نوم ابنتك بجوارك وهي في هذا العمر، لذا أنصحك أن تبذلي كل جهدك لإقناع ابنتك بالنوم في غرفتها، وإذا رفضت حاولي أن تبدئي بالنوم معها في غرفتها لفترة محددة، وبالتدريج الانسحاب وتركها لوحدها، وبعدها ستتعود النوم بمفردها.
أما المشكلة الثالثة، الوالد الذي لا دور له في حياة ابنته، مع أن أكثر البنات في هذا العمر يكون والدهم هو قدوتهم في الحياة. لذا تقع عليك سيدتي مسؤولية كبيرة في تصحيح هذا الوضع، بممارسة الأدوار الحقيقية داخل الأسرة. وبما أنك رجعت الى زوجك، إذن لابد من أن يقوم الأب بدوره الحقيقي النابع من غريزة الأبوة، وليس مجرد شكل لا دور له على أرض الواقع. لذا عليك أن تفتحي الحوار معه وتوضحي له احتياج ابنته، المقبلة على المراهقة، إلى الأب الصديق المتفهم لأبنائه، كذلك أن توضحي له أنه اذا لم يقم بدوره الحقيقي فإنكما من الممكن أن تخسرا ابنتكما، لا سمح الله. واعلمي سيدتي أنه بالحوار والتفاهم والحب والرعاية تحل كل العقد والمشاكل الصعبة ويسير مركب العائلة الى بر الأمان.
أما المشكلة الأخيرة بخصوص وجود حدود في العلاقة بين الرجل والمرأة، فلابد من أن تقومي بدورك كأم بتوضيح كل الأمور الخطرة التي من الممكن أن تتعرض لها الفتاة في حال عدم وضعها حدوداً واضحة وصريحة وصارمة في التعامل مع الآخرين، ولاسيما الأولاد الذكور. كذلك ينبغي أن توضحي لها الأسماء العلمية لأجهزة الجسم من خلال شرحك لها عن طريق مادة العلوم، التي توضح الأسماء العلمية الحقيقية للجهاز التناسلي للإنسان، كما في بقية أجهزة الجسم المختلفة، وعلميها أن الله خلق لنا أجسامنا وجعل لكل جهاز فيها وظيفة يقوم بها، وهكذا سوف تغرسين فيها حب العلم والحقيقة بعلمية وموضوعية، وإن شاء الله سوف تكونين على قدر المسؤولية.