علياء عبود الحسني: اهتمامي إنصاف المرأة المظلومة

1٬732

سها الشيخلي /

تجد بعض المحاميات صعوبة في عملهن خاصة في السنتين الأوليين من عملهن في هذه المهنة التي يلفها عالم الجريمة والنصب والاحتيال حين يكنّ، لأول مرة، مع المزورين والقتلة، عالم غريب قرأن عنه لكنهن لم يلتقينه وجها لوجه، فكيف تنظر المحامية لهذه المهنة المحفوفة بالمخاطر؟ لنستمع الى احدى المحاميات:

التقت “مجلة الشبكة” بالمحامية والكاتبة والناشطة المدنية الآنسة علياء عبود، من مواليد بغداد الكاظمية، خريجة كلية القانون لسنة 2010 -2011، عضو نقابة المحامين، عملت في محاكم بغداد منذ سنة 2011، وهي كاتبة عمود سياسي وقانوني منذ عام 2006 في جريدة “عين الحكمة” التابعة لبيت الحكمة، ونشرت المقال السياسي في جريدة “التآخي”، ثم تخصصت في كتابة المقال القانوني بسبب دراستها وغزارة معلوماتها القانونية، وعملت في عدة صحف لتحرير الصفحات القانونية، وكتبت عن جريمة سبايكر، وتعمل الآن مديرة للمكتب الإعلامي في نقابة المحامين العراقيين، والناطق الرسمي باسم النقابة ورئيسة تحرير مجلة (المحامي) ومديرة تحرير جريدة (القضاء الواقف) التابعة لنقابة المحامين، كما تعمل ايضا كمنسقة للتلفزيون الفرنسي في بغداد، والحائزة على درع الصحافة الاستقصائية في مسابقة اجرتها منظمة اليونسكو في بغداد عام 2015، وكان التحقيق الذي أجرته مع عدة قضاة عنوانه (المحارم) حيث تحفظ القضاة في البداية بالخوض في هذا الموضوع باعتبار ان مجتمعنا عشائري ومسلم ومحافظ خاصة وان الموضوع دولي يختص باليونسكو، وعملت مشاوراً قانونياً في لجنة المراة التابعة لوزارة الثقافة.

تقول: دعمتني وزارة الثقافة في طبع كتابي عن “اتفاقية سيداو” وعدم توافقها مع التشريعات العراقية، ولديّ كتاب تحت الطبع عنوانه (حقوقها)، وهو مشروع ثقافة قانونية للمراة العراقية، و”همّي ان تكون كل امرأة عراقية مثقفة بالقانون وتعرف حقها كما تعرف واجبها، الحالة الشخصية، الآنسة التي تعمل على رعاية امها المريضة وهذا هو هاجسي الاول.”

وعن المرأة العراقية اكدت المحامية عبود انها منهكة بسبب الحروب والأزمات وليست لديها فترة نقاهة لكي تسترد انفاسها، وللأسف الشديد ليس لديها اطلاع في الثقافة القانونية، بل حتى المثقفات جاهلات بحقوقهن، في كتابي (حقوقها) تقصدت ان يكون بلغة سلسة بعيدة عن التعقيد القانوني وقد كتبته للمرأة التي لا تحمل شهادة.

المرأة المحامية

وصفت المرأة المحامية بكونها متفانية الى ابعد الحدود، وتشير: قررنا انا وزميلاتي المحاميات ان لا ناخذ أتعاباً من المرأة التي تطالب بحقوقها الزوجية، لا تهمنا الأتعاب بقدر اهتمامنا بانصاف هذه المرأة المظلومة.

عن كتابها حول اتفاقية سيداو اشارت عبود الى ان الاتفاقية المذكورة وقعت عام 1979 وألفت عنها عدة كتب، وفيها نقاط (خطرة) لم يلتفت لها احد، فهذه الاتفاقية تتضارب مع قوانيننا المحلية: مثلا قانون أحوالنا الشخصية يتضارب مع الاتفاقية في اكثر من مادة، حيث تشير الاتفاقية الى حق الزوجة في السفروالانتقال والسكن بدون اذن الزوج او الأب اوالولي والاتفاقية تقول ان العلاقة الزوجية غير تكاملية بينما قانوننا يقول انها تكاملية وقد ناقشت البنود التي تتصادم مع القوانين العراقية وليس مع كل الاتفاقية، منها قانون الأحوال الشخصية وقانون الجنسية العراقي والدستور العراقي وقانون العقوبات العراقي، وتعرض الكتاب الى وجهات نظر مضادة وخاصة من الناشطات النسويات تحديدا، وقامت بعض الناشطات بتاليف كتاب بعنوان (الدفاع عن اتفاقية سيداو) وتضمن الكتاب ردودا عن كتابي، وللمفارقة فإن نفس الجهة التي طبعت كتابي طبعت هذا الكتاب، وهي وزارة الثقافة.

حقوقها

كتابها الثاني يحمل عنوان (حقوقها) تقول عنه المحامية علياء إنها بعد ان عملت في المحاكم وجدت تخلفاً تاماً في فهم القانون وان من المسؤولية تثقيف المراة العراقية بقانونها وحقوقها بدءا من الدستورالذي ناقش الكتاب فيه وضع المرأة في الدستور العراقي، والمفارقة ان الدستور يخلو من مفردة (المراة) ودستور 1957 يخلو كذلك من مفردة المرأة، واكثر دستور تناول حقوق المراة هو دستور 2005 وقانون الجنسية العراقية الذي اعطى الحق للمرأة بمنح الجنسية لابنها حتى لو كان الابن مولودا من اب اجنبي وهي المواد 5و4 وكلها منصفة للمراة العراقية، كما ناقشت في الكتاب قانون العقوبات العراقي الذي يدعم او يجيز العنف ضد المراة ومنه ضرب المراة والقتل غسلاً للعار، وضم هذا الملف موضوع العنف ضد المراة، كما تناولت القانون المدني العراقي الخاص بالميراث والعقار.

المرأة والقضاء

وتحدثت المحامية علياء عن تفضيل المرأة المشتكية باللجوء الى المحامية دون المحامي بدوافع كونها امرأة مثلها تستطيع ان تبوح لها بما لا تستطيع للمحامي الرجل وخاصة العلاقات الزوجية، كما ان اغلب المحاميات يبتعدن عن الدعاوى الجزائية لوجود مشاكل عديدة منها التهديد العشائري للمحامي بضرورة كسب الدعوة. وعن متاعب المهنة تؤكد ان اصعب الأمور هو التعامل بصورة مباشرة مع المواطن بمختلف الثقافات واحيانا تكتشف المحامية ان موكلها (محتال)، وهناك متاعب الروتين في اغلب دوائر الدولة اضافة الى التعقيدات في العمل فمثلا الباحث الاجتماعي حلقة لا ضرورة لها حيث أن اغلبهم لا يحملون الاختصاص بالمهنة، فهناك مثلا خريج علوم حاسبات ويعمل في البحث الاجتماعي! وعن قضية لا تزال تذكرها قالت انها قضية جعلتها لا تنام الليل حيث اخبرتها سيدة محترمة انها وجدت زوجها متلبساً بمحاولة اغتصاب ابنتهما البالغة من العمر سنتين وهو رجل مثقف وموظف كبير واقامت عليه الدعوة إلا أنه سافر خارج العراق.