قصص مؤلمة لإيزيديات تعرّضن الى السبي الداعشي

1٬107

كريمة الربيعي/

كطرائدَ تائهة في ساحات القتل عاشت الإيزيديات فصولاً من الرعب عندما اقتحم تنظيم “داعش” الإرهابي مدنهنّ وقراهنّ وعمل على سبيهنّ واختطافهنّ في جريمة تعد واحدة من أكبر الجرائم التي يندى لها جبين البشرية. اقتاد داعش آلاف الأسيرات اللائي ضاقت بوجوههن فرص النجاة والهروب من هذا الشراك المخيف الذي يجري دفعهن إليه.

نساء وفتيات صغيرات، تعرّضن الى التنكيل بوحشية وجرى قتل العديد منهن، فيما قررت أخريات الانتحار للخلاص من جرائم التنظيم ضدهن، لاسيما الفتيات الصغيرات اللائي مورست بحقهن أشنع الأعمال اللا أخلاقية.
من عالم الوحشية وجرائم الإبادة البشرية .. تروي نساء وفتيات بعمر الورود حجم المأساة التي عاشتها النساء الإيزيديات تحت وطأة مجرمي “داعش” وإرهابهم.

هذه القصص المؤثرة عن النساء والفتيات اللواتي مورس بحقهن الاضطهاد النفسي والجسدي يرويها لـ “الشبكة”الباحث والراوي داود مراد ختاري:

الشهيدة جيلان

في الحمّام، تركت شفرة الحلاقة التي استخدمتها في تقطيع شرايينها، صرخت شقيقتها لكن الوحوش أسكتوها.

إنها الشهيدة جيلان برجس نايف، تولد 1995 من شنكال، كانت طالبة الصف الخامس العلمي، متفوقة وذكية، خارقة الجمال عالية الأخلاق، انتحرت في معتقل قضاء البعاج.

رفضت الشهيدة المساومة او المهادنة على حساب مبادئها وقيمها الدينية النبيلة، فأبت إلا الإقدام على الانتحار وتوديع الحياة عوضاً عن العيش في المذلة تحت سياط الدواعش المجرمين.

الشهيدة جيلان تحمل شيمة المرأة الإيزيدية وأخلاقها النبيلة،لم تنصع لرغبات المعتدين ولم ترض أن يلمس إرهابي مجرم خصلة من شعرها، أوينال من طهرها وعفافها، فاختارت ان تنهي حياة الذلة مؤمنة بأنها ستخلّد في جنات الخلد كإنسانة دافعت عن عفّتها وإنسانيتها.

جمال الشهيدة جيلان جعل الوحوش البشرية يتسابقون للنيل منها، لكنها رفضت ان تكون سِقط متاع لشذاذ الآفاق، ممن اقترفت أيديهم أشنع الجرائم بحق شعبها.

الهروب من الجحيم

وروت الناجية (نورا / ت 1980) من مركز شنكال أن شخصاً كردياً بين صفوف تنظيم “داعش” تحدث معها وقال لها (ستكونون قرابين لروح دعاء) ثم نقلونا الى دائرة النفوس، عزلوا الفتيات والنساء الجميلات، بعدها قصفت الطائرات مركز شنكال، فتم تحويل السبايا الى سجن بادوش.

وفي سجن بادوش جرت عملية عزل للأمهات عن أبنائهن وكان من بينهم ابن نورا الأكبر بينما نجحت في إخفاء أخويه الصغيرين تحت بطانيتها.

بعد سبعة أيام من المعاناة قامت طائرات التحالف بقصف المكان مرة ثانية، فجرى تحويل السبايا مرة اخرى الى مدرسة في قضاء تلعفر.

رحلة عذاب
كانت رحلة شاقة ومهينة من مدينة الى أخرى ومن مكان الى آخر، وبعد أيام، في هذه المدرسة، جاءت سيارات وطلبوا نقل الفتيات الصغيرات الى جهة غير معلومة.

بينما نقلت نورا مع عوائل أخرى الى مدرسة، ولحسن الحظ وجدت هناك ابنها الكبير واجتمعت به مرة اخرى.
لكن القصة لم تنته، ومرة أخرى جاءت شاحنات كبيرة ونقلت العوائل الى قرية تسمى كسر المحراب. وبقيت نورا مع مجموعة من العوائل الإيزيدية في هذه القرية لمدة أربعة أشهر ذاقت خلالها هي ومن معها أنواع الإهانات والألم والتعذيب، فقد كانت تداهمهم قوة في كل أسبوع حتى أنهكهم الترحال الذي يبدو انه لاينتهي، فقد نقلوا مرة اخرى الى مركز الموصل .

كان (نافع الموصلي، وعدنان الموصلي)، وتساعدهما مجموعة من النساء، يقومون بعمليات تفتيش يومي وبين يوم وآخر يأخذون فتاة او فتاتين عنوة الى حي الخضراء في الموصل ويعودان بهن بعد ان يتعرضن الى الاعتداء على شرفهن.

في يوم 26-4-2015 عزلوا الرجال واقتادوهم الى جامع في المنطقة، ثم جرى نقل النساء بشاحنات ومازال مصيرهن مجهولاً.

وبعد أيام قرروا عزل جميع الفتيات وجلبوا سيارت حمل ونقلوهن الى الصحراء عبر طرق ترابية في رحلة شاقة بلا طعام استغرقت يومين، وكانت هذه الرحلة الى مدينة الرقة السورية .

أدخلوا النساء في سجن مظلم وقذر تحت الأرض لمدة أسبوع كامل، وأجهضت إحدى الحوامل جنينها وهي من حي النصر في شنكال، نقلونا الى سجن في الغابات في الرقة، حتى أجسامنا لم يلامسها الماء فأصبنا بالجرب.
خادمة في بيت داعشي

تواصل نورا الحديث: هناك جاء عنصر داعشي وطلب مني مرافقته الى بيته للعمل كخادمة، ولسوء الحظ كانت زوجته قاسية تضرب الأطفال بعنف يومياً.. وبعض الأحيان تخرج الدماء من أنوفهم وحينما أسألها لماذا؟ تغضب وتطردني وتنهال علي بكلمات نابية اعتدت سماعها منها، لكن ماذا يمكنني أن أفعل، على الأقل كنت هنا محافظة على شرفي.

في أحد الأيام أخبرها زوجها أبو محمد، بأنه قرر بيعي الى أحد عناصر التنظيم وسيبقي فقط على طفلتي الجميلة، كان هذا قبل ان يلتحق بالمعركة ويعود لينفذ قراره، عندها ضاقت الدنيا بي وقررت الهروب مهما كان الثمن.

أنقذتني امرأة

أدركت نورا أن ما ينتظرها هو العذاب فهو سيبيعها الى عنصر داعشي يغتصبها رغماً عن إرادتها وسيأخذون طفلتها منها، حملت نورا أطفالها وخرجت في الساعة السابعة صباحا، وابتعدت عن دور الدواعش الذين يقطنون في الدور الفاخرة.. وتوجهت لثلاث عائلات طالبة المساعدة.. لكنهم رفضوا، كانوا خائفين من بطش “الدواعش”، واصلت سيرها بين الدور حاملة أطفالها وهم يصرخون من الجوع والتعب والخوف.

وبينما كانت تقطع الشوارع ويتغلب عليها الخوف خشية أن تقع بيد عناصر التنظيم مرة أخرى استوقفتها امرأة أشفقت على حالها وقالت لها تعالي معي وليحصل مايحصل فلن أتركك هنا.

كانت نورا تحمل رقم شقيق إحدى الإيزيديات التي كانت معها وأخبرته بأنها حصلت على رقمه من أخواته وهنّ مازلن مختطفات عند تنظيم داعش في الرقة وطلبت منه الاتصال بشقيق زوجها حسين علي صالح.

وبالفعل نجح شقيق زوجها بمساعدة مهربين في إنقاذها وأطفالها، حيث وصلت الى مدينة كوباني وهناك التقت أهلها. “لقد نجحت بالحفاظ على شرفي وأطفالي بعد أشهر من الآلام والمعاناة والحرمان والإهانة.”