لحاظ الغزالي تفكك شفرة الأمراض الوراثيّة
آمنة عبد النبي/
خطفت حفيدة انخيدونّا لقب الغزالي الفذّ، وحلقت به حول العالم كأول عالمة جينّات عراقية بدرجة بروفسور عالمي، تفوح من بين كلماتها رائحة القصب البردي، وملوحة خبز التنور الجنوبي الطيّب. تجمع توليفة معرفيّة نادرة بتخصص طب الأطفال الذي نالت فيه شهادة جامعة بغداد عام ١٩٧٤، ومن ثم غادرت بلدها العراق بعد هذا التأريخ بسنتين ، متوجهة الى مدينة لندن في وداع طويل.
جامعتا “ادنبره وبيبدز” في المملكة المتحدة، كانّتا المحطة العلميّة الأولى التي انطلقت منها عالمة الجينات العراقية المغتربّة د.لحاظ الغزالي، كمختصة ساهمت في تعريف أكثر من 15 جينا متنحياً، وفي إيجاد 7 خرائط جينية لأمراض مختلفة، وقدمت معلومات مهمة عن المواصفات الإكلينيكية وتأريخ العديد من الأمراض الوراثية، فسمي اثنان من هذه الأمراض باسمها تكريما لها، بعد انّ استحقت ارفع جائزة تُمنح في مجال العلوم “لوريال – يونسكو” تسلمتها شخصياً من الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي في قصر الأليزيه، حرصاً منه على تكريم المرأة في أعلى المستويات العلمية.
آراء تخصصيّة
حقيبة البحث الجيني المسافر خارج أسوار الوطن، لم تُتعب كتف تلك السومرية التي كبرت داخل بيت العائلة وغادرته منذ سبعة وثلاثين عاماً، تربت بداخله مع ثلاث بنات وصبي واحد، تفرقوا جميعهم بين بلدان المهجر، بعد انّ كانوا يجتمعون بين حيطانهِ مثل أوطان صغيرة، برغم انّ الابنّة الطيبة لحاظ الغزالي صارت من القياديين في علم الجينات ومن الرواد في الأبحاث الجينية في المنطقة العربية والغرب، إذ عملت على نشر الوعي والمعرفة لأكثر من 17 عاما في الدول العربية، لاسيما لكثرة التزاوج بين الأقارب وظهور الأمراض الوراثية في هذه المنطقة، وتعرفت على العديد من الأمراض الجينية الجديدة، كما ساهمت في تحديد العديد من مواصفات الأمراض الوراثية على المستويين الإكلينيكي والجزيئي لذلك قامت بتأسيس مركز أبحاث وخدمات جينية في دولة الامارات العربية المتحدة التي كرمتها بجائزة الشيخ حمدان للشخصيات الطبية المتميزة.
الدكتورة الغزالي لها آراء تخصصيّة مُبشرة بكسرِ انفة التكبر الجيني العنيد، تقول فيها: إن الأمراض الوراثية تبدأ من أحد الأجداد وتنتقل إلى الأحفاد، هناك زيجات كثيرة بين الأقارب، وهو ما يضاعف احتمال انتقال المرض الوراثي إلى الأبناء، والحقيقة أننا جميعا قد نكون حاملين لأخطاء وراثية، ولكن لا ندري عنها أي شيء لأنها موجودة عند الزوج والزوجة في الوقت ذاته وقد يجتمع الخطأ الوراثي عند الطفل، إذا كان هناك الخطأ الوراثي ذاته لدى الزوجة والزوج. وتتعاظم احتمالات إصابة الطفل بذاك الخطأ الوراثي لدى الزوجين القريبين لأنهما ينحدران من جد واحد، حيث إن العلماء أحصوا وجود 30 ألف جينة في جسم الإنسان، طبقاً للخارطة الوراثية. ولكن لا أستطيع إعطاءك رقماً دقيقاً حول عدد الجينات الحاملة للأمراض الآن.
مسألة بالغة الصعوبة
وأكرر القول إن إيجاد أدوية لعلاج الجينات الحاملة للأمراض الوراثية مسألة بالغة الصعوبة حتى الآن. أما الطريقة التي يجدون بها علاجا في الوقت الحاضر، والتي يسمونها «جين ثربي» أو علاج المورثات، لاتخلو من مشكلات مثل السرطان، فهناك الكثير من الأطفال الذين يخضعون لعلاج المورثات قد توفوا، ولكن العلماء يحاولون الآن إيجاد طرق أخرى للعلاج.