ما بيـــن مرارة الزواج وظلم الأهل سحب الأطفـــال ثمن تدفعهُ الأمهات!

223

هند الصفار/

بعد أن كان زواجهن سجناً حرمن فيه من الحرية وذقن بداخله ألوان التعنيف والحرمان لذا عد طلاقهن انتصاراً وخروجاً إعجازياً من الحبس، ولكن يبدو أن رياح الحرية الموهومة تجري بما لا تشتهي النفوس النسوية الحائرة والغارقة بفخ السؤال الأكثر إيلاماً وكلفة وإهمالا..
ماذا بعد خلع خاتم زفاف الفتاة التي عادت منكسرة لبيت اهلها وتحمل لقب مطلقة وتجر بيديها طفلاً غير مرحب به ولا يعرف عن أبيه شيئاً، وهل أن الحياة المُدللة التي تركتها كبنت وعادت إليها منفصلة لا تزال متاحة أم أن الثمن الذي ستدفعهُ كفيل بجعلها تترحم على أيامِ السجن الزوجي المُرعب.
نار الزوج وعذاب الاهل
بقلبٍ كسير وتعنيف مُر انفصلت عن زوجها بسبب سوء أخلاقه، لديها بنت واحدة فقط، وكانت أمنيتها أن تحتضن ابنتها بحكم عمل والدها وعدم اهتمامه بها، إلا أن والدها رفض رفضاً قاطعاً أن تأتي رقية لتعيش مع والدتها لأنه-وحسب قوله-لا يستطيع تحمل مسؤوليتها أمام أهل والدها.تقول المنكوبة أم رقية:
إن حرقة قلبي وغصته باحتضان ابنتي لا يعادلهما أي ألم، لأني أعرف أنها ستحرم مني ومن والدها، وهذا ما حصل، فقد رماها الى حضن جدها وجدتها وأهمل رعايتها، وهي تحس أنها غريبة وغير مرتاحة، وقد تركت دراستها، ووالدها يعاملها بصورة سيئة وأنا لاحول لي ولا قوة.
حاولت أم رقية أن تستأجر مكاناً خاصاً لها ولابنتها، إلا أن والدها رفض أن تعيش ابنته وحفيدته لوحدهما وإن كان البيت قريباً منهم. أم رقية الآن تتكلم وهي تذرف الدموع في آن واحد ألماً على حال ابنتها وعلى ألم فراقها واغتيال أمومتها.
هرج ومرج في البيت
أم سجاد.. الأم لثلاثة أطفال، انفصلت عن والدهم بسبب تقصيره وتعنيفه، وأرادت الاحتفاظ بحضانة الأطفال، لكن إخوتها وأهلها لم يحتملوهم ولو لبضعة أيام بسبب وجود أولاد إخوتها، إذ أصبح البيت في (هرج ومرج) حسب تعبيرهم، وأنهم أولاد غرباء ينتمون الى والدهم. تقول أم سجاد: لقد تعرض أولادي للضرب والإهانة والتجويع من قبل أهلي، ما اضطرني الى أن أعطيهم لوالدهم، ولا أحد سوى الله يعلم مقدار ألمي وحرقة قلبي عليهم، وأنا أعلم جيداً بأنهم سيضيعون بين أجدادهم وأعمامهم.
أب حاضر غائب
لا يفرق حال فاطمة عن سابقتيها، فوالد بناتها يعمل ويغيب كثيراً، وهي لا تستطيع القيام بحضانة بناتها بسبب أهلها وفقرهم وعدم موافقتهم على أن تعيش مع بناتها عندهم، وبذلك أصبحت حضانتهم لأبيهم الذي لا يعرف عنهن سوى كلمة “هلو بابا”. تقول فاطمة بألم: أرجوكم.. بناتي صغيرات جداً ومتعلقات بي كثيراً، أريد أن احتضنهن، أريد أن أربيهن تربية جيدة مفعمة بالحنان، لكن حسبي الله على من ظلمني وحرمني منهن.

الحضانة وتأهيل الوالدين
(د.حسين علي مفتن) مختص بالطب النفسي ورئيس اللجنة النفسية في وزارة الصحة، يقول :
إن دور اللجنة يقتصر على ما يرسله القاضي للتأكد من سلامة الوالدين نفسياً وأهليتهما للحضانة، ونحن لا نتدخل في قرار القاضي الذي يدرس الظروف من جميع النواحي ليقرر لمن تكون الحضانة، ولاشك أن حرمان الأم من حضانة أطفالها قسراً قد يؤدي الى أمراض نفسية، وهذا ما نلاحظه خلال عملنا اليومي في معالجة الحالات المرضية، فالأم التي يرفض أهلها أن تحتضن أطفالها تبقى تحت تأثير ضغط نفسي عال، وقد تصاب باضطرابات: مثل صعوبة النوم، وصعوبة التفكير، وازدياد الكآبة وتمني الموت والانتحار، كما قد يؤدي ذلك الى الاضطراب الذهاني.
قانون يحمي حقوقهن
القاضية (د.بشرى العبيدي) المفوضة السابقة في مفوضية حقوق الإنسان، تؤكد من جانبها: إن
حل هذه المشكلات يجب أن يكون قانونياً، لو كانت هناك محفزات تجعل الأهل يقبلون بأن تحتضن ابنتهم أطفالها لما حدث الحرمان للأم، ولو أن هناك قانوناً لا يسمح بالتحكم بالمرأة وأولادها، ولاسيما إذا كانت قادرة على إدارة شؤونها وأولادها، لما
حصل ذلك، نحن نحاول منذ زمن إيجاد حلول قانونية وتشريعها كي تتمكن الأم من حضانة أطفالها حسب رغبتها ودون تدخل أطراف أخرى. هناك تعنيف أسري تتعرض له غالبية النساء والأطفال ونتمنى أن ننجح في تشريع قانون يحمي الجميع ويحفظ حقوقهم، وبالأخص المرأة التي تتعرض للظلم والاضطهاد،
سواء من أهلها أم من المجتمع أم من زوجها، الى غير ذلك.