متردد ومتمارض ومنعزل خجلي دمّر حياتي!

192

افتح قلبك صفحة تُعنى بالمشكلات الأسرية التي تصل المجلة عن طريق البريد الإلكتروني أو أرقام هواتف المجلة نضعها أمام مجموعة من المتخصصين بقضايا الأسرة والمجتمع لإيجاد حلول لها.

المشكلة…

يعرض السيد (ح.ي)، في رسالته التي بعثها الى (افتح قلبك)، جانباً من مشكلته النفسية التي يعاني منها، وأصبحت أشبه بحالة مرضية، اذ يقول:
“أنا شاب خجول، على الرغم من أني تجاوزت النصف الأول من عشرين عمري. أحببت -منذ شهور- فتاة قريبة لي، وهي كانت مهتمة بي وتطيل الحديث معي. وازداد حبي لها بمرور الأيام، لكني لا أستطيع مصارحتها بحبي لها، فأنا بطبعي خجول جداً، حتى مع أهلي، وكثيراً ما يتندر علي إخوتي وأخواتي. أريد الإفصاح عن حبي لكن لساني معقود. في أحد الأيام كنت ضيفاً في بيتهم، فلاحظت وجود ضيوف غرباء لم ألتق بهم سابقاً، وحين سألت عن هؤلاء الضيوف، أجابتني أمها بأنهم جاءوا لخطبة ابنتها. صدمت في تلك اللحظة وخرجت من البيت مسرعاً بذريعة ألم في معدتي، لكني في اليوم التالي عرفت أنها رفضته بشدة، بل وجاءت لزيارتنا فجلسنا معاً وتحدثنا كثيراً، وقالت لي “إنك في ذلك اليوم لم تكن متوعكاً إنما تمارضت.” وقالت بصراحة إن ما أشعر به تشعر به هي أيضاً وإنها تبادلني نفس الإحساس، لكني لا أستطيع الاعتراف لها لأني لا أمتلك شجاعتها، كما أني موظف في بداية مشواري الوظيفي ولست على استعداد مادي لخطوة الزواج على الرغم من حبي الصامت لها.”
في السطور الأخيرة من رسالته يطلب النصيحة في تجاوز مشكلته هذه ويسأل: ما هو الحل برأيكم؟

الحل…

الدكتورة شيماء العباسي، الاختصاصية التربوية النفسية، أجابت على الرسالة قائلة:
في البداية لابد من أن تعرف أنه ليست هناك طريقة للتخلص من هذا الخجل إلا عبر الخجل نفسه.. ماذا أقصد هنا؟ أقصد إنه لابد لك من محادثة حبيبتك، وسأذكر لك لاحقاً كيف تصارحها حتى تتخلص من هذا الخجل وتكون جريئاً، لأن الحياة وتعقيداتها تسحق الجبناء، ولا أقصد أنك كذلك، لكن الخجل يا بني قد يسرق منا فرصاً لن تعود مرة أخرى لنا. إذن دعنا نتحاور أنا وأنت ونناقش حالتك، لأسألك: ماهو أسوأ شيء يمكن أن يحدث إذا صارحتها؟! ثم ما الذي ستفقده إذا استسلمت لخجلك ولم تصارحها ولم تكلمها؟ هنا عليك أن تقارن بين الحالتين ثم تختار. وتذكر: أن الفرص لا تتكرر، وتصور أن حبيبتك ذهبت، وبعد سنوات التقيتما بعد أن تكون قد تزوجت، أو أياً ما حصل، فماذا ستقول لها؟ كنتُ أخجل!! لقد أضعتك لأني أخجل!!
لذا عليك يابني العزيز أن تستجمع قواك وأن تكون شجاعاً وجسوراً وامضِ الى ما تريد، فإن لم تفعل فسوف تخسر الكثير في حياتك، ليست فقط الحبيبة، وإنما ستخسر كل شيء جميل بسبب خجلك. لذا عليك أن تعتمد على نفسك وتتبع الخطوات الآتية: أن تخرج من حالة الخجل وتجلس مع أسرتك وتشاركهم الأحاديث والمناسبات، وأن تخرج معهم للتنزه أو للتسوق، كذلك عليك أن تسهم في الأنشطة المشتركة من خلال الاشتراك في النوادي والمراكز الرياضية والعائلية، كما أن عليك أن تكوّن علاقات صداقة، سواء من خلال العمل أو مع أصدقاء في النوادي او المراكز الرياضية، على أن تكون هذه الصداقات مع كلا الجنسين أيضاً. كذلك من الممكن أن تتخلص من حالة الخجل من خلال اشتراكك في أعمال إنسانية تطوعية ومساعدة المحتاجين.
أما بخصوص حبيبتك فإن عليك أن تتكلم معها وتصارحها من خلال استكشاف مشاعرها تجاهك عن طريق المجاملات والتعامل بلطف ورومانسية، وراقب ردود فعلها على هذه المجاملات والتصرفات التي تلمح من خلالها أنها تعجبك إذا ابتسمت وتوردت خجلاً أو شعرت بالإحراج أو بادلتك كلمات الإعجاب، ما يعني أنها فهمت ما تلمح لها. أما أنت ياعزيزي فسوف تشعر في البداية بأنك محرج وأن نبضات قلبك تعمل بسرعة، وتشعر بتوتر وتلعثم في الكلام، وهذا كله شيء طبيعي في البداية، لكن لا تفقد ثقتك بنفسك، بل واصل الحديث، إذ أنك بعد فتره قليلة ستشعر بالقوة، وأن الخجل بدأ يقل لديك.
وهناك نقطة مهمة، فعند مصارحتك لها لابد من أن تكونا لوحدكما، ويفضل أن تدعوها للغداء او العشاء، وأن تقدم لها هديه وتقول لها “أحضرت لك هدية بسيطة ذكرتني بك.” بعدها تفتح معها الحوار وتسألها عن وضعها في البيت والعمل تمهيداً لمصارحتها بالإعجاب بها وبشخصيتها، وحاول أن تكون متماسكاً أمامها عند مصارحتها لتشعرها بالأمان والحب وبأنك السند لها في المستقبل، وأخبرها بأنك معجب بها وجهاً لوجه. لا تتصل بها ولا ترسل لها رسالة نصية، بل أخبرها وجهاً لوجه. قد يبدو الأمر لك مرعباً، لكنه سيعني لها الكثير، كما سيعالج حالة الخجل لديك ويسهل لك الحديث معها ويمنع لحظات الحرج.
لذا أرجو منك أن تتبع وتعمل على وفق هذه النصائح، ويمكن أن تعتبرها فرصة لتطوير نفسك وعلاقتك مع عائلتك ومع حبيبتك ومع الآخرين. ومع مرور الوقت ستكون شخصيتك قوية متماسكة وثقتك عالية بنفسك وتتخلص من حالة الخجل. وأنا على ثقة بأنك شاب مثقف وقوي، بدليل أنك عرفت وشخصت الحالة التي تعاني منها وأرسلتها لنا لنسهم معاً في تجاوز هذه الحالة لديك.
أخيراً أرجو من الله أنني وفقت في نصحك وأنتظر منك رسالة أخرى تخبرنا بأنك تجاوزت كل الحالات السلبية التي تعاني منها وأصبحت شاباً شجاعاً واثقاً من نفسه ومن قدراته. أدعو الله أن يوفقك وينور لك حياتك ويسدد خطاك وأن تتزوج من حبيبتك وتكونا معاً أسرة سعيدة في المستقبل.