ميزانية الأسرة بين التدبير والتبذير

600

فكرة الطائي/
تباينت الآراء بشأن موضوع تنظيم اقتصاديات الأسرة بين أيهما أقدر على إدارة تلك الميزانية بشكل يلبي متطلبات الأسرة، إذ أن النجاح في الإدارة المالية أمر أساسي في نشر أجواء السعادة في رحاب الأسرة، ما ينعكس بالإيجاب على تقدم الأسرة وسعيها المتواصل في النجاح على المستويات الحياتية المختلفة،
إن التخطيط الجيد المتوازن يجنب الأسرة الأزمات المفاجئة، أو المتغيرات غير المحسوبة، التي قد تكون خارج فضاء الأسرة .
كان السؤال محدداً لكي نحصل على إجابات واضحة تغني الموضوع فكان السؤال: “أيهما أقدر على تنظيم اقتصاديات الأسرة، الزوج أم الزوجة ؟” وكانت الإجابات متباينة بين الزوجات والأزواج، وهذا التباين هو في تنوع المسؤوليات وتبادل الأدوار في تحمل المسؤولية بين الزوج والزوجة عبر التعاضد والإسناد والمشاركة وتفاعل الآراء .
المال المخصص في المكان المناسب
تقول رسل قاسم (موظفة): “أعتقد أننا -معشر النساء- أكثر قدرة على إدارة ميزانية الأسرة بدقة كبيرة، فلأننا نعرف جيداً احتياجات أسرتنا، فإننا نستطيع أن نتدبر أمور البيت مالياً، ونضع كل دينار في مكانه المناسب.”
واتفقت يمنى فيصل (موظفة قطاع خاص) في أن “المرأة أكثر اهتماماً من الرجل في الأمور البيتية، وما تحتاجه من نواقص، لأنها تتعمق في تفاصيل بيتها وتعيش معها بشكل يومي، لذلك توظف الإنفاق الأسري في مكانه الصحيح “.
العاطفة والإسراف
يرى الشاب محمد جميل (أعمال حرة) رأياً مختلفاً عما سبق، إذ يقول: “أكاد أجزم بعدم تحميل الزوجة مسؤولية تدبير الشؤون الاقتصادية للأسرة، لأنها عاطفية، فهي دائماً ما تخضع لرغبات الأولاد الثانوية، ما يؤدي الى هامش من الإسراف غير المبرر، الذي قد يكون في مقبل الأيام سلوكاً عاماً في مصاريف الأسرة، ما يثقل ميزانية الاسرة، إذ يكون الإسراف سبباً رئيساً في القضاء على الميزانية الشهرية قبل موعدها، ما يشكل عجزاً مالياً للأسرة.
تدبير مشترك
يقول السيد رحمان كاظم (متقاعد): إن “إدارة وتدبير اقتصاد الأسرة مسؤولية مشتركة بين الزوجين، من خلال الحوار ومناقشة المتطلبات البيتية على مدى اليوم أو الأسبوع أو الشهر، في ضوء الميزانية العامة لدخلنا الشهري، لذلك فإننا نرسم ميزانيتنا رسماً دقيقاً حسب دخلنا الشهري، ولا يوجد إنفاق زائد عن الحاجة، وإنما هناك تقنين في الإنفاق يسهم في ادخار جزء بسيط للطوارئ “.
التهرب من المسؤولية
السيدة نغم كريم (ربة بيت) قالت: “منذ بداية زواجي وأنا أهرب من تحمل المسؤولية المالية، لأني أرى نفسي غير قادرة على تنظيم الصرف والاستجابة لطلبات العائلة، فضلاً عما مررت به من تجارب في بيت أهلي ومعايشتي لخلافات أبي وأمي في مصاريف العائلة، وأنا لا أريد أن أكرر تلك التجربة “.
* هل ترين أن الرجل أقدر على تدبير ميزانية العائلة في هذه الحالة؟
_ “لا، لست متيقنة من ذلك، لكني -على المستوى الشخصي- لا أريد أن أتحمل هذه المسؤولية وأدخل في دوامة المشاكل اليومية

ميزانية محدودة وطلبات لا تنتهي
وإذا كانت السيدة نغم قد فكرت في التهرب من المسؤولية الاقتصادية، فإن السيد ماجد جواد (موظف)، ألقى بتلك المسؤولية على زوجته، إذ قال: “من أجل عدم التفكير بأي شيء يخص المصاريف اليومية للأسرة فإني اعتمدت على زوجتي في تنظيم وترتيب وإدارة ميزانية الأسرة، أذ أني لا أريد وجع الرأس من طلبات الأسرة التي لا تنتهي “.
* وهل كانت الزوجة على قدر المسؤولية؟
_ “نعم، كانت وما زالت على قدر عال من المسؤولية في ترتيب وتنظيم ميزانية الأسرة، حتى في ظروف المتغيرات في أسعار السلع والمواد الغذائية، فقد كانت –بحق- نعم الزوجة المدبرة المخططة لسعادة الأسرة ونجاحها، وهذا ما جعلني لا أخشى المتغيرات في المستقبل “.
لكل أسرة طريقة حياة
قول الفصل هنا لأهل الاختصاص، لذلك كانت المحطة الأخيرة مع الدكتورة سحر كاظم -جامعة بغداد – كلية الآداب – قسم الاجتماع التي قالت: “لكل أسرة طريقة حياة تبنى على تفاهمات وظروف يختلف بعضها عن بعض، لذلك تختلف أساليب تخطيط وتنظيم حياة أفرادها حسب المدخلات الاقتصادية ومخرجاتها، وليس بالضرورة أن يكون أغلب أفراد الأسرة يعملون ولهم مصادر رزق خاصة، ما يدل على أنها أسرة مرفهة، والعكس صحيح. لذلك فإن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تتحكم في أغلب الأحيان بطريقة تنظيم صرف النقود أولاً، وإدارة الشؤون الاقتصادية ثانياً، فكلما كانت مساحة المشاركة في التخطيط بين أعضاء الأسرة الواحدة كبيرة وتتمتع بالمرونة، اتجهت العائلة الى الاستقرار والسيطرة على إدارة أزماتها التي قد تواجهها مستقبلاً. وهنا يظهر دور الأم والأب وأيهما أكثر حكمة وأكثر سيطرة في إدارة شؤون الأسرة اقتصادياً، فكلما كانت المرأة ذات شخصية حازمة في تمييز الأمور، الأهم من المهم، كلما كانت أكثر قدرة على تحمل المسؤولية. وعلى الصعيد العام تكون المرأة أكثر قدرة في تحديد الحاجات الرئيسة والثانوية، وبذلك يعتمد عليها في ضبط ميزانية الأسرة، والدليل على ذلك أن المجتمعات بشكل عام، والعراق بشكل خاص، وفي كل الظروف القاسية والصعبة التي عاشتها الأسرة، كان للمرأة حضور مميز وفاعل في تدبير الشؤون الاقتصادية للأسرة.