هوس العلاقة السريَّة في حياة المتزوج!

173

افتح قلبك صفحة تُعنى بالمشكلات الأسرية التي تصل المجلة عن طريق البريد الإلكتروني أو أرقام هواتف المجلة نضعها أمام مجموعة من المتخصصين بقضايا الأسرة والمجتمع لإيجاد حلول لها.

المشكلة…
السيد ك.م . بعث برسالة مطولة الى صفحة (افتح قلبك) يشرح فيها وضعه الخاص، فهو يعيش حالة حب على الرغم من أنه متزوج ولديه أسرة. يقول في تلك الرسالة -التي نقتطع منها الفقرات التي تعرض المشكلة-: “أنا رجل في الأربعين من عمري، متزوج ولي من الأولاد ستة، منذ سنوات تعرفت إلى فتاة في العشرين من عمرها، شابة جميلة، أحببتها حباً لا يصدق، وهي تعرف أني مجنون بها ولا يمكن أن أعيش من دونها ومن دون رؤيتها أو سماع صوتها، وأنا طوال هذه السنوات لم أتيقن من حبها لي، لكنها لم تقطع العلاقة، وحتى عندما أغيب عنها تبادر هي بالاتصال بي مستفسرة عن أسباب الغياب. في مرات أشعر أنها تلعب بمشاعري أو بعواطفي، وأظن بها الظنون في أنها غير صادقة في علاقتها معي، فضلاً عن أمور أخرى تثير شكوكي، وفي أحيان أخرى أقتنع أنها تبادلني نفس المشاعر، ان استمرار علاقتي معها معناه تحطيمي وتحطيم كيان الأسرة الذي تعبت في بنائه لسنوات طوال، حالتي تزداد سوءاً يوما بعد يوم، ولا أعرف كيف أتصرف معها أو مع عائلتي.”
في ختام رسالته يطلب المساعدة في إيجاد الحل المناسب الذي يحفظ له سعادته وأسرته في آن واحد.

الحل…
الدكتورة شيماء العباسي، الاختصاصية التربوية النفسية، أجابت على الرسالة قائلة:
دعني أبدأ بالدخول الى جوانب مشكلتك التي طرحتها بإسهاب. سيدي الفاضل، أنت تحدثت عن نفسك ولم تتحدث عن زوجتك، فهل تزوجتها عن حب؟ وما طبيعة علاقتكما الزوجية؟ وكيف تم التعارف مع حبيبتك؟ هل كان التعارف عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم كيف؟
عموماً.. لنبدأ بحبيبتك، اعلم سيدي الفاضل أنك تحب فتاة مراهقة، لأنك ذكرت أن عمرك أربعين سنة وأنها تصغرك بعشرين سنة، بمعنى أن مشاعرها غير مستقرة وغير ناضجة، وهذا مالمسته أنت بنفسك من خلال تعاملك معها، فهي تمر بمرحلة عمرية حرجه تكون المشاعر والأحاسيس فيها غير ناضجة، فقد تشعر في وقت من الأوقات أنها تحبك ولا تستطيع الاستغناء عنك، وفي فتره أخرى تكون بعيدة كل البعد عنك ولا ترغب حتى بسماع اسمك، ومن الممكن أن يكون تعلقها وانجذابها الى رجل كبير ومتزوج ولدية أبناء، هو حرمانها من حنان الأب وصورة الأب الحنون. لذا فأنا لست مع هذه العلاقة غير المتوافقة وغير المتوازنة من كل الجوانب، التي قد تكون نتائجها سيئة وخطرة عليك أنت بالذات مستقبلاً، وانعكاساتها السيئة على عائلتك التي كونتها، وحتى على أبنائك الذين يرون فيك الأب المثالي والقدوة الحسنة لهم، ويتباهون ويتفاخرون بك أمام الآخرين.
لهذا سيدي الفاضل أنصحك أن لا تنجرف مع عواطفك الوهمية هذه، التي يمر بها غالبية الرجال في هذا العمر، التي نطلق عليها (نفسياً) أزمة (منتصف العمر)، التي يرغب فيها الرجال بالرجوع إلى مرحلة الحب والمراهقة. وعليك هنا أن لا تنسى أن العلاقة الزوجية التي ترغب أن تخوضها للمرة الثانية ستكون على حساب انهيار وتحطيم وخسارة أسرة كاملة، بدءاً من خسارة نفسك أولاً، وخسارة زوجتك وأولادك ثانياً. بالإضافة الى الخسائر المادية والمعنوية الأخرى. وليكن في علمك أن العلاقة الزوجية يجب أن تكون متكافئة ومتساوية، ويجب أن لا يزيد فارق السن بين الزوجين عن خمس إلى عشر سنوات كحد أعلى، فعندما تبلغ أنت سن الستين ستكون حبيبتك بعمر الأربعين سنة، اي أنها ستكون في قمة تألقها وحيويتها، بينما ستظهر عليك علامات فارق السن، وبالتالي لن تجد حبيبتك من يجاريها في متطلباتها الزوجية والحياتية.
لذا عليك أن تفكر جيداً في كل هذه الأمور، وبما انك محب لها الى درجة الهيام، فإن عليك أن تفكر بمصلحتها إذا كنت فعلاً محباً لها، فالمحب دائماً يفكر ويبحث عن سعادة وراحة ومصلحة الحبيب. ألم تفكر بهذه الحبيبة الصغيرة لماذا تتزوجك أنت الرجل المتزوج وصاحب الأبناء الستة؟ أليس من حقها أن تتزوج شاباً يكون مقارباً لعمرها، غير متزوج وتبدأ الحياة معه كما بدأتها أنت مع زوجتك وأنجبتم أبناءكم؟ نصيحتي لك سيدي الفاضل، وأنا واثقة من أنك رجل مثقف وواعٍ ومدرك للحياة وصعوبتها وستعمل بنصيحتي لأنها لمصلحتك ومصلحة عائلتك، عليك أن تنسحب من هذه العلاقة حتى وإن كانت في نظرك علاقة صحيحة، لأنك الآن لست رجلاً عازباً، ونفسك وحياتك ليستا ملكاً لك وحدك، بل إن لديك زوجه وأبناء أنت مسؤول عنهم أمام الله والمجتمع.
لذا فإن عليك أن تجلس مع هذه الفتاة وتوضح لها كل الأسباب التي ذكرتها لك، وأن انسحابك منها هو لمصلحتها هي، فلا تنجرف وراء عواطفك الوهمية هذه، فهذا ليس حباً، صدقني، بل نكوص وعودة لاشعورية الى مرحلة المراهقة التي قد تشعر أنك لم تعيشها في وقتها، لكن عودتك الى هذه المرحلة ليست صحيحة، وسوف تنتهي وتفيق منها. أرجو أن تغادر هذه المرحلة العاطفية النفسية غير السوية بسلام وبدون خسائر معنوية ومادية ونفسية.
أخيراً.. أسأل الله أن يزيدك هدىً وهداية، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير وهو ولي ذلك والقادر عليه.