وداعا فردوس المختار

1٬659

#خليك_بالبيت

ثريا جواد /

غيّب الموت في الـخامس من شهر آب الجاري الفاضلة والمربية الحاجة (فردوس المختار) التي تعد مع السيدة (نزيهة أديب) التي رحلت قبلها من أهم عمالقة المطبخ العراقي والعربي من خلال كتابهما الشهير(دليل الطبخ والتغذية).
إعلامياً، كانت المختار وأديب بعيدتين عن الأضواء رغم أن كتابهما قد صدرت الطبعة الأولى منه عام ١٩٦٦، وأعيد طبعه لعشرات المرات، ١٦ منها بعلمهما والأخرى (سرقة حقوق المؤلف)، وهناك نسخ منه على مواقع الكتب الإلكترونية. لذلك فإن بعض فقرات هذه المادة من الإنترنت .
الكتاب-المرجع
يعتبر هذا الكتاب، الذي يشكل تاريخياً أول كتاب طبخ وتغذية يصدر في العراق في القرن العشرين، ومن أقدم الكتب في هذا المجال عربياً في التاريخ نفسه، مرجعاً مهماً وضرورياً لكل امرأة عراقية، ولاسيما قبل ظهور النت والتكنولوجيا الحديثة، فقد أعان المرأة على معرفة كل فنون الطبخ وصناعة الحلويات وكل أصناف الأطعمة الشهية واللذيذة والتي تزيد على 900 وجبة من المطبخين الشرقي والغربي، فضلاً عن النصائح والتوجيهات عن الأكلات الصحية وترتيب المائدة وآدابها.
والكتاب (دليل الطبخ والتغذية)، كما يصفه الناشرون، يعد تحفة فنية رائعة وموسوعة غذاء وتغذية، وعند صدوره كان الأكثر مبيعاً وانتشاراً، وحظي بنجاحات كبيرة لأنه مكتوب بأسلوب مبسَّط وخفيف ولا يحتاج إلى مواد معقدة، فتراه موجوداً تقريباً في كل بيت وفي متناول كل سيدة عراقية منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا.
في مادة منشورة سابقاً عن رحيل السيدة نزيهة أديب (آذار ٢٠١٩) نقرأ أن المختار وأديب أمضيتا سنتين في ترتيب فصول الكتاب وتجربة الطبخات التي يحتويها. ونقلاً عن الدكتور سعد ناجي جواد في إحدى كتاباته “أن كلاً من السيدتين الفاضلتين (فردوس المختار ونزيهة أديب)عندما اتفقتا على تأليف هذا الكتاب الموسوعة كانتا تجريان التجارب على كل أكلة قبل أن يدوناها، ولا يفعلان ذلك إلا بعد إتقانها ولهذا جاءت كل الوصفات مكتملة.” وكتجربة أولية تم طبع 1000 نسخة من الكتاب في طبعته الأولى لمعرفة ردود أفعال الناس تجاه مثل هذا النوع من الكتب، واقتصر على الأصدقاء والمعارف، وكانت النتيجة مذهلة، إذ لاقى الكتاب صدىً واسعاً من ربّات البيوت والأسر العراقية والطلب المستمر من المكتبات في بغداد والمحافظات، وبالفعل توالت طبعات الكتاب وبشكل منقح حتى بلغت ست عشرة طبعة حتى اليوم.
فصول الكتاب
يحتوي الكتاب على 9 فصول، يضم الأول أهم الأدوات الضرورية المستخدمة في المطبخ والموازين وتفاصيل أخرى تعنى بصحة الفرد. أما الفصل الثاني فيشمل كيفية إعداد المائدة وطرق تقديم الطعام. والثالث فيه نقاط مهمة وضرورية مثل جدول الأوزان المثالية للمرأة في سن 25 سنة فما فوق، وللرجل في سن 25 سنة فما فوق، إضافة الى البهارات وطرق استعمالها. أما بالنسبة للفصل الرابع ففيه شرح عن (الحساء) وأنواع الصلصات. ويشمل الخامس اللحوم وكل الأصناف التي يدخل في تكوينها. والسادس يشمل الفواكه والخضراوات والبقوليات وجميع أنواع السلطات. ويضم السابع المعجّنات بكافة أنواعها، أما الثامن ففيه الحليب والأجبان وكل أنواع الحلويات. ويختتم الكتاب بالفصل التاسع الذي يشمل المخلّلات والمربَّيات وكيفية حفظ المواد الغذائية.
عن المختار
المعمارية أروى الجواري، ٦٧ سنة، ابنة شقيقة الراحلة المختار تتحدث إلى مجلة “الشبكة العراقبة” قائلة إن خالتها الراحلة تعلمت أصول الطبخ البغدادي خاصة والعراقي عامة من والدتها وشقيقتها السيدة هاشميةً الراحلتين ومن شقيقتها السيدة لطيفة (والدة أروى) واللواتي كن يحضِّرن موائد الضيافة لجدها المرحوم (توفيق المختار) الذي كان نائباً في مجلس النواب الملكي لدورات عدة حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي. والجواري التي تعتبر الطبخ فناً حقيقياً، لا يختلف بقيمته عن العمارة، طباخة ماهرة تتلمذت على أيدي والدتها وخالتها الراحلة، وتؤكد أن الطبخ الطيب نفسٌ يعكس الروح الطيبة.
وتشير الحواري إلى أنها تعلمت الكثير من ترتيب المائدة وآدابها ومقادير الأكلات الصحية وطرق تحضيرها من كتاب المختار الذي ساعدها في أن تكون ربّة بيت ناجحة منذ بداية زواجها. “وما أزال أتعلم من الكتاب”، تقول الجواري، وتذكر أن المختار ولغاية رحيلها المفاجئ كانت تبتكر وصفات أكلات جديدة ونجربها جميعاً، نحن عائلتها، وكما في كتابها، كانت تهتم كثيراً بالأكل الصحي وتؤكد أن نجاح تحضير أية طبخة هو بإتقان خطوات العمل وكانت تهتم جداً بترتيب المائدة.
عن الكتاب
السيدة نيران محمد، ٥٦ سنة – مدرِّسة، تقول إن والدتها أهدتها نسخة من الكتاب مع جهاز عرسها، وهي بدورها اشترت نسخة جديدة منه وأهدتها إلى ابنتها وهي تحضر مستلزمات عرسها، وتشير إلى نقطة مهمة وهي أن مؤلفتي الكتاب، الراحلتين نزيهة أديب وفردوس المختار، كانتا ضمن الكادر التدريسي لمعهد الفنون المنزلية الذي كانت تتخرج منه معلمات درسي التربية الفنية والاقتصاد والتدبير المنزلي للمدارس الابتدائية، وفي نفس الوقت هُن ربات بيوت ناجحات، وتضيف “حتى الآن لا أجد سبباً مقنعاً لإلغاء هذا المعهد المهم والضروري في بدابة سبعينيات القرن الماضي، ولماذا لم تفكر وزارة التربية في إعادته؟” وأكدت أن درس الاقتصاد والتدبير المنزلي كان مهماً جداً، وربما كان سبباً في انخفاض نسبة الطلاق بين الأجيال التي درّستها”.
وتؤكد محمد أن الكتاب ساعدها في أن تكون طباخة ماهرة وعرفت كيف تسيطر على قلب زوجها من خلال معدته.